هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - على الرغم من امتلاك حركة فتح وحماس عددا لا بأس به من الاتفاقيات غير المنفذة لإتمام المصالحة، إلا أن قرار حماس بحل اللجنة الادارية في قطاع غزة لاقى ترحيبا محليا واقليميا.

وهذه الإشارة بثت من قلب القاهرة، لتنذر بقرب توصل الطرفين إلى اتفاق جديد ينهي سنوات من القطيعة السياسية وترى المصالحة النور على أرض الواقع.

وفي العودة إلى تاريخ الإتفاقيات وإخفاقها، وقعت الحركتان على  العديد من الاتفاقيات لكنها لم تنفذ. "النجاح الإخباري" يرصد أبرز المحطات في هذه التفاهمات وهي:

"وثيقة الأسرى"

أولى محاولات إنهاء التوتر الحاصل بين حركتي فتح وحماس بعد  بدأت في منتصف العام 2006، حين أطلقت قيادات فلسطينية معتقلة في سجون الاحتلال الإسرائيلية مبادرة للمصالحة، سميت لاحقاً بـ"وثيقة الأسرى" وقع عليها قادة فلسطينيون ممثلون عن 5 فصائل فلسطينية في سجون الاحتلال.

ولاقت الوثيقة ترحيبا من جميع الأطراف، وتم على إثرها عقد مؤتمر الحوار الوطني يوم 25 أيار/ مايو 2006.

ولكن التوتر ظل قائما، وقد فشلت بعدها وساطات إقليمية عديدة في تهدئة الأوضاع.

اتفاق مكة

وهذا ما دعا السعودية إلى التدخل لتهدئة الأوضاع والتحاور في رحاب الأراضي المقدسة في مكة، في 8 فبراير 2007 م بعد مداولات لمدة يومان برعاية العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله.

وتم خلال الاتفاق على ايقاف الاقتتال الداخلي وتشكيل حكومة وحدة وطنية

وشارك في المداولات التي سبقت الاتفاق العديد من الشخصيات الفلسطينية من الطرفين (فتح وحماس)، كان من بينهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.

رافق اتفاق مكة أجواء من التفاؤل، ولكنه انهار مع أحداث منتصف حزيران في قطاع غزة في يونيو 2007 والتي انتهت بحسم عسكري وانقلاب آلت من خلاله السلطة في القطاع إلى حركة حماس.

لكن هذا الاتفاق لم يصمد سوى أسابيع قليلة، إذ تجددت الاشتباكات المسلحة وتوسعت بين فتح وحماس، وانتهت في 14 حزيران/ يونيو2007، بسيطرة حماس على قطاع غزة، ليتحول التوتر بين الطرفين إلى انقسام سياسي وجغرافي، كان أحد مظاهره نشوء نظام سياسي جديد في قطاع غزة تديره حركة حماس.

وكان محللون قد عزوا أسباب الاختلاف بين الحركتين إلى جملة من العوامل منها: الخلفية الأيديولوجية، وأزمة بناء الثقة، واختلاف البرنامج السياسي، اضافة إلى التدخلات الخارجية والانحيازات السياسية وهي التي لعبت دورا كبيرا في ااستمرار بقاء الانقسام وفق تصورات عدد من المحللين.

"إعلان صنعاء"

وبعد شهور من القطيعة الرسمية بين الجانبين، اجتمعت الحركتان بمبادرة من الرئيس اليمني السابق علي عبد صالح في آذار/ مارس 2008 في اليمن، وقد أسفرت المحادثات بينهما على توقيع اتفاق باستئناف الحوار في إطار المبادرة اليمنية التي دعت إلى إجراء انتخابات فلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، وإصلاح قوات الأمن الفلسطينية على أساس وطني لا فصائلي. ولكن سرعان ما فشل "اعلان صنعاء" بسبب استمرار الخلافات داخلية لاسيما القضايا الجوهرية.

