هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - تابعت الصحافة الاسرائيلية خطاب الرئيس محمود عباس أمام الأمم المتحدة يوم امس وعقبت على كثير من الأمور التي اعتبرتها تهدد أمنها وسياستها، وكان من بين الردود المهاجمة لمندوب إسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون الذي وصف خطاب الرئيس "أنه مليء بالأكاذيب والتحريض وبمثابة قنبلة موقوتة ستؤدي إلى مزيد من العمليات الموجهة ضد إسرائيل".

وأضاف في تعقيبه على خطاب عباس في الامم المتحدة "الشباب الفلسطيني يصغون إلى خطاب عباس، وسيخرجون لتنفيذ سلسلة من العمليات، وأن أبو مازن اختار أن يمثل الإرهاب على منصة الأمم المتحدة من خلال تصريحاته الخطيرة".

"الرئيس استطاع جلد الضمير الدولي"

وحول انتقادات دانون يقول المحلل السياسي في الشأن الاسرائيلي د. هاني العقاد لـ"النجاح الاخباري" بأن أسلوب دانون السيء معروف لدى الأمم المتحدة، والرئيس استطاع احراج وجلد اسرائيل أمام المجتمع الدولي باعتبارها لا تعترف بمرجعية عملية السلام فما كان من دانون الا أن يكذّب الرئيس.

وأضاف العقاد أن خطاب الرئيس تمتع بلغة متزنة وحادة ولغة جلد الضمير الدولي ما يدل على غضبه من المجتمع الدولي واسرائيل، مطالبا بأن تلتزم الامم المتحدة بمسؤوليتها تجاه انهاء الاحتلال والاعتراف بالدولة وسيستمر النضال حتى ننال حقوقنا كاملة.

"ردا على الانتقادات"

وينوه العقاد إلى أن الخطاب سياسي 100% وليس عاطفي كما انتقده قلة من الاشخاص، وتناول اكثر من موقف وملف وخاصة الحرية والاستقلال والاستيطان والقدس، اضافة إلى أنه جعل الاحتلال والارهاب وجهان لعملة واحدة.

وأضاف العقاد لـ"النجاح الاخباري" أن ما ازعج اسرائيل، هو ربط الاحتلال بالارهاب وانهاءه سبب مهم في محاربة الارهاب، ما جعل الصحافة الاسرائيلية تركز على خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولم تكترث لخطاب الرئيس بهذا الكم في الصحافة الاسرائيلية الرسمية وخاصة صحيفة اسرائيل هيوم الناطقة باسم الحكومة الاسرائيلية.

وأشار العقاد إلى أن اسرائيل ماضية في تدمير حل الدولتين وفرض وقائع على الارض بالاستيطان، ولن تتراجع بذلك طالما المجتمع الدولي ساكنا.

"اسرائيل ستسوق لخطة سلام مؤقتة"

وبعد مطالبة الرئيس عباس بالتعامل مع اسرائيل كاستعمار، يقول العقاد ليس أمام اسرائيل سوى محاولة تشريع الاستيطان والتسويق لحل مجزوء أو خطة سلام مؤقتة لا تقوم على اساس دولة فلسطينية وانما توسيع صلاحيات الحكم الذاتي للفلسطينيين في الضفة مع فرض بعض الصلاحيات على أراضي (ج) واستمرار تهويدها في القدس وباقي المناطق.

ويقول العقاد لـ"النجاح الاخباري" "يتوجب على الفلسطينيين متابعة الخطوات فالخطاب أمام الأمم المتحدة هاما ولكن ليس بقدر مواجهتنا للاستيطان وتكثيف المقاومة، وهذا يحتاج لاستراتيجية بما يشمل انهاء الانقسام ومن ثم عقد المجلس الوطني وبناء استراتيجية فلسطينية".

ويرجح العقاد أن ما يهم اسرائيل من المصالحة الفلسطينية ادراج بند السلاح وهذا ما لا يريده الفلسطينيون من الطرفين وتحقيق الوحدة بعيدا عن السلاح الذي تحاول اسرائيل الوصول اليه.

هذا عدا عن الرغبة الدولية باستعادة المصالحة لامكانية الحديث عن خيارات لفلسطين والسلام لا تبنى على اساس الانفصال الجغرافي.

اهتمام الصحافة الاسرائيلية بخطاب الرئيس كان ما قبل القاءه

بدوره أوضح المختص في الشأن الإسرائيلي د. عصمت منصور لـ"النجاح الاخباري" أن أجواء الإعلام الإسرائيلي، كانت هادئة نظرا لانشغالهم بالأعياد اليهودية، مشيرا إلى ان هذا لا يعني أن الخطابات امام الامم المتحدة لم تلقى اهتماما.

وأضاف منصور أن الاهتمام بخطاب الرئيس محمود عباس انصب بما قبل القائه، عدا عن المحاولات الامريكية لتليين لهجة الخطاب حتى لا يكون انتقاد لاسرائيل وسياستها.

تلميحات الرئيس أثارت مخاوف الاسرائيلين

وتمحور تركيز الاعلام الاسرائيلي من وجهة نظر منصور على تلميحات الرئيس محمود عباس عن رفضنا الاستمرار في هذه السياسة للأبد، واسرائيل تترصد مدى جدية هذه الاشارات وتنفيذها على الأرض.

