النجاح الإخباري - قال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، مساء اليوم: إن جنديا إسرائيليا قتل قبل نحو شهرين شابا فلسطينيا لم يهدّد حياة أحد، وذلك أثناء عمليّة إغلاق منزل في كفر عقب في الضفة الغربية.

وجاء في تقرير للمركز، "أنه في تاريخ 22-12-2016، في حوالي الساعة 2:45 ليلاً، قتل جنديّ اسرائيلي بالرصاص، أحمد نشأت عثمان خروبي، البالغ من العمر (19 عامًا)، من سكّان البيرة، وذلك أثناء عملية دخول قوّات الأمن الاسرائيلي إلى كفر عقب، ترافقهم قوّات الإدارة المدنية الاسرائيلية. ودخلت القوّات القرية عند منتصف الليل من أجل إغلاق منزل مصباح أبو صبيح، الذي قتل كلاًّ من ليفانَه مليحي، مواطنة إسرائيلية، كانت في الستّين من عمرها، وضابط شرطة مكافحة الشغب يوسف كرمة، الذي ناهز من عمره (29 عامًا)، ونُفذت العملية في شرقيّ القدس قبل شهرين، في تاريخ 9-10-2016 .

ووفق التقرير يقع منزل أبو صبيح في كفر عقب، في القسم المصنّف كمنطقة C، أمّا المكان الذي قُتل فيه أحمد خروبي فيقع ضمن منطقة نفوذ بلدية القدس، ويزعم الجيش أنّه في أثناء الليل "أُطلقت أعيرة نارية وعبوات ناسفة نحو القوّات، ولم تقع خسائر لقواتنا. وقد ردّت قوّة الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار نحو شخص ألقى عبوة، فقُتل هذا".

وبين أنه من الساعة 2:00 حتى الساعة 2:30، وصلت إلى كفر عقب سيّارتان تقلاّن 7-10 شبّان من البلدات المجاورة- بينهم خروبي- أتوا للاحتجاج على إغلاق المنزل. على بُعد ما يقارب مائة متر شمال منزل أبو صبيح، قام نحو عشرة جنود وأفراد من شرطة حرس الحدود الاسرائيلي بسدّ الشارع بسيارتَي جيب. وجّهوا مؤشرات الليزر المركّبة على أسلحتهم نحو السيارتين وأشاروا إليهما بالالتفاف. استدار الشبّان بالسيّارتين وأوقفوهما في ساحة القرية، على بُعد حوالي 240 مترًا شمال الشارع المسدود، ثم عادوا إلى هناك سيرًا على الأقدام. على طول الطريق، وقف عشرات الأشخاص يشاهدون ما يجري. عدد قليل منهم قام بإلقاء الحجارة على الجنود الذين انتشروا في الشوارع المحاذية وعلى أسطح بعض المنازل. جنوب الشارع المسدود سُمعت أصوات مواجهات وإطلاق نار وإلقاء قنابل صوتية.

ووفق التقرير فإنه عند حوالي الساعة 2:30 اختبأ الشبّان خلف زوايا المنازل وكومة من الإطارات كانت ملقاة على جانب الطريق قرب محلّ لتصليح الإطارات، يبعد نحو ثمانين إلى مائة متر عن سيارات الجيب وقوّات الأمن التي كانت تسدّ الشارع. على أسطح المنازل المجاورة للشارع المسدود تموضع القنّاصة. اختبأ خروبي خلف سور منخفض، يبلغ ارتفاعه نحو ستين-ثمانين سم، وعلى ما يبدو فقد حاول أن يلقي الحجارة باتجاه رجال شرطة حرس الحدود والجنود الذين تواجدوا عند الشارع المسدود، وكانوا يبعدون عنه نحو ثمانين وحتى مائة متر. بعد حوالي ربع ساعة، زهاء الساعة 2:45، أُطلقت رصاصتان باتجاه الشبّان.