محادثات داكار

وفي شهر يونيو/ حزيران أجرى الجانبان محادثات استمرت ثلاثة أيام، في العاصمة السنغالية داكار، برعاية الرئيس السنغالي عبد الله واد، غير أن هذه المداولات لم تسفر عن أي اختراق حقيقي.

الورقة المصرية

وبعد صمت لأكثر من عامين وتحديدا في أوائل 2009 وبعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، تجددت الوساطة بين الفصائل لتكون هذه المرة مصرية حيث أعدت القاهرة خلاصة أفكارها فيما باتت تعرف بـ"الورقة المصرية" وطرحتها في سبتمبر/أيلول 2009.

وبعد طلب حركة حماس إدخال تعديلات على على الاتفاق ووقت لدراسته، رفضت السلطات المصرية الطلب، ما أدى إلى تجميد المصالحة لشهور عدة.

إعلان الدوحة للمصالحة الفلسطينية

وقعت حركتا فتح وحماس بحضور أمير قطر في العاصمة القطرية الدوحة في السادس من فبراير شباط 2012 اتفاقاً للمصالحة، حيث وقع عليه كلا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس  ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل بهدف تسريع وتيرة المصالحة الوطنية الفلسطينية في ضوء اتفاق القاهرة.

وصف إعلان الدوحة الذي وقعه الرئيس محمود عباس وخالد مشعل في فبراير 2012 بأنه خطوة إلى الأمام في التنفيذ المتوقف لاتفاق المصالحة الفلسطينية الذي وقع في القاهرة في أبريل 2011.

وعاد الحراك مجددا إلى ملف المصالحة بعد لقاء جمع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ورئيس المخابرات المصرية عمر سليمان أواسط 2010، عقد على أثره لقاء بين فتح وحماس بالعاصمة السورية دمشق في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 2010 م.

ورغم الإعلان عن جلسة جديدة أواخر ديسمبر/كانون الأول 2010، فإن اللقاء لم يعقد، وتبادلت الحركتان الاتهامات بالمسؤولية عن تعطيله.

وبشكل عام لم يكن البرنامج السياسي وصراع الصلاحيات المصدر الوحيد للخلاف الداخلي في هذه المرحلة، فقد واكبهما أيضا خلاف قديم جديد بشأن حق مقاومة الاحتلال ومواجهة اعتداءات إسرائيل المتكررة.

وفي مارس 2012 ذكر الرئيس محمود عباس أنه لم تكن هناك خلافات سياسية بين حماس وفتح حيث توصلوا إلى اتفاق على منصة سياسية مشتركة وعلى هدنة مع إسرائيل.

وفي 1 أبريل وصف تنفيذ المصالحة بأنه متعثر مع عدم إحراز أي تقدم في مخطط الانتخابات.

اتفاق القاهرة 2012

في مايو 2012 وقعت حماس وفتح اتفاقا آخر في القاهرة لحكومة الوحدة الجديدة وتنفيذ الانتخابات الفلسطينية بعد ثلاثة أشهر ونصف من إعلان الدوحة، اتخذ اتفاق القاهرة الجديد خطوات أساسية لتنفيذ إعلان الدوحة السابق ولا سيما تسجيل الناخبين الجدد في قطاع غزة وتشكيل حكومة مؤقتة.

اتفاق الشاطئ

ورغم ذلك، فإن الأمور بقيت تراوح مكانها دون أي تغير يذكر، وسط لقاءات على فترات متباعدة بين الطرفين هنا وهناك، حتى اجتمعا في غزة في نيسان/ أبريل 2014، لتعلن الحركتان عن التوصل لاتفاق جديد للمصالحة عرف بـ"اتفاق الشاطئ".

وقد أسفر هذا الاتفاق عن تشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة الدكتور رامي الحمد لله، لكن الملفات الرئيسية لم تحل واستمر الطرفان بتبادل الاتهامات وإجراءات إدارية على الأرض، وظهور مشاكل جديدة.

