النجاح الإخباري -
 لعبت السينما دوراً مهماً في تناول القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المستوطنة في البلاد العربية، كما أنها قد قدمت في بعض الأحيان مساحة هامة لإثارة النقاش حول بعض الحلول المناسبة لها.

وقد تميز الفن السابع بميله الدائم نحو المعالجات والمقاربات الجدلية الطابع، والتي تعمل على نقل الأراء المختلفة من الواقع إلى شاشات السينما.

سطعت  أفلام عربية تمَّ عرضها في عام (2017)، وهي وإن اختلفت في حجم تأثيرها وسبب جدليتها ونوعية المشكلات التي تعرضت لها، إلا أنَّها جميعاً تتفق على كونها قد مست طرفاً من الأطراف المسكوت عنها في المجتمع العربي، كما أنَّها قد ألقت بحجر في المياه الراكدة.

مولانا: كيف تم إظهار رجل الدين البراغماتي؟
مستنداً إلى روايته التي تحمل العنوان نفسه، قدم الكاتب الصحفي المصري إبراهيم عيسى فيلم مولانا في قاعات العرض في أواخر العام المنصرم، ولم تمر الأيام الأولى من العام الحالي حتى بدأت عاصفة الاعتراضات والانتقادات تلوح واضحة في الآفاق.


عيسى، الذي عرف بكونه واحداً من أكثر الكتاب العرب إثارة للجدل في الفترة الأخيرة، قدم في فيلمه نموذجاً لرجل الدين البراغماتي الذي يستغل علمه وشخصيته الكاريزمية للتربح وحصد المزيد من الأموال، ولم يكتف الفيلم بذلك بل تطرق أيضاً لمناقشة العديد من الأفكار عن الخلافات ما بين السنة والشيعة، وبعض الأفكار الإلحادية والجدال ما بين المسلمين والمسيحيين.

أثار الفيلم ردود أفعال متباينة ما بين معارض ومؤيد، فعلى سبيل المثال، طالب عدد من الدعاة ونواب البرلمان ورجال الدين المسلمين بوقف عرض الفيلم بدعوى تشويهه لصورة الأئمة، ومن جهة أخرى رد مخرج الفيلم مجدي أحمد علي على هذه المطالب بالقول إن "المطالبين بوقف العمل هم السلفيون لأنهم يكرهون السينما وحكموا على الفيلم من دون رؤيته"، وأضاف أن الفيلم إذا لم يصطدم بالمعارضين "يكون فيلماً فاشلاً ومطالبات وقفه دليل نجاحه".

 

وأكد المخرج أن الفيلم حصل على كل الموافقات من الجهات المختصة، وحصل على إجازة من جهاز الرقابة على المصنفات الفنية وليس من حق أحد المطالبة بوقفه لأن ذلك ضد القانون.

18 يوم: نوستالجيا ثورة يناير
رغم أن فيلم 18 يوم قد تم إنتاجه في عام 2011، وتحديداً بعد أيام قلائل من اندلاع ثورة 25 يناير في مصر، إلا أنه يمكن اعتبار أن عام 2017 هو التوقيت الحقيقي لعرض الفيلم على الجمهور.

18 يوم، الذي شارك في صناعته وبطولته عدد كبير من النجوم والسينمائيين المصريين، اختفى عن الأنظار لمدة تقترب من السنوات الست، ليظهر بشكل مفاجئ في شهر يوليو السابق، وليتم تداوله بشكل كثيف وغير مفهوم على مواقع التواصل الاجتماعي وموقع اليوتيوب.

 

استطاع الفيلم الذي تشكل من مجموعة من القصص المنفصلة التي لا يربط ما بينها وبين بعضها البعض إلا التعاطف مع اللحظة الثورية الضائعة، أن يُحدث حالة جدلية بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً وأنه أعاد ذكرى الثورة إلى الأذهان، كما أن العبارات الجريئة التي وردت في سياق الفيلم قد جذبت نوعية معينة من الجمهور الذي أثار استخدام تلك المصطلحات فضوله، خصوصاً أنها المرة الأولى التي تُعرض فيها مثل تلك الكلمات بكل تلك الكثافة في فيلم مصري.

شيخ جاكسون: إمام المسجد الذي تقمص شخصية ملك البوب الأميركي
تعود أحداث الفيلم إلى يوم الخميس 25 يونيو 2009، وخبر وفاة المغني الأميركي الأشهر مايكل جاكسون الذي هزَّ الأوساط الفنية في العالم.