ووصف (د.د.)، 25 عامًا، من سكّان أمّ الشرايط، إطلاق النار على خروبي، في إفادة أدلى بها يوم 24-12-2016 أمام باحث بتسيلم الميداني إياد حداد: اختبأنا، أنا و(ز.ط.) و(ف.د.) وأحمد خلف إطارات وزوايا المنازل، لنشاهد ما يحدث من مكاننا بشكل أفضل. من جانب الشارع المسدود الذي وقفنا فيه لم تكن مواجهات تقريبًا، لكن من الجهة الجنوبية، في الجانب الثاني من سيارات الجيب، سُمعت أصوات قنابل صوتية ورصاص حيّ، لكننا لم نتمكن من رؤية المواجهات. رأينا القناصة على أسطح بنايات عالية.

وقال: بعد 15 دقيقة من وصولنا إلى المكان، أطلق قنّاص رصاصة حية، أصابت أحمد، ولكن لم ينجح أحد في رؤية القنّاص أو تحديد ما إذا كان على سح بناية أم على الأرض. الشبان الّذين كانوا قريبين من أحمد بدأوا يستدعون سيارة الإسعاف. تقدّم أحد الشبان باتجاه أحمد، وأطلقت نحوه رصاصة أخرى، لكنها لم تصب أحدًا. الشبان الذين كانوا قريبين من أحمد حملوه واقتادوه إلى الرصيف.

بدوره، وصف (ز.ط.)، البالغ من العمر 19 عامًا، من سكّان مخيم الأمعري، في تاريخ 24-12-2016 لباحث "بتسيلم" الميداني إياد حداد إطلاق النار: وقفتُ مع (ص.ط.) على بعد نحو عشرة أمتار خلف أحمد و(ف.د.). كان الشارع مضاءً، لكنّ رجال الشرطة وقفوا في منطقة معتمة. سمعت صوت إطلاق رصاص حيّ أصاب أحمد. تقدم (ف.د.) ليخلّص أحمد الذي سقط فور إطلاق الرصاص، فأطلقت باتجاهه رصاصة حيّة لكنها لم تصب أحدًا. بدأ (ف.د.) يصرخ: "اطلبوا الإسعاف، اطلبوا الإسعاف". توجهنا أنا وشاب آخر نحو أحمد، الذي كان خلف جدار منخفض. رفعناه وسحبناه عدّة أمتار، ونحن منحنين خوفًا من رصاص القنّاصة. شعرت أنه ثقيل.

من جانبه، قال (ج.ف.)، 39 عامًا، وهو مسعف وسائق سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر في مدينة البيرة، كان في تلك الليلة داخل سيارة الإسعاف، حيث أوقفها في ساحة كفر عقب استعدادًا لنقل المصابين. في إفادة قدّمها في تاريخ 25-12-2016 لباحث "بتسيلم" الميداني وصف ما حدث: أثناء انتظارنا هناك لم ألحظ مواجهات، وبالتأكيد ليس في المساحة التي كانت تفصل بيني وبين القوّات العسكرية التي سدّت الطريق. كان الوضع هادئًا. عند الساعة 2:45 ليلاً سمعت طلقتين من الذخيرة الحية، بفارق ثانية واحدة أو اثنين بين الرصاصتين، اطلقتا من جهة القوات التي سدّت الشارع. تقدّمت بضعة أمتار بسيارة الإسعاف لكي أعرف نتيجة إطلاق النار، ورأيت عددًا من الشبان، بيني وبين الجنود، يصرخون "الإسعاف، الإسعاف".

