عدلي أبو طه - النجاح الإخباري - ما أن تطأ قدماك فناء المنزل، حتى تشعر أنك تعيش أجواء المسلسل السوري "باب الحارة" ذات الصبغة التراثية المعروفة بالأناقة والجمال، لكننا نتحدث عن منزل يقع في أحد الأحياء القديمة وسط مدينة غزة والتي تحتوي على بيوتٍ أثرية يعود تاريخ بنائها لمئات السنين.

في "شارع الغلاييني" أحد الشوارع المركزية التي تربط الأحياء الشرقية بوسط المدينة،يقع المنزل الأقدم في قطاع غزة ويعود بناؤه للعهد العثماني قبل حوالي 430 عامًا، أعاد ترميمه دكتور الاعلام عاطف سلامة على الطريقة الشامية حتى بدا كتحفة معمارية تجمع ما بين سحر وعظمة الماضي ورونق وجمال الحاضر.

 حيث يضم الأقواس الرخامية المزخرفة والأقواس المصممة بشكل هندسي، اضافة إلى بركة مياه أو ما تسمر بـ"البحرة"، تستعمل في الشطف والغسل وتحتوي على "نافورة"، وعلى الجانب الأخر من البركة طاولة معدة لتناول الطعام، فضلًا عن المضافة الداخلية والخارجية "أرض الديار" كما أسماها الدكتور سلامة.

ويتكون المنزل من ثلاثة طوابق، تحتوي زواياه المتعددة على مختلف أشجار الزينة التي تعطي منظرًا جذابًا يريح العينين، ويُقسم إلى ثمانِ غرف تجد داخل كل غرفة إضاءة جمالية بألوانٍ متنوعة، والجدران الداخلية عبارة عن حجارة طينية قديمة منها المحفورة على شكلِ خزانةٍ مكتبية تضم العديد من الكتب الأدبية القديمة، أما السقف فهو مفتوح لدخول أشعة الشمس كي تُنير بأشعتها زوايا المنزل.

يقول الدكتور عاطف وهو صاحب المنزل: "قمت بشراء هذا البيت عن طريق أحد تجار العقارات وكان مهجورًا وفي حالة رثة جدًا، بسبب تهالك جدرانه لا يكاد يصلح لشيء، لكنني أصريت على اعادة ترميمه كما خططت له أنه يكون، موضحًا أنه استغرق قرابة ستة أشهر مع المزيد من الجهد والتكاليف في اعادة الترميم ليظهر بهذا الشكل الرائع".

وأضاف لمراسل "النجاح الإخباري", "كلفني البيت مبالغ كبيرة جداً قمت بدفعها من حسابي الشخصي إضافة لبيعي "الفيلا" الخاصة التي كنت أسكنها، عدا عن قلة توفر المواد المستخدمة في الترميم في قطاع غزة، مبينًا أنه استخدم بعض المواد التي لم تتوفر في القطاع وتم استيرادها من الخارج كالحديد من الخليل وبعض المواد والأحجار التي جاء بها من جمهورية مصر العربية.

وأكد سلامةعلىأن الاهتمام في الآثار والحضارة والحفاظ على الهوية التراثية الفلسطينية يجب أن تكون حاضرة في أذهان الفلسطينيين كافة رغم عدم اهتمام المعنيين بذلك، وهو ما دفعه لتنفيذ الفكرة، مشيرًا إلى أن البيت بعد الترميم أصبح يحظى باهتمام كبير من المختصين والاساتذة في علم الترميم والأثار عدا عن بعض المواطنين الذين يروه كمزار خاصة أنه يعبر عن عبق التاريخ والماضي وفيها إثبات لأرثنا وحضارتنا، ويعطي انطباع وكأنك تعيش داخل فندق حديث".