أثار الفيلم الذي أخرجه عمرو سلامة، وقام ببطولته أحمد الفيشاوي، موجة كبيرة من الجدل والانتقادات داخل الوسط الفني وخارجه، وذلك رغم مشاركته المتميزة في الدورة السابعة عشر من مهرجان تورنتو، وترشيحه ليكون الفيلم الذي يمثل مصر في مسابقة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي.

الجدلية التي يتعرض لها الفيلم، تتمحور حول شكل وأنماط التدين في المجتمع المصري، وبالخصوص الطبقة الوسطى منه، والتأثيرات التي يتعرض لها الشباب في سن المراهقة، والتي من الممكن أن تحولهم من شكل لأخر، وذلك من خلال تتبع التطورات التي أصابت أحد الشباب المتأثرين بالحضارة الغربية وبموسيقى مايكل جاكسون، ثم تحوله للالتزام الديني المتزمت الطابع.

الفيلم تضمن الكثير من المشاهد التي اعتبرها البعض تجاوزاً للطقوس والشعائر الدينية، مما تسبب في رفع بعض القضايا التي طالب أصحابها بمحاكمة صناع الفيلم بتهمة ازدراء الدين الإسلامي.

قضية رقم 23: الشجار الذي أظهر الحزازيات الاجتماعية في لبنان
من المعروف أن السينما اللبنانية، قد اتسمت منذ بداية عهدها بالميل للخوض في المواضيع المسكوت عنها، وبإثارتها للقضايا الجدلية ذات الأبعاد الاجتماعية والدينية والإنسانية الشائكة.

في فيلمه الجديد "قضية رقم 23"، حافظ المخرج اللبناني الفرنسي زياد دويري على تلك المنهجية، عندما ناقش المشكلات السياسية المتوطنة في المجتمع اللبناني، من خلال قصة حادثة شجار بسيطة وقعت ما بين إثنين من اللبنانيين، أحدهما فلسطيني الأصل.

وهنا لابدّ أن نذكر أنّ دويري، الذي يحمل الجنسية الفرنسية بالإضافة لجنسيته اللبنانية، أثار الكثير من الصخب في المجتمع البيروتي في سبتمبر/ أيلول الماضي، عندما تم توقيفه في مطار بيروت وتم التحقيق معه من قبل السلطات الحكومية، على خلفية زيارته لإسرائيل في 2012 وتصويره فيها لفيلمه "الصدمة".

 

الفيلم الذي تميز بجرأته وصراحته المطلقة، استطاع أن يحقق نجاحاً فنيّاً كبيراً، حيث شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان البندقية لهذا العام، وحصل عنه الممثل الفلسطيني كامل الباشا على جائزة أفضل ممثل في المهرجان، وفي الوقت ذاته استطاع أن يثير نقاشاً مهماً داخل الأوساط اللبنانية التي فوجئت بأحد أهم مشكلاتها عمقاً وهي تقدم على شاشات السينما.

 

العاصفة السوداء: عن داعش والمأساة الإيزيدية في سنجار
استطاعت قطر في السنوات السابقة أن تقدم أعمالاً درامية تلفزيونية مهمة، وخصوصاً على الصعيدين التاريخي والديني. في 2016، شاركت في إنتاج فيلم العاصفة السوداء، مع كل من العراق وألمانيا.

العاصفة السوداء، ورغم عرضه للمرة الأولى في نهايات 2016، وحصوله في تلك السنة على جائز المهر الطويل لأفضل فيلم روائي في مهرجان دبي السينمائي، إلا أنّه قد أثار ردود أفعال جماهيرية مهمة عقب عرضه للجماهير والمشاهدين في 2017.

الفيلم الذي يحكي قصة إثنين من المحبين الإيزيديين المشرفين على إتمام زواجهما في منطقة سنجار بالعراق، يبين كيف تغير كل شيء عقب اقتحام المنطقة من قبل العناصر المسلحة التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية المعروف بداعش، ويظهر الفيلم المعاناة التي تعرضت لها الفتاة المخطوبة بعد أن تم استرقاقها واغتصابها، بينما انهار خطيبها نفسياً وأصيب بالاكتئاب.

الفيلم تعرض للانتقاد من جانب العديد من الأطراف، فمن جانب، أكد البعض على المبالغة والتهويل في قصة الفيلم، أما على الجانب الأخر، فقد تعالت الأصوات الإيزيدية المطالبة بوقف عرض الفيلم أو حذف عدد من مشاهده بسبب ما يحتويه من فكرة "رفض الأهالي الإيزيديين استقبال بناتهم بعد تعرضهن للسبي والاغتصاب من قبل داعش".