محادثات الدوحة

حاولت الدوحة منذ 2014، لم شمل الحركتين، من خلال عدة لقاءات، وفي ديسمبر 2015 ويناير 2016 عقدت حماس وفتح محادثات في الدوحة، في محاولة جادة لإنهاء الانقسام، وسمي بـ"التصور العملي لتحقيق المصالحة الفلسطينية".

إلا أن الاتفاق "الخجول" لم يضف أي جديد، وتعرض الاتفاق لانتكاسات بعد الإعلان عن التوصل الى رؤية عملية لتنفيذ المصالحة.

تفاهمات القاهرة 2017

وتزامناً مع زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية للقاهرة على رأس وفد من قيادة حماس الجديدة يحيى السنوار، لبحث العلاقات الثنائية بين حماس ومصر، ومناقشة الوضع الفلسطيني، استجابت حماس للجهود الحثيثة للقاهرة بإنهاء الانقسام وأعلنت حل "اللجنة الإدارية" في القطاع داعية حكومة الوفاق الوطني لاستلام مهامها في القطاع.

ومع إعلان حماس حل اللجنة الإدارية والذي لقي بترحيب فصائلي وأممي، عقدت لقاءات ثنائية بين حركتي فتح وحماس في القاهرة، لإعلان المصالحة والإشراف على تنفيذها.

وقال الرئيس محمود عباس، في كلمته بمستهل الاجتماع الموسع للقيادة الفلسطينية في 26 من الشهر الحالي، إنَّ اليوم هو الثالث الذي نعقد فيه هذه الاجتماعات، فكان الاجتماع الأوَّل لَّلجنة المركزيّة، والثاني للجنة التنفيذية، واليوم هو اجتماع موسّع لكل القيادات الفلسطينية، من أجل أن بحث نتائج  الدورة الـ(72) للأمم المتحدة والمصالحة الفلسطينية.

وأعلن الرئيس خلال الإجتماع عن أنَّ حركة حماس قرَّرت أن تلغي حكومتها التي تسميها لجنة العمل، ووافقت على تمكين حكومة الوفاق الوطني من القيام بأعمالها في قطاع غزة أسوة لما تقوم به في الضفة الغربية، والذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسيّة وهذا أمر من الضرورات القصوى..

وأضاف الرئيس "سنعرض على القيادات كلّها، هذا الموضوع من أجل أن تذهب الحكومة إلى هناك لنرى كيف يمكن أن تتمكن من القيام بمهامها، وسنرى بعد ذلك ماذا يمكن أن يحصل.

وعلى اثر الاجتماع أعلن رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله،  أنَّه وبناء على توجيهات الرئيس محمود عباس قرَّرت حكومة الوفاق الوطني التوجّه إلى غزة غدا لتسلم مهامها، وتحمل مسؤولياتها وفقًا للقانون الأساسي والقوانين النافذة.

وأضاف رئيس الوزراء: "أنَّ البدء بتسلم الحكومة مهامها بقطاع غزة يعني أن تبدأ بتولي مسؤولياتها بشكل فعلي وشامل دون اجتزاء أو انتقاص لصلاحياتها وفقًا للقانون الأساسي، ومن أجل ذلك قرَّرت الحكومة تشكيل عدد من الّلجان الوزارية التي تختص بتسلم المعابر والأمن والدوائر الحكومية ومعالجة آثار وتبعات الانقسام، و القضايا الناتجة عنه كافّة ".

وتعد هذه المرة الأكثر جدية وفق ما صرح به مراقبون ومحللون وقادة سياسيون ووطنيون تجاه إنهاء الإنقسام وسنواته الصعبة على الفلسطينيين، معربين عن أملهم بتحقيق المصالحة وتذليل كافة الصعوبات وتخطيها وأن تنتهي هذه المرحلة القاسية والمؤلمة من تاريخ الشعب الفلسطيني.