النجاح الإخباري - كشف مسؤولون غربيون وفلسطينيون، تفاصيل ومسار الخطة الأمريكية للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين "صفقة القرن"، ومصير قطاع غزة والضفة الغربية والقدس وقضايا الحل النهائي ضمن بنود "الصفقة" التي كانت تعدها الإدارة الأمريكية، قبل أن يتوقف مسارها بفعل الإعلان الأمريكي اعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال. 

وأوضح مسؤول دبلوماسي غربي لوكالة "الأناضول" التركية، أن جاريد كوشنر طرح بنود الخطة على أطراف إقليمية، وقال إن الخطة كانت تتضمن إنشاء "كيان فلسطيني في قطاع غزة والمناطق المصنفة (أ) و(ب) وبعض المناطق المصنفة (ج) في الضفة الغربية مع سيطرة أمنية إسرائيلية وبقاء المستوطنات على حالها، وتقديم مساعدات مالية كبيرة لتحسين الوضع الاقتصادي الفلسطيني"، أما بخصوص قضايا الحل النهائي (القدس والحدود والمستوطنات واللاجئين والأمن والمياه)،بين أن الخطة تنص على تأجيل مناقشتها، بما يقود لاحقا إلى بعض خطوات التطبيع العربية مع إسرائيل". 

وانخرط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سريعا، عقب توليه منصبه، في محاولة حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بعقد 3 اجتماعات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومثلها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتكليفه صهره وكبير مستشاريه جاريد كوشنر بقيادة فريق السلام الأمريكي، لكن ترامب، الذي غمرته مشاعر الثقة بسهولة حل صراع دام 70 عاما مطلقا شعار "صفقة القرن"، ما لبث أن أدرك صعوبة وتعقيد الصراع، فبدأ بالحديث عن "خطة" لحل الصراع، ليتضح لاحقا أنها لا تزيد عن مشروع إنشاء كيان فلسطيني منقوص السيادة. 

وبحسب الأناضول، كشف مسؤول فلسطيني كبير أن ترامب، كان يبدي استغرابه، خلال حديثه مع القيادة الفلسطينية، حول عدم قدرة أسلافه على حل الصراع العربي الإسرائيلي، وأضاف، "في البداية كان الرئيس الأمريكي يقول لنا إنه مستغرب من عدم قدرة الرؤساء الأمريكيين السابقين على حل الصراع، وقال لنا إن بإمكانه تحقيق اتفاق في غضون 9 أشهر إلى سنة على الأكثر"، وتابع، " قلنا له: هذا ما نريد"، وأكمل، " قالوا لنا بداية إنهم يريدون الاستماع إلى مواقف الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وهذا ما حصل فعلا في عديد من الجلسات التي تم عقدها مع ترامب نفسه في واشنطن وبيت لحم ونيويورك، وجلسات أخرى عديدة مع جاريد كوشنر ومبعوث الرئيس الأمريكي للاتفاقات الدولية جيسون غرينبلات، في رام الله وواشنطن والعاصمة الأردنية عمان". 

وخلافا لفرق السلام السابقة، التي انحدرت في مجملها من الطبقات السياسية الأمريكية التقليدية، فإن الفريق الحالي في مجمله من رجال الأعمال والمحامين، وإن كان الوسطاء الأمريكيون السابقون على دراية بالتفاصيل الدقيقة للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي فإن الفريق الحالي لا دراية له على الإطلاق بتفاصيل الصراع، بحسب المسؤول. 

ونقل مسؤول فلسطيني ثانٍ عن أعضاء الفريق الأمريكي الحالي، قولهم للفلسطينيين منذ الاجتماعات الأولى:" لا دراية لنا بتفاصيل الصراع ونريد الاستماع منكم إلى مواقفكم من كل القضايا المطروحة للنقاش، وما هي خطوطكم الحمراء وما تقبلون به وما لا يمكن أن تقبلوا به على الإطلاق"، وأضاف، " قالوا لنا إنهم بصفتهم ينحدرون من قطاع الأعمال فإنهم لا يحبذون العمل بالطريقة التي عمل بها السياسيون الأمريكيون السابقون، وعليه فإنهم لا يؤمنون بكلمة (عملية) وإنما يفضلون كلمة (صفقة) وهذا ما سيعملون من أجله". 

كانت أولى القواعد التي وضعها الفريق الأمريكي (الحالي) هي سرية المحادثات وهو ما التزم به الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي إلى حد كبير حتى الآن، وعلى ذلك فقد انحصرت اللقاءات بالفريق الأمريكي والفريقين الفلسطيني والإسرائيلي، وبدأت العملية بالكثير من الجلسات التي تم الاستماع فيها إلى تفاصيل الموقفين الفلسطيني والإسرائيلي، كل على حدة، من كل قضايا الحل النهائي، وهي "القدس والحدود والمستوطنات واللاجئين والأمن والمياه"، بحسب المصدر نفسه. 

