نسرين موسى - النجاح الإخباري - يطرح المواطن في الشارع الغزي تساؤلاته حول تكرار أزمة الغاز التي ما ان قاربت على الإنتهاء إلا وإلتقت بظلالها من جديد، وينتابه التعجب خاصة بعد اكتشاف حقل ضخم من الغاز الطبيعي قبالة سواحل قطاع غزة، يستطيع تغطية القطاع في الاستخدام والتصدير لعدة عقود، والسؤال هنا لماذا لا يتم استخدامه لتخطي الأزمة كلياً وما هي المعيقات التي تحول دون ذلك؟

ولماذا نشترى الغاز من إسرائيل ونحن نمتلك مليارات الأمتار المكعبة في حقولنا؟ وهل يعقل أن نمتلك حقول للغاز الطبيعي ونعاني من أزمة غاز وكهرباء؟.

يضطر المواطنون في القطاع للطهي على الحطب، وآخرين على طنجرة الكهرباء وهناك من لا يقوم بالطهي كل يوم لتوفير أنبوبة الغاز.

تتحدث السيدة سمر الشاعر عن معاناتها بسبب قلة الغاز وتقول لـ"النجاح الاخباري":" الآن نحن في فصل الصيف واضطر للاستيقاظ باكراً لطهي طعامنا على فرن الطينة "الصلصال"، لأن الغاز لا يتوفر دائما، فأخاف أن انقطع منه لذلك استخدم الفرن إلى جانب أنبوبة الغاز".

وتضيف: "من يمتلك أنبوبة غاز ممتلئة في هذا الوقت كأن في بيته كنزا".

من جانبه يتساءل المواطن أشرف أبو حطب عن سبب استمرار الأزمة ويقول: " لماذا لا يكون هناك اجتهاد على استخلاص الغاز الذي تم اكتشافه قبالة السواحل بدلاً من الأزمة التي يعاني منها القطاع، بحيث توقف الحديث عنه بعد اكتشافه؟ ونريد معرفة الأسباب الحقيقية وراء ذلك؟".

خليل أبو شقفة مدير عام هيئة البترول بغزة يوضح في حديث خاص لـ"النجاح الاخباري"، أن ما يدخل من المعبر من غاز الطهي  220 طن إلى  250 طن يوميا، في المقابل الاحتياج اليومي لقطاع غزة 400 طن ويزداد في فصل الشتاء إلى  450 طن ويصل بالصيف  إلى 370 طن.

ويضيف أبو شقفة:" تبلغ نسبة العجز أكثر من 40% ولكنها  لا تشكل أزمة، لأن كل مواطن يملك أكثر من أنبوبة غاز، وتكون الأزمة في حالة عدم الاستقرار في إدخال الغاز، ومن الممكن أن يكون التأخير من الموزع".

ويتابع أبو شقفة: "نحن ندير الكمية التي نستلمها وفق الاحتياجات والإمكانات، ونتخذ العديد من الإجراءات لمحاربة حدوث أي أزمة".

وينوه أبو شقفة إلى أنهم يتأكدون من استلام كل مواطن أنبوبته خلال شهر من تسليمها، ويتم مراقبة كل موزع يبيع الغاز للسيارات بشكل غير قانوني أو بسعر اعلى من السعر الرسمي و يتم إيقافه وإحالته إلى النيابة العامة وفرض عليه غرامة مالية حسب المعطيات".

وعن كيفية إدارة التوزيع يوضح أبو شقفة: "نحن في هيئة البترول ندير عملية التوزيع بشكل مباشر ونلزم المحطات بكشوفات بأسماء الموزعين من هيئة البترول حسب الكميات المخصصة حسب الضرورة ومراقبة عملية التوزيع، ونجبر الموزعين على تسليم كشوفات المواطنين للمستفيدين بشكل الكتروني، ونتأكد من خلال الاتصال ببعض الأسماء الواردة بالكشوفات عن طريق  الاختيار العشوائي، للتاكد من استلامه لحصته كما هو وارد بالكشوفات ومن ثمن جرة الغاز ".

وحول الإشكاليات في المتابعة يقول أبو شقفة: "تواجهنا  إشكالية بثقافة المواطن الذي لا يعنيه كم دفع ثمن الجرة، والأمر الأخطر انه يرفض الحديث عن الموزع  لو حدث مشكلة ما  بحجة انه  جاره،  أو لا يريد قطع رزقه، وهذه الإشكالية تواجهنا بضبط السوق، كذلك نقوم بأكثر من حملة مع وزارة النقل والمواصلات ومع الداخلية ومباحث التموين عن موضوع متابعة الغاز الذي يذهب للسيارات وبقدر الإمكان نجتهد بمحاربة هذا الموضوع وفي اطار عملية التهريب".

