طارق أبو إسحاق - النجاح الإخباري - حالة من الفزع والذعر، يعيشها المواطنون في قطاع غزة، بعد تزايد نسبة انتشار مرض السرطان خلال الفترة الأخيرة بشكل غير مسبوق، فقد أتى هذا المرض على أرواح أعداد كبيرة من المواطنين، ولكن السؤال الذي يؤرق بال أعداد كبيرة من المواطنين، هل ينتقل هذا المرض عن طريق الوراثة؟ وما الأسباب الحقيقية لانتشار السرطان أو ما يسمونه  "هداك المرض"؟ باعتباره غير قابل للقهر في أذهان الناس .

أسباب السرطان

حيث أكد "د.خالد ثابت" رئيس قسم الأورام في مجمع الشفاء الطبي، أنّ مرض السرطان يعتبر المسبب الثاني للوفيات في فلسطين بعد أمراض القلب والأوعية الدموية.

ويرى أن أسباب مرض السرطان قد تكون وراثية بنسبة (10%) في بعض الحالات وفي أنواع محدودة من السرطانات، نتيجة لانتقال بعض الطفرات الجينية من الأبوين إلى الابن، والظروف البيئية مثل الحروب والمواد المشعة (التي استخدمتها قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال حروبها الثلاثة علي القطاع)، وتلوث البيئة نتيجة تشغيل المولدات الكهربائية، والسيارات واستخدام الأدوية الزراعية والمبيدات .

سبل العلاج

وحول طرق علاج المرض بيّن "د. ثابت" لمراسل "النجاح الإخباري" أنّ علاج الأورام له ثلاث إجراءات علاجية:

أولًا العلاج الجراحي وهي عمليات الاستئصال وأغلبها يتم إجراؤها في غزة.

والثاني العلاج الكيميائي متوفر ولكن بصورة غير مستمرة.

 بينما العلاج الثالث الإشعاعي ويليه العلاج الهرموني وهو غير متوفر على الإطلاق، حيث يضطر الأطباء لتحويل المريض لتلقي العلاج في الخارج على نفقة وزارة الصحة، مشيرًا إلى أنّ اكتشاف السرطان في المراحل المبكرة يساعد على علاجه والشفاء منه.

وأوضح أن هناك مصابين يؤجلون رحلة العلاج ويسلكون طريق العلاجات البديلة، أو ما يعرف بالطب الشعبي، كالوخز بالإبر الصينية وخلطات الأعشاب والمستحضرات الشعبية  وغيرها، ويرى "د.ثابت" أنّ الأعشاب لا يمكن أن تكون بديلًا عن العلاج الطبي.

المرض نخر جسدها

بعيون ذابلة وجسد نحيل وصوت تخنقه العبارات اليائسة قالت السيدة "فوزية رضوان" (38 عامًا) لمراسل "النجاح الإخباري": كل ما أفعله الآن في حياتي هو انتظار أخذ الجرعة الكيماوية التي باتت المنفذ الوحيد لبقائي على قيد الحياة، فملابسي لم تعد تغريني لارتدائها بعد أن أصبحت فارغة من ثديي، حيث تم استئصالهما بسبب الإصابة بسرطان الثدي".

وتابعت "رضوان" القول وهي تجد صعوبة بالغة في الحديث من أثر مضاعفات الداء الخبيث الذي يفتك يومًا بعد يوم بجسدها العليل "أعيش قلقًا على مصيري وأبنائي، فقد بات المرض ينخر جسدي كاملًا، ويرهق أنوثتي التي ذهبت مع فقدان ثديي، الأمر الذي أفقدني وزني ونضارة وجهي، وألزمني على المكوث في الفراش كعجوز ذابلة، والتخلي عن دوري في رعاية أطفالي والاهتمام بهم، ورؤيتهم يكبرون أمام ناظري."