وترأس جاريد كوشنر الفريق الأمريكي، الذي ضم أيضا ممثل ترامب للمفاوضات الدولية، جيبسون غرينبلات، والسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، ومساعدة مستشار الأمن القومي الأمريكي، دينا باول، وكوشنر هو رجل أعمال، متخصص بالعقارات، وغرينبلات هو محام متخصص بالعقارات أيضا، في حين أن فريدمان هو "محامي إفلاس"، أما باول، المسيحية ذات الأصول المصرية، فهي ذات خلفية سياسية، لكن البيت الأبيض، أعلن في الثامن من الشهر الجاري، أن باول تعتزم الاستقالة من منصبها مطلع العام المقبل، وما يجمع بين كوشنر وغرينبلات وفريدمان هو أنهم "يهود متدينون"، وهذا الأمر، أشار اليه كوشنر نفسه، في ندوة عقدت في معهد سابان في واشنطن في الثالث من الشهر الجاري والتي تابعتها وكالة الأناضول حينذاك، وقال في الندوة:" حاولنا، نحن الثلاثة يهود المتدينين، والمصرية القبطية، القيام بالكثير من جلسات الاستماع.. مع الفلسطينيين، مع الإسرائيليين لفهم ما هي قضاياهم، ما هي خطوطهم الحمراء، لماذا هي خطوط حمراء بالنسبة لهم، ومن ثم أن نقرر كيف يمكن أن نجد مجالات للاتفاق المتبادل"، وأضاف:" نحن رجال أعمال.. نحن لسنا سياسيين"، وتابع، " تعمدنا عدم وضع أطر زمنية، وعدم محاولة القيام بهذا الأمر بالطريقة التي تم القيام بها من قبل، حتى تكون لدينا مساحة أكبر وفرصة على أمل النجاح بها". 

واستنادا إلى المسؤول الفلسطيني الكبير، الذي تحدث لوكالة الأناضول، فإن القيادة الفلسطينية، أوضحت للأمريكيين أنها تؤمن برؤية "حل الدولتين"، بمعنى أن هناك دولة إسرائيل، وهي قائمة، و"نريد أن تقوم الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية "، وأضاف:" قلنا إننا نرفض الاستيطان ونعتبر أن الاستيطان غير شرعي، وأننا على استعداد لإجراء تبادل محدود للغاية للأراضي، بالقيمة والمثل"، وتابع، " ذكّرْنا الجانب الأمريكي بمبادرة السلام العربية التي تقول إنه إذا انسحبت إسرائيل من الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة عام 1967، وتم إقامة دولة فلسطينية، وإيجاد حل عادل ومتفق عليه يستند إلى القرار 194، فإن الدول العربية ستقيم علاقات مع إسرائيل". 

ولم يتضح، ما هي المواقف التي طرحها الجانب الإسرائيلي على الفريق الأمريكي، ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال في أكثر من مناسبة إنه "لا عودة إلى حدود 1967 ولا عودة لأي لاجئ فلسطيني وأن القدس بشطريها الشرقي والغربي عاصمة لإسرائيل، كما قال إن إسرائيل "لن تتنازل عن مسؤوليتها الأمنية على كل الأراضي الفلسطينية"، وشدد مرارا أيضا على ضرورة اعتراف الفلسطينيين باسرائيل كدولة يهودية في أي اتفاق. 

وفي هذا الصدد، قال كوشنر في ندوة معهد سابان، إن فريقه يحاول التركيز على "حل المشكلة الأكبر"، في الصراع، وأضف:" نحن نحاول أن نركز على حل المشكلة الأكبر، وقمنا بالكثير من العمل في هذا المجال، كما تعلمون، يتحدث الناس عن ممارسات بناء الثقة، أنا لا أرى الكثير من الثقة ولذلك أنا لست متأكدا"، وتابع:" كما تعلمون، يمكنك أن تفعل تدريبات الثقة للسنوات المائة المقبلة. لست متأكدا مما سيحققه هذا الأمر حقا. يجب أن تركز على حل المشكلة الكبيرة". 

وفي نهاية شهر أغسطس/آب الماضي، زار كوشنر مع فريقه الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، وأبلغ الطرفين بأن الولايات المتحدة الأمريكية تعكف على صياغة خطة لإعادة تحريك عملية السلام طالبا من الطرفين الانتظار لعدة أسابيع، وأعاد الرئيس الأمريكي على مسامع الرئيس الفلسطيني عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، في لقاءين منفصلين على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في شهر سبتمبر/أيلول الماضي الرسالة ذاتها. 