وفي معرض رده على سؤال هل يتم التخزين في حال توفر الغاز؟ يردف أبو شقفة قائلا: "نقوم بذلك  في أوقات الصيف لكن التخزين  يكون ليومين أو أسبوع وهذا لا يفي بالغرض ولا يمكن التخزين لفترة طويلة لوجود النقص الدائم  في توريد الغاز و لمحدودية الغاز الداخل للقطاع".

الخبير والمحلل الاقتصادي د.ماهر تيسير الطباع لا ينفي وجود أزمة الغاز ويقول لـ"النجاح الاخباري"، "إن كميات الغاز الواردة اقل من المستهلكة ولكنها تقل في فصل الصيف".

وحول تفاصيل حقل الغاز الذي تم اكتشافه قبالة سواحل قطاع غزة في نهاية عام 1999 يجيب الطباع :"منحت السلطة الوطنية الفلسطينية الحق الحصري لصندوق الاستثمار الفلسطيني ومجموعة من الشركاء في التنقيب عن الغاز قرابة شواطئ غزة، وتضم المجموعة شركتي (BG) British Gas Group  واتحاد المقاولين ،(CCC) وبموجب الاتفاق مع السلطة يملك صندوق الاستثمار الفلسطيني 10% من المشروع وتملك شركة (BG) ما نسبته 60% ، في حين تملك شركة(CCC) ما نسبته 30%. .

ويوضح الطباع في التفاصيل اكتشاف مجموعة من المطورين في عــام 2000 ما يزيد عن 30 مليار متر مكعب من الغـــاز الطبيعي في حقلين، الأول: غــزة البحـري (Gaza Marine-1) وهو الحقل الأكبر ويقع بالكامل ضمن المياه الإقليمية الفلسطينية وتقدر كميات الغاز المكتشف فيه بـ 28 مليار متر مكعب.

أمّا الثاني فهو الحقل الحدودي (Border Field) وهو الأصـغر حجمـاً (Gaza Marine-2) حيث تقدر كميات الغاز فيه بحوالى 3 مليار متر مكعب ويعتبر الحقل امتدادا لحقل Noa South الواقع في المياه الإقليمية الإسرائيلية، وبحسب التوقعات سوف يبلغ  مجموع العوائد المالية لخزينة السلطة الوطنية من وراء تطوير المشروع حوالي 2 مليار دولار أمريكي على مدار 15 – 18 عاماً.

وبعد مرور 15 عام على اكتشاف حقول غاز غزة وانتهاء مدة المشروع المفترضة دون تحقيق أي جدوى أو عوائد مالية، وقعت السلطة الوطنية الفلسطينية اتفاقية لشراء الغاز من إسرائيل و لمدة 20 عاما.

ويشدد الطباع على أن  الاستثمار المتعطل في حقول غاز غزة على مدار 15 عام كان من المفترض أن يحقق نهضة حقيقة في كافة مناحي الحياة في قطاع غزة، من خلال تحقيق عوائد مالية ضخمة ستساهم في حل الأزمات المالية التي تتعرض لها السلطة الوطنية الفلسطينية، والتخلص من الابتزاز المالي الإسرائيلي المستمر والتحرر من الهيمنة الإسرائيلية على مصادر الطاقة في قطاع غزة و الضفة الغربية.

بالإضافة إلى المساهمة في حل مشكلة الكهرباء التي يعاني منها قطاع غزة على مدار تسع سنوات وذلك من خلال تشغيل محطة توليد الكهرباء على الغاز الفلسطيني، ما سيؤدي إلى انخفاض ثمن الكهرباء وينعكس بشكل إيجابي على كافة المواطنين وعلى كافة القطاعات الاقتصادية و الإنتاجية، والمساهمة في حل مشكلة البطالة المرتفعة في قطاع غزة من خلال توفير العديد من فرص العمل المستدامة، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية وفتح المجال أمام العديد من الاستثمارات في قطاعات مختلفة.

وكشفت صحيفة غارديان البريطانية بتاريخ 11/7/2014 بأن آبار الغاز الطبيعي قبالة سواحل غزة هي الدافع الحقيقي لشن عدوان إسرائيلي على قطاع غزة، حيث تسعى إسرائيل منذ سنوات للسيطرة على الغاز الفلسطيني.

وأعادت الصحيفة التذكير بتصريحات وزير الأمن الإسرائيلي موشيه يعالون قبل حرب 2008 بعام، والتى أظهرت قلق تل أبيب من أن يطور الفلسطينيون مصادر الغاز الخاصة بهم وما يمكن أن ينتج عن ذلك من تحول اقتصادي قد يزيد من النفوذ الفلسطيني بصورة جوهرية.