وفي المقابل اعتبر منصور أن بعض النقاط كانت مطمئنة للاسرائيليين وتدل على أن الرئيس لن يذهب للنهاية ويتخلى عن مبدأ حل الدولتين وقطع السياسة وبدء استراتيجية جديدة قائمة على دولة واحدة، ويقول منصور "النقاط كانت عن اعطاء الفرصة لأمريكا وتبني الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للخطة وهذا ما أضعف التهديد من وجهة نظر الاسرائيليين".

نتنياهو اشتكى من عدم الاكتراث لخطابه

أما عن خطاب نتنياهو يؤكد منصور لـ"النجاح الاخباري" على أن نتنياهو اشتكى من تجاهل جولته وخطابه من قبل الاسرائيليين وفقا للصحافة الاسرائيلية، حيث كان خطابه موجه للحديث أكثر عن ايران وضربها والتي سبق وفرضها على جدول أعماله مع لقاءه بترامب، ومع غياب تام للقضية الفلسطينية".

ويرجح منصور أن محاولات نتنياهو تأتي في ظل فرض الوضع كما كان عليه بعام 2010 وفرض عقوبات على ايران لاسقاط نظامها، عدا عن العمل عسكريا ضدها، ليعود ويضعها على جدول أعمال العالم.

ويقول منصور لـ"النجاح الاخباري" "اسرائيل تنظر للمصالحة كمحاولة وليس بالضرورة نجاحها، ولكنها تعتبرها مضرة بمصالحها وتؤثر على موقفها تجاه السلام".

ويعتقد منصور أن المرحلة القادمة ستشهد مزيدا من التصعيد، ستتخذ اسرائيل خلالها خطوات ضد الفلسطينيين وقد تعيد النظر بالسياسة الجديدة كون اسرائيل غير جاهزة".

"اسرائيل ترفض بشدة كل ما جاء في خطاب الرئيس"

أما المحلل السياسي بالشأن الاسرائيلي د.فريد قديح يؤكد على أن الحكومة الاسرائليية ترفض بشدة مجمل القضايا التي تحدث بها الرئيس محمود عباس، عدا أنها ليس لديها ما تقدمه في اطار هذه الأحداث والتسوية المحتملة، حيث لا توجد قيادة اسرائيلية حقيقية مؤهلة وشريك اسرائيلي يستجيب لمقتضيات التسوية السياسية".

وأضاف قديح لـ"النجاح الاخباري" أن الجميع يدرك ما تفعله اسرائيل في تعطيل مسار السلام ووصف المؤسسات الفلسطينية بالتحريض، ومن هذا المنطلق طالب الرئيس المجتمع الدولي بضرورة التعامل مع المنظومة الاستيطانية الاسرائيلية.

في حال رفضت اسرائيل حل الدولتين فهذا ابداع سياسي فلسطيني

وأشار قديح الى أنه في حال رفضت اسرائيل التعامل مع حل الدولتين، فهذا لصالح الفلسطينيين ويندرج بإطار الإبداع السياسي، خاصة بعد مطالبة الرئيس على منصة الأمم المتحدة قائلا "أنتم اعترفتم باسرائيل فأين حدودها؟".

أما فيما يتعلق بالتعليقات التي انتقدت الخطاب وعاطفيته، قال قديح لـ"النجاح الاخباري" "بعيدا عن الجانب العاطفي فالخطاب به ابداع سياسي وفي حال رفضت اسرائيل حل الدولتين لابد من الاعتراف بالحقوق الكاملة لسكانها التاريخيين وتطبيق مبدأ حل الدولة الواحدة".

وأشار إلى أن جهود المصالحة توقف ذرائع الاحتلال التي كانت تتمحور حول حجج واهية أهمها: مع من نتفاوض وكيف والشعب الفلسطيني منقسم؟.

اسرائيل ستضيق الخناق على فلسطين

ويتوقع قديح أن تخفض اسرائيل مستوى التعاون مع السلطة وتضيق الخناق بخطوات تدريجية غير معلنة ولن تكون كما السباق، بعد مطالب الرئيس أمام الامم المتحدة.

ومن جانب آخر أوضح قديح أن الاسرائيليين يدركوا تماما فساد نتنياهو رافضين جهده السياسي وفقا للصحافة الاسرائيلية، بحيث لم يقدم حتى اللحظة حلول طويلة الأمد ومهددون امنيا كما أنه لا يملك أي خطة للتغيير.

ويذكر أن الرئيس طالب في خطابه امام الجمعية العامة في الأمم المتحدة العام الماضي بأن يكون عام 2017 هو عام إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وعلى الرغم من ذلك واصلت الحكومة الإسرائيلية بناء المستعمرات على أرض فلسطين، وذهب هذا العام لإلقاء خطابه أمام الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة، متسلحا بالوحدة الوطنية بعدما نجحت الجهود المصرية في اقناع حركة حماس بالتراجع عن لجنتها الادارية وتمكين حكومة الوفاق الوطني من مباشرة عملها في القطاع.