وأضاف: قدت السيارة باتجاههم، ورأيت ثلاثة أو أربعة شبان يحملون مصابًا. فورًا استدرتُ بسيارة الإسعاف بحيث توجّه القسم الخلفيّ من السيارة نحوهم ووضعوا المصاب على نقالة في سيارة الإسعاف. بقي المسعف الذي رافقني بجانبه ليقدّم له الإسعاف الأوّلي، وبدأ بإنعاشه وبإجراء تنفّس اصطناعي. أثناء السفر إلى المستشفى الكائن في رام الله قال لي المسعف إنّ قلب المصاب لا ينبض، لا يوجد نبض ولا يوجد نفس. أدركتُ منذ البداية أن الحديث يدور عن حالة صعبة وقدتُ بسرعة قصوى. في غضون ثلاث دقائق وصلتُ إلى المستشفى، الذي كان مستعدًا لاستقبال المصاب، بعد أن تلقّى خبرًا من المركز.

وحسب المركز الحقوقي الاسرائيلي فقد وصل خروبي إلى المستشفى ولم يكن على قيد الحياة. حاول الأطباء إحياءه، ولكن دون جدوى، ثمّ ثبّتوا أنّه قد فارق الحياة. أصابت الرصاصة أسفل الرقبة من جهة اليسار، وخرجت من الخلف، من الجهة اليمنى لأعلى الظهر. عند الساعة العاشرة تمّ تشريح الجثة جزئيًا، لإخراج بعض الشظايا من جسمه. في كفر عقب، غادرت قوات الأمن المكان عند حوالي الساعة الخامسة صباحًا، بعد أن أنهوا إغلاق بيت أبو صبيح.

وجاء في التقرير أنه من تحقيق "بتسيلم" يتبين أنه لم تُلقَ أيّة عبوة ناسفة باتجاه رجال قوات الأمن من المنطقة التي تواجد فيها خروبي والشبان. تبيّن كذلك أنّه من المسافة التي تواجدوا فيها- 80-100 متر- لم يشكّلوا خطرًا. جرى إطلاق النار على رقبة خروبي وقتله، وإطلاق النار الإضافي بهدف إبعاد الشبان الذين حاولوا إخلاءه، في حين لم يشكّل فيه خروبي خطرًا على حياة أحد. إطلاق النار على الجزء العلويّ لجسم إنسان يختبئ وراء سور، حتّى لو ألقى حجارة باتجاه قوات الأمن، لا مبرّر له وهو مخالف للقانون.

وأورد: إضافة إلى كلّ ذلك، فإنّ الغرض الذي لأجله دخلت القوّات قرية كفر عقب بطريقه أودت بحياة الشاب ولم يكن لها أيّ داعٍ، كان تنفيذ إغلاق عقابي لمنزل عائلة شخص نفّذ عمليّة. هذا الإغلاق هو مخالف لأحكام القانون ولمبادئ الأخلاق إذ يشكل عقابًا جماعيًا، وعليه فالعملية برمّتها خاطئة من أساسها.

وقال: على مدار سنوات طويلة، أخفقت التوجّهات إلى جهاز تطبيق القانون العسكر في توطيد نهج مساءلة ومحاسبة الضالعين في عمليات قتل الفلسطينيين. في كثير من الحالات لم يُفتَح أيّ تحقيق، وحين فُتح تحقيق كان ينتهي بشكل دائم تقريبًا بطمس الحقائق وبالتستّر على مخالفي القانون. لذلك، قرّر مركز "بتسيلم" الكفّ عن التوجّه إلى النيابة العسكريّة للمطالبة بفتح تحقيق، وفي الوقت نفسه لا يزال المركز يعمل بطرق أخرى من أجل فرض إجراء المساءلة والمحاسبة.

وتابع: تحقيقًا لهذه الغاية، نواصل التحقيق في مثل هذه الحالات ونشرها. ومع ذلك، فإنّ مسؤولية إجراء التحقيق ومحاكمة الضالعين في هذه الأحداث تبقى بالطبع من واجب المنظومة العسكرية. غير أنّه إذا ما واصلت النيابة العسكرية سياسة الطمس المنهجيّ فلن يكون هناك ما يردع قوّات الأمن عن مواصلة إطلاق النيران القاتلة هذه على فلسطينيين لا يشكّلون خطرًا عليهم.