رويدا عامر - النجاح الإخباري - العيش بين الطيور مطلب لكل شخص يهوى الحياة بين الجمال ولكن التعامل مع هذه الكائنات يحتاج لفن لتستطيع البقاء معهم، لهذا أتقن مجموعة من الشباب تربية الطيور بأنواعها المختلفة والحرص على جلب الانواع المختلفة والمميزة، ليحافظوا على نسلها ويتاجروا بها كمصدر رزق لهم، حيث تعتبر الطيور المميزة غالية الثمن ولا يشتريها الا من يمتلك موهبة التعامل معها وتربيتها.

كان لـ" النجاح الاخباري" حديث مع أحد الشباب المربية لهذه الطيور، حمودة أبو مصطفى 40 عاماً من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، يقتني العصافير في منزله منذ كان عمره خمس سنوات، حيث تعلم من والده كيفية تربيتها والعناية بها وكان يصطاد هذه الطيور عندما يرافق والده الى المناطق الشرقية من المدينة ومن ثم وضع الشباك بطريقة صحيحة لكي يستطيع اصطياد عددا جيدا لتربيتها.

وأضاف أبو مصطفي "مربي العصافير حتى يكونَ ماهراً ومحترفاً بحاجة لأن يحتك مع العصفور ويعيش معه ويستمع لزقزقاته، كل زقزقة تدل على إيحاء ومعنى ما".
وبينما تتعالى زقزقة العصافير داخل مزرعته الصغيرة، يشير أبو مصطفى بإصبعه إلى أنواع الطيور التي يربيها مثل الكناري "والزيبرا" والببغاء الاستوائي، والحسون، والدويري، والفنكر.

ويعمل أبو مصطفى مدرساً في التربية الإسلامية، ورغم وقته المحدود إلا أنه يستغرق ساعات عديدة وهو يطعمها ويسقيها، ويطلع على "أفراخ العصافير" التي تجلس بين أجنحة أمها في وقت تستقبل الطعام من فمها في مشهد يجسد الحب والحنان.

لم يكن أبو مصطفى هو الوحيد الذي يعشق صوت العصافير بل لجأ الشاب يوسف الدريملي 26 عاماً لمحل والده بعد تخرجه من تخصص الهندسة والديكور من جامعة الأزهر في غزة، وعجزه عن الحصول على وظيفة تتماشى مع هواياته ورغباته.

حيث يبدو أن قضاء يوسف معظم وقته في تربية العصافير جعله يعشق أصواتها، ويؤكد يوسف أن حبه للعصافير خفف من كد البحث عن الوظيفة التي لا يزال يتمناها، إلى جانب أنها مصدر للمتعة والزينة بالنسبة ليوسف فهي كذلك مصدر رزق وفير يساعده على العيش بحياة كريمة.

أما عن تعب هذه المهنة يقول: إن تربية الطيور بحاجة لرأس مال كبير لكي تستطيع المنافسة والبيع، لكن الخسارة واردة بشكل كبير، فموت وإصابة بعضها بالأمراض نتيجة تقلبات المناخ يتسبب بالإزعاج لي.

بالإضافة الى الشاب هيثم أبو عميرة يختلف عن سابقيه من الباعة في كونه يبيع طيوراً نادرة مثل الطاووس والبط الملون والكناري والهزاز الروسي والسلفر كينغ والماسي والهنغاري الروسي وهومر والبلجيكي والكوبرا والحمام الزاجل ذي الأصول الأفريقية.

وكان أبو عميرة يستورد هذه الطيور النادرة من الضفة الغربية والقدس المحتلة ومن دول أوروبية من بينها ألمانيا، من خلال المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل ولكن الظروف الصعبة منعته الآن.
ورغم ارتفاع أسعار هذه الطيور التي يصل سعر الطائر الواحد منها إلى نحو 2000 دولار، إلا أن هناك من يشتريها للتمتع بجمالها، أو رغبة في بـ "تفريخ" أنواع منها، وبيعها ضمن صفقاته التجارية.

واللافت أن هذه الأنواع لاقت قبول من المربين والهواة، رغم الارتفاع الكبير في أسعارها، حيث يزيد ثمن بعضها على 5000 شيكل، وأقام الهواة لها أجمل الأماكن والأقفاص، وخصوها بعناية فائقة.

وفي إحدى الأسواق الشعبية جنوب القطاع، كان أحد الهواة يعرض زوجين من دجاج غريب يطلق عليه اسم "سبرايت"، حجمه صغير وألوانه عجيبة.

وأكد الشاب محمود بهجت لـ"النجاح الإخباري" أن دجاج "سبرايت" من المرتبات الدنيا في عالم طيور الزينة النادرة، التي يتربع على عرشها البسيوني الذهبي، وملك الطيور وأنواع أخرى ثمينة.
وأكد بهجت أن ولع المربين باقتناء بعض الأنواع دفعهم لشراء البيضة المخصبة الواحدة بأكثر من 100 شيكل، وهناك سعي دائم من أجل اقتنائها.

وأوضح بهجت أن تأقلم بعض الأنواع مع بيئة ومناخ غزة جعلها تتكاثر وتتوالد وبات أعدادها أكثر من ذي قبل، وأسعارها انخفضت مقارنة بالسنوات الماضية .

حيث يزداد الإقبال على هذه المهن مع ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب في غزة لـ 47%، وفق المركز الفلسطيني للإحصاء الفلسطيني، في وقت وصلت معدلات الفقر بين الفلسطينيين في القطاع لـ 50% .
ويعتبر مناخ قطاع غزة المعتدل من أفضل مناخات المنطقة لنجاح تكاثر معظم أنواع الطيور، وقد أقيمت سابقا مزارع إنتاج وتفريخ لطيور الزينة، وكانت تعيل أُسرغزية، لكن إغلاق الأنفاق ومنع إسرائيل تصدير الطيور من غزة، أطاح بهذه المهنة.

ويوجد من الحمام أنواع كثيرة منها للأكل ومنها للزينة وأخرى للطيران والهواية ومن أنواع الحمام (الغزار، والشامي، والرميات، ومن الرميات الكرزلي والرمية والمراسلات، والزاجل، والزاز، والبدرنك،  والارفلي،  والزنكي، ومن الغزار الرحاني  والقطقاطي، والعنبري كشك، ومن الشوام العبسي، والكركندي، والشقلباظ)، وكل نوع من هؤلاء يتفرع منة أنواع أخرى كثيرة.

كما وللحمام فوائد كثيرة ومتنوعة منها أنه غني جداً بالفيتامينات والمعادن التي تساعد على بناء جسم الإنسان، والفيتامينات والمعادن التي توجد في لحم الحمام هي فيتامين أ، فيتامين ب1 (الثيامين) ، فيتامين ب2 ، فيتامين ب3 (النياسين) ، فيتامين ب5 (حمض البانتوثنيك)، فيتامين ب6 (البيروكسين)، فيتامين ج ، البروتين، الحديد، الفوسفور، الزنك، السلينيوم، النحاس، الدهون الطبيعية، الكوليسترول، الماغنسيوم، المنجنيز ، البوتاسيوم، الصوديوم ، أوميجا3 الدهنية، أوميجا 6 الدهنية.

هكذا تكون الهواية مكملة لحياة المواطن في ظروفه الصعبة، فقد تكون مصدر رزقه الأساسي وان كانت صعبة، ولكن الحياة التي يعيشها أهالي قطاع غزة في الفترة الحالية فرضت عليهم أعباء كثيرة تفقدهم لذة مواهبهم التي يحبون الاستمتاع بها دون أعباء مرافقة لها .