أحمد الشنباري - النجاح الإخباري - لا يعرف حداً للطموح، لا تكبح جماحهُ قلة الإمكانيات، فالإرادة لديه متاحة دائماً، وبين أزقة وشوارع مدينته تراه كالنسر بخطواته المتسرعة، جرياً كالباحث عن هدف منشود، يحاول التقاطه حينما يوصل الشرق بالغرب،وإذا ما دخلت بيته قد يذهلك مشهد الميداليات والدروع والكؤوس وكأنك في أحد المعارض الرياضية.

العداء "نادر المصري" نموذج من نماذج الرياضة في قطاع غزة، قرر أن يخلق كياناً للعلم الفلسطيني في المحافل الدولية باحترافه رياضة الجري.

يروي العداء المصري لـ"النجاح الإخباري" عن بدايات انطلاقاته الرياضية، فيقول " أعشق الرياضة منذ المرحلة الإعدادية لي بالمدرسة، وقد انضممت لفريق المدرسة وحصلت على ميداليات وتكريم في رياضة الجري، حينها وُلدت لدي الرغبة بان أصبح بطلاً لفلسطين وأمثلها عالمياُ، وما زاد تعلقي بالرياضة وإصراري على المتابعة حينما شارك اللاعب ماجد أبو مراحيل في الاولمبياد سنة 96، فتمنيت لو كنت مكانه، واشعر بما يشعر من خلال حمله العلم الفلسطيني".

ولم يتوقف المصري عند حد الحلم والرغبة، بل حاول جاهداً تطوير نفسه على مدار عشر سنوات، وتوج نفسه بطلاً قبل ان يصبح كذلك بالفعل، فمشاوره في المشاركات الدولية مليء بالفوز والتكريم، وبالرغم من وضع عائلته الاقتصادي وحياتهم البسيطة، إلا ان والده كان رافضاً لفكرة الرياضة أو السفر، مبرراً بان العمل في أي مجال هو أفضل لتحسين حالتهم، وأشار " كان الوضع الاقتصادي لعائلتي بسيط جداً وبالكاد تأمين لقمة العيش، لذلك كان والدي رافضاً لفكرة دخولي عالم الرياضة وأكثر من مرة يطلب مني العمل معه في بيع الخضار".

وأضاف " حاولت ان أوصل رسالة لأهلي من خلال مشاركتي في رياضة مهمة جداً لبلدي، لم أكن انظر فقط لمجرد اللعب فدائماً أتخيل نفسي وانا احمل العلم الفلسطيني ويشاهدني العالم، فقد كان لي هدف أمام عيني وبرغم كل العقبات استطعت التغلب على قناعة والدي، وكانت أول مشاركة دولية لي في ايرلندا، حتى وصلت عدد مشاركاتي 60".

أصبح المصري يشكل بنظر الاحتلال "أيقونة بيت حانون"، وذلك لأداء تمارينه اليومية بالقرب من السياج الإسرائيلي شمال القطاع، وفي هذا الخصوص يضيف "لقلة الإمكانيات الرياضية، وعدم توفر مضمار الجري وملاعب مخصصة، كل ذلك دفعني للجري في الشوارع العامة وفي المناطق الحدودية الترابية كجزء من التمارين الرياضية اليومية".

ومن المعيقات التي تلقاها المصري، كون العاب القوى في فلسطين لا تلقى رواجاً من قبل العامة أو حتى الصحافة، ولم تكن العاب القوى مهمة عند الغزيين، فالناس يتجهون بالعادة إلى متابعة كرة القدم.

لكن حلمه وإرادته كانت كافية لتكون نقطة تحول في حياته، فإثناء مشاركته في الدورة الأسيوية بقطر سنة 2006، تم ترشيحه لرفع الراية الفلسطينية في الاولمبياد، وها هو ما تمناه قد تحقق بطموحه وإرادته.

وعن شعوره في تلك الساعة يقول المصري "ان أمثل فلسطين وأعلن الدولة من خلال العلم الفلسطيني الذي يُرفع بوجود كل العالم، وبوجود رؤساء وشخصيات عالمية، هو شعور لا يوصف، والحمد لله ما زلت مستمراً وراضياً عن نفسي".

أما من هو "نادرالمصري" بنظر الاتحاد الفلسطيني لألعاب القوى، فيقول نائب رئيس الاتحاد الفلسطيني لألعاب القوى د. رمزي القرم " الكابتن المصري أفضل لاعب في تاريخ ألعاب القوى الفلسطينية على مدار حوالي 19 عام، وهو صاحب الرقم القياسي الفلسطيني في سباق 5 آلاف متر بمدة 14.24 دقيقة|".

ويتابع القرم "يُعتبر المصري أكثر عداء فلسطيني مَثل فلسطين في المشاركات الخارجية، و أبرزها؛ المشاركة في أولمبياد بكين سنة 2008، بعد أن أثبت للجميع أنه الأفضل والأجدر بالمشاركة"، منوهاً ان المصري كان في كل مرة يثبت أنه أكثر لاعب يتمتع بعزيمة فولاذية وإصرار رهيب على الاستمرار من أجل تحقيق إنجاز له ولفلسطين.

ويذكر القرم، بأنه لا يخفى على أحد ما يتعرض له اللاعبين في قطاع غزة من حصار وشح الإمكانيات، ولو توفر للعداء المصري الحد الأدنى من هذه الإمكانيات لأصبح من أفضل العدائين العرب على الأقل".