اكتشاف متأخر

كما ويروي المريض الثلاثيني لمراسل "النجاح الإخباري" رحلة صراعه مع مرض السرطان الذي انتشر بجزء من جسده النحيل قائلًا "منذ سنوات كنت أعاني من صداع نصفي بدأ يتزايد بمرور الأيام بشكل لم أعد أتحمّله، فتوجهت لمستشفى الشفاء لإجراء التحاليل والفحوصات اللازمة، للتأكد من طبيعة الحالة المرضية، وعند المراجعة كانت الصدمة باكتشاف وجود ورم خبيث في الرأس، فقرروا عندها تحويلي للعلاج في جمهورية مصر، ومن خلال الفحوصات تم التحديد الدقيق للورم في البلعوم الأنفي والغدد اللمفاوية، ومن ثم كتابة البروتوكولات العلاجية الخاصة بحالتي، والآن أستكمل رحلتي العلاجية بتلقي الجرعات الكيماوية، بالتنقل  بين قطاع غزة  ومصر ومستشفيات الخط الأخضر أملًا في العلاج."

ألم وحزن

"أم محمد" لم يختلف حالها عن سابقيها قالت "كنت أعيش حياة سعيدة مع زوجي، وأنجبت خمسة أطفال، وأمارس حياتي بشكل طبيعي وبكل هدوء، ولكن فجأة أصابني صداع شديد قررت بعده إجراء فحوصات، وكانت الكارثة باكتشاف ورم سرطاني، حينها انقلبت حياتنا وأصبحت كابوسًا."

هكذا بدأت بألم وحزن حديثها لمراسل "النجاح الإخباري"، حيث أكدت أنّه بعد اكتشاف المرض بدأت رحلة العذاب والانتقال من مستشفيات غزة إلى مستشفيات الضفة المحتلة، لعدم توفر العلاج الكيماوي والإشعاعي في مستشفيات غزة.

وأوضحت بأنها تلقت العلاج الكيماوي في "مستشفى رام الله"، وانتقلت إلى "مستشفى المطلع" بالقدس المحتلة للعلاج الإشعاعي، مؤكدة بأن رحلة العلاج كلفت زوجها آلاف الدولارات رغم الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه.

وسواس بالمرض

وفي ذات السياق قال "فتحي طافش": أصبحتْ كلمة سرطان تتردد على مسمعي يوميًّا، لكن قبل عامين  أصبحت أسمعها عدة مرات في اليوم الواحد وفي مواقف مختلفة!

بدأت أشعر بالتوتر، وبدأت أشعر أن الله يريد أن يقنعني بمرضي، وبدأت أشعر بالخوف، وأتحسس جميع أعضاء جسدي الخارجية، للتأكد أنه لا يوجد ورم، وقبل حوالي أسبوع تحسست وجود انتفاخ في جانبي الأيمن  بحجم نصف حبة الحمص تقريبًا، فظننت أنه سرطان،  توترتُ كثيرًا، وبدأت أبحث في الإنترنت عن مرض السرطان وأعراضه، وقبل يومين وجدت صورة لمثل هذا الانتفاخ بالصدفة، فبحثت عن ماهية هذا الانتفاخ فوجدت أنّ هذا ربما يكون سرطانًا، فصعقت وتصببتُ عرقًا من شدة التوتر، ومن حينها  لم أذق الطعام، علمًا أنّني لا أعاني من أي نوع من الألم، لكن بعض العطاس، وبعض الصداع الخفيف الذي يختفي ثم يعود، وبعدها قررت إجراء فحص للاطمئنان، والحمد لله كانت النتائج إيجابية وكل الأعراض نتيجة وسواس وأوهام لا أساس لها."

إحصائيات رسمية

وتشير إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية في العاميْن المنصرميْن إلى أنَ عدد مرضى السرطان في غزة بلغ (14600) مريض/ة.

ويشار إلى أن  برنامج "العون والأمل" لرعاية مرضى السرطان، قال في بيان صحفيّ في اليوم العالمي للسرطان: إن مرض السرطان سجل ارتفاعًا ملحوظًا منذ بداية عام (2016) حيث يُسجل في البرنامج (12) حالة سرطان جديدة أسبوعيًّا على الأقل.

وبيّن المركز أنّ هذا الرقم يدعو إلى القلق، نظرًا لأن البرنامج لا يسجل كل الحالات في قطاع غزة، ومعظم الحالات الجديدة المسجلة تتوزع بين سرطان الثدي لدى الإناث وسرطان الدم لدى الأطفال، وسرطان القولون لدى الذكور.