زاهية ابو عيشة - النجاح الإخباري - تحركهم إشارات الأيادي وتمتمات الشفاه، سواعد من عطاء استطاعت أن تثبت ذاتها في سوق العمل، مطبخ إنتاجي جمع شباب وشابات متكئين على ذكائهم وتواصلهم الاجتماعي ليبدعوا في انتاج محلى بأيدي لا تعرف المستحيل ويثبتوا أنَّ العقل حاضر وأن لا شيء يقف أمام الابداع.

حاورت مراسلة "النجاح الإخباري" مصعب أبو دقة، مدير مركز الأمل لتعليم الكبار التابع لجمعية الأمل للتأهيل بمدينة رفح، ومشرف على مشروع مراكز تعليم الكبار النموذجية بالشراكة مع الجمعية الألمانية لتعليم الكبار بتمويل من وزارة التنمية والتعاون الاقتصادي الفدرالية في جمهورية ألمانيا الاتحادية "BMZ" على مشروع تعزيز القدرات التنافسية للإنتاج الغذائي المحلي في قطاع غزة (المطبخ الانتاجي) بالشراكة مع الجمعية الألمانية لتعليم الكبار بتمويل من مؤسسة التعاون الألماني.

يقول "أبو دقة": "أنَّ تكوين المشروع يعتمد على تطوير وحدة المطبخ في مركز الأمل لتعليم الكبار من خلال تطوير مسارات إنتاج جديدة من المواد الغذائية القابلة للانتشار في الأسواق المحلية ليلبي احتياجات سوق المطاعم، والسوبرماركت، والمؤسسات، والمشاريع المختلفة من الوجبات الخاصة والمواد والخضار المعاد تغليفها وانتاجها بشكل جديد، حيث سيتم تطوير خمسة خطوط انتاج من الخضراوات والفواكه ومنتجات الطعام النوعي الخاص لرياض الأطفال، المناسبات، المؤسسات، وتتميز مسارات الإنتاج والتسويق في إطار فلسفة التشغيل التي تعتمد على قاعدة تحديد المستهلك مسبقًا، بحيث يتمُّ تحديد السوق والمستهلكين بمستوياتهم المختلفة وضبط بيانات حجم ونوع وعدد أصناف المنتجات وفق عقود التعامل والانتفاع لقطاعات المستهلكين التي تقوم على أساسهم عملية إختيار السلع المنتجة.

وأشار "أبو دقة" إلى أنَّه سيتم تجهيز وحدة المطبخ وتطويرها لخطوط الإنتاج لتكون ملاءمة مهنيًا لتوفير فرص عمل للشباب والعاطلين عن العمل بما ينسجم مع جودة المنتجات التي سيتم العمل على إنتاجاها في جمعية الأمل، وسيبنى المشروع على أدوات جديدة وفق نظام ضخ الأصناف الأكثر مبيعًا بشكل متدرج ونوعي دون الذهاب للقيام بالعمل على إنتاج  الاصناف كافّة دفعة واحدة وصولًا لمنح كل صنف تميزه وسوق استهلاكه الجيد، علاوة على اعتماد نظام تغليف راقٍ من حيث الخامات وجودة الطباعة وأنظمة البيانات الدالة على المنتج فيحقق الجدب وضخ توجهات استهلاكه وتفعيل ثقافة استخدام المنتج الملبي للوفرة الاقتصادية والجودة الإنتقائية والمستوى الصحي العالي كبديل عن الشكل التقليدي للسلعة في الأسواق التقليدية المحلية، وأضاف أبو دقة أنَّه سيتم بناء نظام إنتاجي وتطويري لخطوط الإنتاج عبر متابعة وتقييم المنتج ومن ثم العمل على التقوية وتسريع الإنماء لخطوط الإنتاج بما يضمن استمرارية الانتاج والتشغيل للفئات المستهدفة.

فكرة المطبخ الانتاجي والفئة التي يستهدفها

عقَّب أبو دقة على الظروف الحياتية والاقتصادية في قطاع غزة والتي  تراوح مكانها نتيجة استمرار الأوضاع السياسية والأمنية من حصار وإغلاق للمعابر وحروب متكررة وغياب الحلول السياسية لدعم البنى التحتية والاقتصادية وإعادة إعمارها نتيجة تضررها في الحرب الأخيرة على غزة، وتشكل نسب الفقر والبطالة أكبر التحديات التي تواجه