واستنادا إلى المسؤول الفلسطيني الكبير، الذي تحدث للأناضول، فإن الرئيس الأمريكي كرر الرسالة ذاتها على مسامع الرئيس الفلسطيني مطلع الشهر الجاري، عندما هاتفه لإبلاغه بقرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وهو ما أغضب الفلسطينيين، وأقر كوشنر في حديثه، خلال الندوة، سالفة الذكر، وجود خطة دون الكشف عن تفاصيلها، وقال:" نحن نعلم ما في هذه الخطة، الفلسطينيين يعلمون النقاشات التي أجريناها معهم، والإسرائيليون يعلمون النقاشات التي أجريناها معهم"، لكن المسؤول الفلسطيني، أكد على أن الولايات المتحدة الأمريكية، "لم تطرح على الفلسطينيين أبدا فحوى هذه الخطة". 

من جانبه، كشف مصدر دبلوماسي غربي، أن كوشنر طرح بنود الخطة على أطراف إقليمية، وذكر المصدر، أن الخطة تتضمن إنشاء "كيان فلسطيني في قطاع غزة والمناطق المصنفة (أ) و(ب) وبعض المناطق المصنفة (ج) في الضفة الغربية مع سيطرة أمنية إسرائيلية وبقاء المستوطنات على حالها، وتقديم مساعدات مالية كبيرة لتحسين الوضع الاقتصادي الفلسطيني". 

أما بخصوص قضايا الحل النهائي (القدس والحدود والمستوطنات واللاجئين والأمن والمياه)، فيقول المصدر الغربي، إن الخطة تنص على تأجيل مناقشتها، بما يقود لاحقا إلى بعض خطوات التطبيع العربية مع إسرائيل". 

وتعقيبا على ما ذكره المصدر الغربي، يؤكد المسؤول الفلسطيني الكبير في حديثه لوكالة الأناضول، رفض القيادة الفلسطينية لهذه الخطة، في حال كانت صحيحة، وقال:" إذا ما كان هذا الكلام صحيحا فإنه لا يوجد فلسطيني يقبل به، وهو بالتأكيد لا يمثل بأي حال (صفقة قرن) كما كان يقال". 

والمناطق (أ) هي الخاضعة للسيطرة الفلسطينية الكاملة أما المناطق (ب) فتخضع للسيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية، في حين أن المناطق (ج) التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية فتخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة (مدنيا وأمنيا).  

وفي ظل الحديث عن تقديم خطة لاستئناف المفاوضات، فإن الرئيس الأمريكي أقدم على خطوة لم تكن بالحسبان إذ اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأعلن الشروع في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وعلى إثر هذا القرار، فقد أوقف الفلسطينيون اتصالاتهم مع الإدارة الأمريكية، ورفضوا استقبال نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس، الذي كان ينوي زيارة المنطقة في العشرين من الشهر الجاري. 

وفي كلمة افتتاحية لاجتماع للقيادة الفلسطينية في رام الله، في الثامن عشر من الشهر الجاري، قال الرئيس محمود عباس:" قلنا ونقول إن الولايات المتحدة اختارت ألا تكون وسيطا بالعملية السياسية، ونحن نرفض أن تكون وسيطا سياسيا وهي مع اسرائيل وتدعمها وتساندها"، وأضاف:" لا نقبل أن تكون الولايات المتحدة وسيطا، أو شريكا في عملية السلام...المجنون لا يقبل بذلك". 

وفي هذا الصدد، فقد اوضح نبيل شعث، مستشار الرئيس الفلسطيني للعلاقات الدولية، أن القيادة الفلسطينية لم تقرر مغادرة عملية السلام، وانما مغادرة الاحتكار الأمريكي لما تسميه واشنطن رعايتها لعملية السلام"، وأضاف، " نريد نقل العملية من الرعاية الأمريكية إلى الرعاية الدولية"، أما وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي فقد قال في تصريح مكتوب سابق، حصلت الأناضول على نسخة منه:" ما يسمى بصفقة القرن أصبح من الماضي". 

وكان مسؤولون فلسطينيون، قد قالوا للأناضول إن الإدارة الأمريكية كانت قد وعدت الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، (قبل إعلان ترامب الأخير) بطرح خطة السلام مطلع عام 2018. 

وتختم الأناضول، ليس ثمة إجابة واضحة، على كيفية تعامل الفلسطينيين والعرب والمسلمين مع الخطة الأمريكية، إذا تم طرحها فعلا مطلع العام الجديد، بدون التراجع عن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.