صدام فراس - النجاح الإخباري -  في غرفتها الخاصة تجلس الفتاة جُمانة أبو جزر (16 عاماً )، تنظر لصور والدها الأسير علاء الذي أُعتقل في الخامس عشر من يناير 2003، أثناء مرافقته لجدها في رحلة علاج وحكم عليه بالسجن لمدة 19 عاماً، وخطف الموت أمها وهي لم تكمل شهرها الرابع، ولم تتمكن من التعرف على والدتها سوى ببعض الصور الموجودة لها، وبعد إعتقال والدها إحتضنها عمها لكن الإحتلال الإسرائيلي بدد حضنه الدافئ، فاغتاله بعد سنوات من رعايته لها.

وانتقلت جُمانة إلى حضن جدّيها، لكن حياتها المريرة إستمرت حتى خطف الموت جدّها وبقيت وحيدة مع جدتها، التي ترعاها منذ سنوات طويلة وتحاول أن تعوضها عن حنان والديها التي فقدته منذ بداية حياتها، وطوال تلك الفترة حتى وصلت جُمانة لسن السادسة عشر، بقيت تتنقل في أحضان أفراد أسرة أبيها، الذي يُعاني في سجون الاحتلال الإسرائيلي رفقة بقية الأسرى، حيث لم تراه سوى مرتين في حياتها، وكانت المرة الاخيرة منذ 12 عام .

الإحتلال يمنع زيارة جُمانة لأبيها

وعن سبب منع قوات الإحتلال زيارة جُمانة لأبيها تقول جدتها، أنه وفي المرة الثانية التي زارت إبنها برفقة حفيدتها، طلب والد جُمانة من إبنته أن تُقبل جميع أصابعه، كي يُقبل هو الآخر جميع أصابعه التي لامستها شفاه إبنته، وهو في زنزانته، وما أن سمع الجنود طلب أبيها حتى طلبوا من جُمانة النزول والإبتعاد عنه، ما دفع بأبيها التشاجر مع جنود الإحتلال .

وتُضيف الجدة، في الزيارة الثالثة، منعت قوات الإحتلال زيارة جُمانة لأبيها بحجة الرفض الأمني، رغم حصولهم على تصريح من الصليب الاحمر ووزارة الداخلية، وتقول جُمانة :"إن جدتها تحاول أن توفر لها كل ما يلزمها، لكنها تشعر في بعض الأوقات بالنقص لعدم وجود والديها، بعد أن فقدت والدتها وأُسر والدها".

وتوضح أن الألم والشعور بالنقص ينتابها في أوقات المناسبات والأعياد، عندما ترى أصدقائها وجيرانها يخرجون برفقة أسرهم، وهي محرومة حنان الوالدين.

وتبين جُمانة أنه رغم كل تلك المعاناة والألم والسياسة التي يتبعها الإحتلال الإسرائيلي في التنغيص عليها ومنعها من زيارة والدها، إلا أنها تحاول التفوق على نفسها والوصول إلى ما تطمح إليه.

 

جُمانة فخر لنا

أما جدة جُمانة، الحاجة مريم أبو جزر، تشعر بفخر وعزة لتربيتها لإبنة فلذة كبدها الذي يقبع خلف القضبان، وتقول: "أشعر بالفخر عندما أشاهد جُمانة تُكرم في المدراس والمراكز والمؤسسات لتفوقها في دراستها".

وتضيف لمراسل "النجاح الإخباري": رَبيت جمانة منذ أن كان عمرها أيام، والحمد لله هي ترفع رأسنا جميعاً، وتحاول أن تتحدى الألم والمعاناة لتكون ذات مكانة قيمة عندما يخرج والدها من السجن".

وتًعد الفتاة جُمانة من المتفوقات في دراستها، حيث استطاعت التغلب على كافة الظروف الصعبة التي تمر بها وتميزت، فلا يَقل معدلها الدراسي عن 99%، وتحفظ "27جزءًا" من القرآن الكريم، وأنجزت دورة في الاحكام، ومنحة مُقدمة من الإيميديست .