الشعب الفلسطيني وتحديداً فئة الشباب، حيث شهد عام (2015) ارتفاعًا في معدلات الفقر والبطالة، و بحسب مركز الإحصاء الفلسطيني فإنَّ معدل البطالة في قطاع غزة بلغ (42.7)، وتجاوز عدد العاطلين عن العمل ما يزيد عن (200) ألف شخص، وبحسب البنك الدولي فإن َّمعدلات البطالة في قطاع غزة تعتبر الأعلى عالميًّا، وكما ارتفعت معدلات الفقر لتتجاوز (65%)، وتجاوز عدد الاشخاص الذين يتلقون مساعدات إغاثية من الأونروا و المؤسسات الإغاثية الدولية أكثر من مليون شخص بنسبة تصل إلى (60%) من سكان قطاع غزة، وتجاوزت نسبة انعدام الأمن الغذائي (72%) لدي الأسر في قطاع غزة، وتعتبر محافظة رفح من أكثر المناطق نسبة في معدلات البطالة حيت بلغت نسبة البطالة في صفوف الشباب (48.1%) من السكان المحليين واللاجئين الفلسطينيين، على الرغم من التدخلات المتعددة التي لعبتها مؤسسات محلية ودولية للمساهمة في تخفيف حدة الفقر والبطالة عبر مشاريع تشغيلية واقتصادية للشباب، إلا أنَّ بعضها سجل نجاحات محدودة وبعضها لم تنجح لعدة أسباب متعلقة بالأوضاع السياسية والاقتصادية التي تنعكس على استقرار سوق العمل، وبالتالي تتعرض المشاريع الاقتصادية التي يقودها الشباب للخسارة والانهيار كون بنية البرامج تقوم على تقديم المنح وفرص التشغيل للشباب بشكل مؤقت وتركهم لتقلبات السوق والمنافسة وعدم إيجاد أدوات تضمن صمود هذه المشاريع والعمل على استمرارية إنمائها وتطوير الإنتاج. وأمام ذلك مازالت الحاجة الماسة إلى المساهمة في تعزيز صمود الشباب في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية عبر مشاريع اقتصادية ريادية غير تقليدية لتمكينهم من تحسين فرص وجودهم في سوق العمل، وفي سياق عمل الجمعية على استدامة وتطوير برامجها ظهرت الحاجة إلى تطوير المطبخ الإنتاجي عبر استحداث خطوط إنتاج جديدة تساهم في ريادية المطبخ الإنتاجي لديها لرفع كفاءة الإنتاج والتشغيل للشباب في محافظة رفح للمساهمة الفاعلة في تخفيف من حدة الفقر والبطالة في صفوف الشباب.

الفئات المستهدفة

أكَّد "أبو دقة" على أنَّ الفئات من الصم والشباب العاطلين عن العمل، المجموعة المستهدفة: سيستهدف المشروع (60) شابًا وشابة من (20-35) سنة من منطقة جنوب غزة عاطلين عن العمل من القرى ومخيمات اللاجئين والمجتمعات المهشمة برفح مع التركيز لمشاركة أكبر عدد من ذوي الإعاقة السمعية.

أهمية المطبخ الانتاجي في تحسين دخل ذوي الاحتياجات الخاصة

وأوضح أبو دقة أنَّ المشروع يهدف إلى رفع قدرة جمعية الأمل للاستمرارية مع المستفيدين والوصول إلى فئات مستهدفة جديدة، وتطوير أدوات إنتاجية وتشغيلية جديدة تشكل محط تركيز واستثمار لمواردها المتاحة في بناء علاقات وشراكات مع قطاعات استهلاكية مختلفة على مستوى قطاع غزة، بالإضافة إلى إنماء مشاريع اقتصادية تكون محط الهام للشباب والكبار في تحسين فرص دخولهم لسوق العمل وزيادة دخولهم التي تنعكس إيجابًا على الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وذلك من خلال بناء شراكات وعقود توريد مع القطاع المقدم للسلع وخدمات المستهلكين من مطاعم وسوبر ماركت ومحلات البقالة وأسواق الخضار المركزية، والمؤسسات التعليمية والمناسبات المختلفة، وعليه يتمُّ الانتاج والعمل في وحدة المطبخ الإنتاجي التي تشكل محطة عمل للشباب

قائمة على الإنتاج الفعلي المربوط بالمستهلك المحدد سلفًا قبل الإنتاج وذلك لحمايته من الخسارة ولضمان تشغيل الشباب مقابل تسويق وبيع الانتاج.

الصعوبات والحلول

نوَّه "أبو دقة" إلى أنَّ المشروع بداية يتيح المجال لذوي الإعاقة السمعية بالاندماج مع الناطقين في العمل بالمسارات الإنتاجية بالتساوي ويوفر التسهيلات اللازمة لذلك من مترجمي لغة إشارة وغيرها.

وعن العقبات التى واجهت المشروع فكانت تتعلق بتعقيدات المعابر التجارية وتأخير التوريدات الخاصة بالماكينات من الجانب الإسرائيلي، إقبال المؤهلين لهذا المشروع أكَّد "أبو دقة" لمراسلة النجاح الإخباري أنَّه عند الإعلان عن المشروع بداية هذا العام، قدم (266) شخص بالمسارات الإنتاجية من محافظتي رفح وخانيونس ضمن المعايير الموضوعة، والعدد المطلوب كان (60) شخصًا، تمَّ عمل مراجعة دقيقة للطلبات، ثم عقدت ورشتين تعريفيتين بالمشروع، ثم مقابلات شخصية واختبار عملي حتى الوصول للعدد النهائي.

المنتجات التي يتم انتاجها بسواعد ذوي الاحتياجات وهل هنالك تأمينات على حياتهم إذا تعرضوا للخطر؟

بيَّن "أبو دقة"، أنَّ الانتاج يتم  بعدة مسارات  ومن ضمنها عمل ذوي الإعاقة السمعية  في خمس مسارات تصنيع غذائي وهي (الفراولة – الذرة – البقدونس والجرادة – الجزر – البصل والنعناع) حيث يتمُّ تحويل هذه المواد من حالتها الخام إلى منتجات معبئة بشكل نوعي وبنفس القيمة الغذائية، أيضًا إنتاج معجنات ووجبات غذائية للمناسبات والفعاليات المجتمعية.

وأنهى حديثة بقوله لا يوجد يأس وعجز طالما كان العقل يعمل ولو بنصف طاقته أو أقل، فالإصرار والمثابرة على الحياة تذلل كل الصعاب التي تواجه الأسوياء والمعاقين في حياتهم على حد سواء.

.