نهاد الطويل - النجاح الإخباري - أسابيع مرَّت ولا تزال العيون متجهة لبوابات القدس وما يجري عليها من تصعيد إسرائيلي يؤشر لمواجهة مرتقبة على طريق انتفاضة شعبية دعا إليها الرئيس محمود عباس في أكثر من مناسبة وكان آخرها الليلة الماضية في اجتماع استمر نحو ثلاث ساعات متواصلة نوقشت فيها ثلاثة محاور مفصليّة كان على رأسها خطوات الرد على تصعيد الاحتلال من انتهاكاته المستمرة بحق المسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة.

خيوط اللعبة ..

وثمَّة من يرى بأنَّ القيادة باتت تمسك خيوط اللعبة عبر مواقفها المتدحرجة، ما يفتح المشهد الوطني على خيارات ضاغطة، خاصة مع سعي حكومة الاحتلال المتطرفة إلى فرض مزيد من الوقائع على الأرض.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أنَّ خروج الرئيس عباس في خطاب مباشر غير معلن عنه سابقًا،يحمل رسالتين مفصليتين، الأولى أنَّ القيادة الفلسطينية منسجمة مع ما يجري على الأرض وتأمن بذلك غطاء سياسي للشارع عامّة والمقدسيين خاصة .

بينما تبدو الرسالة الثانية بحسب عوكل مكرَّرة وجاء فيها دعوة لإعادة تذكير الرباعية الدوليَّة وإدارة البيت الأبيض بأنَّ التوجه الفلسطيني هو جدي ولا تراجع عنه.

القرارات رفيعة المستوى بمثابة تحذير من أنَّ عدم التدخل من أجل عودة الوضع الى ما كان عليه سيصب لصالح الانفجار في المنطقة." بحسب عوكل.

وردًا على سؤال يتعلق بإعادة خيار محكمة الجنايات الدوليَّة إلى الواجهة،أكَّد عوكل أنَِّ في هذا التوجه الجديد القديم رسالة أيضًا للإدارة الأمريكية التي عارضت بشكل قاطع هذه الخطوة مقابل أن تضمن الدخول في مفاوضات جادّة تحكم الممارسات الإسرائيلية عليها بالفشل.

وشدَّد عوكل على فتح فضاء جديد لمواجهة الاحتلال خاصة من الناحية القانونية والحقوقية على الساحة الدوليَّة، وذلك تمهيدًا لفتح صندوق الاحتلال الأسود بحق الفلسطينين ومقدساتهم.

ويؤكَّد الكاتب والمحلل السياسي نبيل عمرو أنَّ تصريحات الرئيس منذ الرابع عشر من حزيران الجاري وما قبله تظهر بوضوح موقفًا مهمًا للقيادة الفلسطينية ويحمل رسالة لاستمرار الانتفاضة الشعبية ."

وأضاف عمرو، وهو كاتب فلسطيني يقيم في العاصمة الأردنية عمان أنَّ العامل الأبرز والأهم هو وجود الإرادة السياسية لدى القيادة الفلسطينية الوطنية الوطنية، وتبنيها مفاهيم مختلفة حول آليات الحل ومساراته، تتوافق، مع رغبة الشارع في إطلاق انتفاضة في وجه الاحتلال.

وتابع لـ"النجاح الإخباري" : " الإنتفاضة الشعبية وإن حدثت، فإنَّ الأمر سيكون لحساب فلسطين ، القدس ومقدساتها، وسيكون تحت بند "إشتدي أزمة تنفرجي"، ما سيدفع المنطقة نحو خيار التسوية لإقامة الدولتين.

وبالعودة إلى خطاب الرئيس فقد تحدَّث بإسهاب عن كل القضايا وملفات القدس قائلًا: "منذ أن حاولت إسرائيل  العبث بالأوضاع، نهض أهل القدس نهضة رجل واحد، ورفضتم كل الإجراءات، ونحن أيَّدناكم بما قمتم به، وبما تقومون به، ونشد على أيديكم، إنَّنا معكم في كل ما فعلتم وتفعلون،وهذا هو الرّد الحقيقي على كل من يريد أن يعتدي على مقدساتنا وكل من يريد أن يعبث بأسس ديننا، القدس لنا وهي عاصمتنا، وهي سيادتنا، لذلك ما تقومون به هو الصحيح".

اجتماع القيادة الفلسطينية أمس / وفا

ورأى المحلل السياسي الدكتور عبد المجيد سويلم، أنَّ ما سبق يعكس قدرة القيادة على تقديم قراءة سياسية عميقة للواقع وأنَّها جاءت متناغمة مع يفرضه المقدسيون من سيادة على الأرض.

وشدَّد سويلم في هذا السياق  في اتصال مع "النجاح الإخباري"، أنَّ فرصة المواجهة حتميّة ما لم يكن هناك تراجع إسرائيلي عن إجراءاتها وأنَّ  مسألة تهدئة الأوضاع الحاليَّة مرتبط بإزالة التعديات على المسجد الأقصى المبارك.

ويعتقد سويلم أنَّ قرار القيادة بوقف التنسيق الأمني سيساهم في تسخين الأجواء، في قابل الأيام.

وإذا ما كان الخطاب يحمل في طياته رسالة للبيت الأبيض أكَّد سويلم بأنَّ التوتر الحاصل أوصل للأمريكيين رسالة واضحة تتعلق بأنَّ إغلاق الأقصى والشروع بإجراءات لتغيير الوضع القائم سيغلق الباب على مصراعيه أمام ايّ جهود تتعلق باستئناف المفاوضات لجهة القضايا الحساسية وعلى رأسها ملف القدس التي تشكل عمق الصراع، وهو ما قد يدفع ترامب لتغير نهجه في التعاطي مع الأزمة خلال الأيام القادمة.

الاحتلال يسعى لتغيير الوضع القائم

تحسُّب إسرائيليّ ..

وعلى ضوء تدحرج الموقف، وتحسُّبًا للموقف الرسميّ والشعبي الفلسطيني،وتحسُّبًا للقادم، ألغى رئيس وزراء الاحتلال "بنيامين نتنياهو"  مشاركته التي كانت مقررة، اليوم الأربعاء، في النقاشات التي شهدتها الكنيست حول ما يسمى بقانون "الوطنية" وذلك بحجة عقده جلسة مشاورات أمنية عاجلة.

وقال موقع القناة الثانية العبرية: أنَّ "نتنياهو" عقد في مكتبه جلسة مشاورات أمنية وصفت بالعاجلة بمشاركة رئيس الشاباك ومفتش عام الشرطة ووزير الأمن الداخلي لبحث ما آلت إليه الأوضاع في المسجد الأقصى.

واتهمت مصادر أمنية إسرائيلية في تعقيبها على خطاب الرئيس أبو مازن اتهمته بتحريض المقدسيين على مواصلة الاحتجاجات.

وقال موقع يديعوت أحرنوت أنَّ "الرئيس الفلسطيني أصبح والمتظاهرين في خط واحد وأنَّ رسالته مساء اليوم كانت واضحة".

ونقل راديو جيش الاحتلال مساء اليوم عن مصادر وصفها بالأمنية قولها : "إنَّ الرئيس عباس قال للمقدسيين واصلوا الانتفاضة وأنا معكم ولن أتراجع عن تجميد التنسيق الأمني ما يهدد بانتفاضة شاملة في الأراضي الفلسطينية".