مجد حثناوي - النجاح الإخباري - كان الإيقاع الحركي للوحة التي افتتحت بها فرقة الفنون الشعبية تحديا كبيرا، فعندما يخفت صوت الموسيقى وتبدأ موسيقى الشبابة، لا يكاد يسمع في القاعة إلا صوتين اثنين، صوت ضرب أرجل الدبيكة وتصفيق الحاضرين.

بداية مغمسة بالزعتر

ما أن تجمهر الناس أمام بوابة مكان العرض حيث الرقابة الشديدة على دخولهم وتحركاتهم، جاءت رائحة الزعتر البري تخفف عليهم الانضباط وتهيئهم لتذوق "لفات الزعتر"، وهناك بدأت الحماسة على وجوه الحاضرين، مترقبة عرض فرقة الفنون، برقصاتهم المتماسكة، وحكاياتها المتجددة.

وتحت شعار "الأرض" افتتح مؤسس فرقة نقش لؤي طافش فعاليات مهرجان فلسطين الدولي للرقص والموسيقى في ساحات مدرسة جنين الثانوية للبنين يوم أمس الثلاثاء، بافتتاحية لوحات من فرقة الفنون الشعبية، وتنظيم من مركز الفن الشعبي.

الانطلاقة... أضرحة الشهداء

ليست فقط أرقام على خلفية لوحة شعار المهرجان لامرأة تحتضن عودها ومتجذرة بأرضها، القت رئيس مركز الفن العشبي إيمان حموري كلمتها التي كان تغزل من خلالها شعار مهرجان فلسطين الدولي بفن الكلمة وليس فن التصميم، حيث بدأت كلمتها من أضرحة الشهداء الذين ماتوا على الأرض التي نحيا فيها الأن، وما بين الموت والحياة هي الأرض فقط من تجمع التناقضات، بين ما عاناه الشعب الفلسطيني في حرب 48 والثورة الكبرى، والانتفاضتين، وما بين ابتسامته التي تمر في كل تلك المآسي، ومهرجان فلسطين الدولي هو جامع لكل التناقضات من خلال شعاره "الأرض" لعام 2017.

وعلى نفس الخلفية المختلطة بين لون الحياة الأخضر ولون الأرض البني، ومع بعض من الإضاءات الخافتة نبت ما يقارب الـ40 راقص وراقصة من الوطن في فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية، معلنين انطلاق لوحتهم الأولى على أرض مرج جنين، وبدأت الساحة تكتنز بألوان أثواب الراقصات الفلسطينية، ورفاعة خصرهن، وتهتز بأرجل الراقصين وقنابيزهم.

أداء مختلف

كسر النمطية هي البداية مع ثلاث رقصات، وثلاث حكايات، جسدتها اللوحات الثلاث الاولى التي قدمتها الفرقة، بعنوان شالت وع الدوم وع البنية، تحكي كلا منها حكاية في التراث الشعبي، قدمت على شكل عرض حركي يتنوع بين الإيقاعات السريعة والبطيئة، ويعلق مدرب ومصمم الرقصات في الفرقة عطا خطاب من رام الله على رقصات الفرقة في العرض: "البرنامج هو عمل عدة تصاميم وعقلية جماعية من الراقصين، الرقصات عكست رسالة امل وتحدي وصمود، وتعكس الحب الذي يحتاجه الفلسطيني، فأول ثلاثة رقصات شالت ع الدوم ع البنية من إعداد طارق الناصر في الاردن، خالد قطامش ونورا بكر" وكسرت الفرقة الصورة النمطية بالثلاث رقصات، فمن خلال عرض شالت استخدموا المسابح في الرقص المقتصرة على اللويح فقط، ورقصة البنية أيضا استحضروا فيها رقصة الحداية، وأن من تحمل سيف هي صبية وليس رجل، أما الدوم وهي رقصة لمرأة كبيرة في السن غنت ورقصت، وتم استحضار روح الحجة في أداء الراقصات، على إيقاعات بطيئة تمتزج فيها الحداثة بشكل لافت.

ميلي علي

ومع تتالي عروض اللوحات، ظهرت المرأة بتجلياتها في مرحلة الزواج، فقد أطلق الراقصون العنان على زغاريت استقبالها في عرسها، وأطلقوه أيضا في وداع امها لها من باب الدار على رقصة أغنية "ميلي علينا يا غصن البلح"، وفي لوحة فلكلور استثنائية، خالية من الزخم الموسيقي، ومكثفة أدائيا، رقصت الفرقة على المنية والمهباش والمجوزو الشبابة.

إحساس راقص

وتعبر الراقصة لما أبو فراس من ديرستيا عن مدى اعجابها باداء تلك اللوحة، فهي تعبر عن تماسك واضح بين الراقصين، وكل حركة وايقاع له حكاية شعبية، تشعر فيها بالحب والانتماء تصفها "بالفترة بعيدة جدا عنا زمانيا، ولكنها نراها الان، بكل وضوح مع اضافة لمسات حداثية اليها.

أما الراقص محمد خويره من كفر نعمة يعبر عن إعجابه في لوحات أخرى ادتها الفرقة قائلاً: "كل قسم له لوحة مختلفة وخاصة في عرض اللويح، وصب دبكة والمجوز والدلعونا".

واختتام العرض وبعد مرور 70 دقيقة من العروض المتتالية التي قدمتها فرقة الفنون الشعبية بدأت المقاعد تخلو من الحاضرين، بعد تصفيقهم الحار، بالرقصة الختامية "فنونيات"، وتكريم المنظمين للمهرجان للفرقة على جهودها.

وما زال جمهور جنين بترقب أمسيتين ضمن مهرجان فلسطين الدولي، حيث سيتم غداً الأربعاء حفل تخريج مدرسة الدبكة التابعة لمركز نقش للفنون الشعبية، وسيتم استضافة تيسير مصرية ومجموعة مرام الموسيقية من إيطاليا إلى جانب عرض فرقة نقش الجنينية في اختتام الفعاليات ليوم الخميس القادم بنهاية الاسبوع.