هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - متران فقط بين أربعة جدران تنبعث من جدارنها الرطوبة والعفن، لا تحتوي إلا على فرشة نوم وحمام ومرحاض، يحتجز بها المعتقل في السجون الإسرائيلية دون شريك، وينقطع فيها عن العالم الخارجي، وقد تصل مدة الحجز لأكثر من سنة، هكذا تكون عقوبة العزل الإنفرادي أو ما تسمى بـ"عملية الإعدام البطيء".

حيث أكد محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين جميل سعادة لـ"النجاح الاخباري" على أن حياة القبور العزل الإنفرادي أو ما وصفه بـ"القبو" تتسم بالجدران الخشنة واللون المعتم ولا يوجد فيها إضاءة ولا حتى تهوية كافية، وتفتقر لأدنى مقومات الحياة قائلا: "يزج الأسير في العزل ويأكل ويستحم ويقضي حاجته بذات الزنزانة، كما يجرد من كافة أغراضه الشخصية".

ss.jpg

وأشار إلى أن إدارة السجون تلجأ لهذه العقوبة منذ اللحظة الاولى التي يعلن فيها الأسير إضرابه عن الطعام، نظرا إلى أن الأسير المضرب قد يتعرض لوعكة صحية في أية لحظة ما يهدد الأمن العام في السجون.

وأضاف سعادة أن العزل الإنفرادي يعد من أقسى العقوبات التي تمارسها إسرائيل بحق الأسرى، وتلجأ لها إدارة السجون في عدة حالات، من ضمنها في حال مارس الأسير أمر يخالف النواحي التنظيمية الداخلية للسجون "الانضباطية" حسب تعريفهم، او في حال عدم انصياعه لأوامر الضباط الاسرائيليين.

كما أنها قد تلجأ للعزل في حال اعترض الأسير على نقله إلى سجن بعيد عن المنطقة التي يسكن بها، وبالتالي يصعب زيارة عائلته له، مشيرا سعادة إلى أنه حسب القوانين الدولية واتفاقية جنيف التي تعنى بشؤون الأسرى فإنه يجب احتجاز الأسير بمعتقل قريب من المنطقة التي تقطن بها عائلته ليتمكنوا من زيارته.

ولفت سعادة لـ"النجاح الاخباري" إلى أن إدارة السجون قد تلجأ لهذه العقوبة بناء على تقارير ومعلومات استخباراتية، تفيد بأن وجود أسير معين بين الأسرى يشكل خطرا على أمن الدولة حسب ادعائهم، أو إذا كان من أصحاب الملفات الثقيلة ومتهم بأعمال مقاومة.

penitentiary-429634_960_720.jpg

وشدد على أن العزل يعد ضربا من ضروب التعذيب النفسي المحظورة بموجب المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب المبرمة في العام 1984، قائلا: "يكون الأسير منعزلا عن العالم الخارجي بشكل كامل وممنوعا من أي تواصل مع أقاربه أو محاميه، ما يؤثر نفسيا وجسديا عليه"، وباعتبارها معاملة لا إنسانية فهي محظورة بمقتضى المادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وبما أن العزل يؤثر جسديا على الأسير فهذا لا يلائم الحد الأدنى من المقاييس الصحية للسجون ومراكز الاعتقال التي توجبها المادتان (91) و(92) من اتفاقية جنيف الرابعة.

 

وأضاف سعادة أن المخالفة لا تقتصر فقط على اتفاقية جنيف وإنما يعارضها أيضا إعلان طوكيو وإتفاق روما والتي تفيد بتوفير حياة كريمة داخل المعتقلات.

وفيما يتعلق بالمدة التي يعزل فيها الأسرى قال سعادة لـ"النجاح الاخباري": "قد تصل مدة العزل إلى ثلاث سنوات فأكثر"، مستذكرا الأسير حسام يونس عزت عمر (41 عامًا)، من بلدة الجاروشية بمدينة طولكرم والذي عزلته إدارة السجون الاسرائيلية لمدة تزيد عن الأربعة سنوات في عزل ريمون ومجدو.

ومارست بحقه كافة أشكال التنكيل وتعمدت نقله كل ثلاثة شهور بين عزل وآخر، تعرض خلالها للتحقيق والمضايقة كلما نقل إلى عزل جديد.

thumb.jpg

كما حرمته سلطات الاحتلال من زيارة عائلته ولم تسمح له بالزيارة سوى مرّة واحدة منذ عزله، حيث سُمح فيها بزيارة ابنته الوحيدة بعد تقديمه لطعن أمام محكمة الاحتلال، إضافة إلى ممارسة التضييق على زيارة المحامين له.

وجاء قرار عزل الأسير حسام بزعم تخطيطه لخطف جنود.

واعتقل منذ 27/2/2002، ومحكوم بالسجن لمدة 40 عاماً، بتهمة المشاركة في قتل جندي إسرائيلي، وعانى من ظروف صحية صعبة نتيجة سياسة الإهمال الطبي بحقه، وظروف العزل القذرة.

وكان قد خاض في بداية العام 2014 إضرابا مفتوحا عن الطعام للمطالبة بإنهاء عزله التعسفي في سجن مجدو.

وأشار سعادة إلى أن العزل التعسفي قد يكون أحيانا جماعي وهو ما لجأت له إدارة السجون عند إعلان الإضراب في 17 نيسان الماضي، والذي يخوضه حتى اللحظة حوالي 1800 أسير بقيادة الأسير مروان البرغوثي، بحيث حولت إدارة السجون أقسام وغرف لعزل تضع فيه أربعة أسرى تقريبا، وتسحب كافة مقتنيات الحياة وتجردهم من أغراضهم الشخصية من أدوات كهربائية وأغطية وملابس وغيرها ولا تترك سوى الماء وزيهم الموحد "الشاباص".

يذكر أن السجون الإسرائيلية تحتوي على غرف للعزل ولكن يعد معتقل نفحة والذي يتضمن عزل ريمون أشد السجون قسوة، وخصص لعزل القيادات الفلسطينية، وشهد أطول اضراب في السابع من يوليو/تموز 1980، أسفرعن استشهاد اسيرين.

وتحتجز سلطات الاحتلال أكثر من 6500 أسير منهم 300 من الأطفال و500 في الاعتقال الإداري و13 نائبا.

402787878.jpg