ولا بد أن نشير إلى أنّ قطر نفسها، لم تكن بمنآى عن الصراع في سورية، مما يعقد مسألة مشاركتها في الفيلم.

المختارون: فيلم إماراتي بنكهة هوليودية
رغم العمر القصير نسبياً للسينما الإماراتية، إلا أنها في 2017 استطاعت أن تقدم تجربة بصرية جديدة ومبتكرة من خلال فيلم المختارون.

الفيلم الذي شارك في بطولته بعض من نجوم الدراما التلفزيونية السورية، وأخرجه الإماراتي علي مصطفى، يقدم قصة لمجموعة من الأفراد الذين تمكنوا من البقاء على قيد الحياة عقب قيام الحروب ودمار البشرية وضياع كل مظاهر التمدن والحضارة.

 

قصة الفيلم أثارت بعض المجادلات والمناقشات في الأوساط الفنية والجماهرية، حيث رأى الكثيرون أن الفيلم عبارة عن نسخة مقلدة ومكررة من بعض الأفلام الهوليودية المشهورة، أما البعض الأخر فقد رأى فيه فتحاً سينمائياً جديداً ومهماً على المستوى العربي، وأنه يبشر بتطور تقني رهيب في المؤثرات والتقنيات السمعية والبصرية المستخدمة.

عرق الشتا: عندما جسدت السينما قصة الفلاح المغربي
في فيلمه عرق الشتا، قدم المخرج المغربي حكيم بلعباس، رؤية عميقة لحال الفلاح المغربي الذي يعاني الأمرين ليبقى صامداً أمام ظروف الحياة القاسية وتحدياتها العصيبة.

الفيلم استطاع أن يحظى باهتمام قطاعات واسعة من الجماهير المغربية، وأثار حالة من النقاش والجدل، خصوصاً بعد فوزه بثلاث من بين خمس جوائز لفئة الفيلم الطويل بالمهرجان المغاربي للفيلم والذي تم تنظيم دورته السادسة بمدينة وجدة في شرق المغرب في أبريل/نيسان السابق.

 

أثارت المعاناة التي قدمها الفيلم، أسئلة عديدة تتمحور حول سوء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المغرب، وهو ما جعله من أفلام 2017 التي تستحق المشاهدة.

على كف عفريت: هل تغيرت الأوضاع في تونس بعد الثورة حقاً؟
يُعد الفيلم التونسي على كف عفريت، واحد من أهم الأفلام التي عرضتها شاشات السينما العربية في عام 2017.

قصة الفيلم المستوحاة من أحداث حقيقية، تسلط الضوء على مشاكل النساء في تونس، عبر تتبع قصة الطالبة التونسية مريم، التي تتعرض لتحرش جنسي من قبل ثلاثة رجال شرطة أثناء وجودها في نادٍ ليلي، وتصرّ على اللجوء للعدالة.

على كف عفريت، هو إنتاج تونسي سويدي مشترك، ومن إخراج التونسية كوثر بن هنية.

 

الفيلم الذي افتتح به مهرجان مالمو للسينما العربية في دورته السابعة، في أكتوبر السابق، استطاع أن يسلط الضوء على مشكلة العدالة الانتقالية في تونس ما بعد الثورة، وأن يطرح سؤال مهماً، وهو هل تغير فعلاً أسلوب تعامل النظام السياسي مع المواطن التونسي، أم أننا ما زلنا نعيش في مفردات عصر ما قبل ثورة الياسمين؟

اصطياد أشباح: الفيلم التسجيلي الذي أرّخ لضحايا السجون الإسرائيلية
بعيداً عن جميع الأمثلة السابقة للأفلام الروائية، فإن الفيلم الفلسطيني اصطياد أشباح قد استطاع أن يسجل حضوره في قائمة الأفلام العربية الأكثر جدلاً، رغم كونه فيلماً تسجيلياً.

 

الفيلم الذي أخرجه الفلسطيني رائد أنضوني، وتمكن من الحصول على جائزة أفضل فيلم تسجيلي في الدورة السابعة والستين لمهرجان برلين السينمائي، يحكي قصة مجموعة من السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ويتضمن الكثير من مشاهد الدموع والآلام والتعذيب وعدد من التفصيلات الموجعة عما حدث داخل المعتقلات الإسرائيلية.