النجاح الإخباري - ينشر "النجاح الاخباري"  تقرير لجنة التحقيق بشأن الأحداث التي وقعت أمام مجمع المحاكم في البيرة وأحداث بيت لحم في (12-3-2017) والتي شكلت بتوجيهات من الرئيس محمود عباس وبموجب قرار رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الدكتور رامي الحمد الله بتاريخ (13-3-2017).

وقد خرج تقرير لجنة التحقيق بالاستخلاصات التالية:

  1. كانت الوقفة أمام مجمع المحاكم في البيرة وقفة سلمية، دعت إليها عدّة جهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكن دون تقديم إشعار إلى الشرطة أو المحافظة حسب القانون، ولم يلجأ المشاركون إلى استخدام العنف أو تخريب الممتلكات العامة أو الخاصة.

  2. لقد تمّ اتخاذ قرار فتح الشارع ومن ثم فض الوقفة بالقوة من قبل مدير شرطة المحافظة الذي كان موجوداً شخصيّا في الميدان، وقد كان هناك تباين في تقدير الموقف الميداني  بين قائد الأمن الوطني الذي كان هو أيضًا موجودًا في المكان وبين موقف مدير شرطة المحافظة، ففي حين أبدى قائد الأمن الوطني مرونة في التعامل مع المتظاهرين وحاول افساح وقت أطول للتفاوض معهم، جاء قرار قائد الشرطة حاسمًا وسريعًا بضرورة فتح الشارع فورًا، ودون إعطاء مهلة كافية، علمًا بأنّ الردّ الأولي للمتظاهرين كان برفض الاستجابة لطلب الشرطة بإخلاء الشارع.

  3. إنّ ما جرى في بيت لحم في ذات اليوم، وإن بدأ كتجمع ومسيرة سلمية، إلا أنّه تحوّل بسرعة إلى تجمهر غير مشروع لجأ فيه عدد من المشاركين إلى العنف والقاء الحجارة والزجاجات الفارغة ولاحقًا الزجاجات الحارقة والأكواع المتفجرة على مقر الشرطة، ما سبب اضرارًا ماديًّة وأوقع عدداً من الإصابات في صفوف الشرطة والأمن الوطني.

  4. لقد أبدت أجهزة الأمن في محافظة بيت لحم مستوىً عال ٍمن ضبط النفس والمهنية، ولم تنجرّ إلى العنف رغم ما تعرضت له من هجوم، وأعطت مثالًا من الانضباط وحسن تقدير الموقف وبالتأكيد أنّهم قد استخلصوا العبر والدروس مما حدث أمام مجمع المحاكم ظهيرة ذلك اليوم. 

  5. رغم احترام اللّجنة لاستقلال القضاء، وعدم التدخل في قراراته، إلا أنّها ترى أنّ محكمة الصلح لم تراعي طبيعة ملف القضية وحساسيته وتوقيت الجلسة التي جرت بعد  حوالي أسبوع من استشهاد "باسل الأعرج"، وتمسّكت بإجراءات شكلية حيث تمت المنادة على اسم الشهيد وزملائه الأسرى في سجون الاحتلال في بداية الجلسة، والإصرار على تبليغ المتهمين على آخر عنوان لهم رغم معرفة المحكمة بوجودهم في سجون الاحتلال، كذلك تأجيل المحكمة إلى نهاية شهر نيسان (2017) الأمر الذي يترك الملف مفتوحًا، في حين كان بمقدور المحكمة إنهاءه في تلك الجلسة.

  6. إنّ إجراءات استخدام القوّة في فتح الشارع وفض الوقفة أمام مجمع المحاكم، هي مخالفة صريحة لقرار وزير الداخلية رقم (211) المتعلق بمدونة قواعد استخدام القوّة والأسلحة النارية، لاسيما المادة (20) التي تنص على أنّه "يحظر على العسكريين استخدام القوّة لتفريق التجمعات غير المشروعة التي لا تتضمن أفعال عنف، إلا إذا كان فض التجمهر غير المشروع بغية حماية حياة المواطنين، على أنْ يتم استخدام القوّة وفق أحكام هذه المدونة."

  7. رغم عدم جواز استخدام القوّة ابتداء، عملاً بأحكام المادة (20) المشار إليها سالفًا، إلا أنّ أسلوب استخدام القوّة خالف نصوص عديدة من مدونة استخدام القوة، خاصة ما يتعلق باحترام المبادئ الثلاثة التي تقوم عليها وهي: مبدأ الضرورة، ومبدأ التدرج في استخدام القوة، ومبدأ التناسب، حيث لم تكن هناك ضرورة لاستخدام القوّة بهذا الشكل، ولم يكن هناك تدرج أو إعطاء تحذيرات واضحة مسبقة لجميع المشاركين، ولم تكن القوة متناسبة مع طبيعة الحدث أو المشاركين.

  8. تمت مخالفة المادة (8) من المدونة والمتعلقة بالتدرج في استخدام القوّة، خاصة الفقرة (4) التي تنص على أنّه "قبل البدء بعملية استخدام القوّة أو السلاح الناري، وتحديد نوع القوة المنوي استخدامها، يتوجب على العسكري أن يأخذ بعين الاعتبار كافة الظروف المرتبطة بالحادث، وطبيعة الجريمة التي يتعامل معها، إضافة إلى درجة الخطر التي قد يتعرض لها الأشخاص الأبرياء المتواجدين في المكان، والحالة البدنية والنفسية والعقلية للشخص المستهدف المنوي استخدام القوة أو الأسلحة النارية ضده. "

  9. لم  تتم مراعاة الظرف السياسي وطبيعة موضوع الوقفة وطبيعة تنوّع المشاركين ووجود أقارب الشهيد بمن فيهم والده ضمن المتجمهرين، خاصة أنّ جثمان الشهيد كان لا يزال محتجزًا لدى سلطات الاحتلال يوم الوقفة، ووجود عدد كبير من الفتيات، في حين ركز على الاعتبارات الأمنية المتعلقة بحماية مبنى المحاكم وفتح الشارع، ولدى إصدار الأوامر باستخدام القوّة لم يتم التمييز بين مشارك أو غير مشارك.

  10. كان هناك استخدام مفرط لقنابل الغاز، دون مراعاة طبيعة المنطقة التي تكتظ بالمدارس في أوقات دوام المدارس. كما أن طريقة إطلاق الغاز في بعض الحالات حصل بشكل أفقي ومباشر الأمر الذي قد يشكل خطر ويخالف مبادئ استخدام قنابل الغاز.

  11. تسليح القوّات كان وفقًا للقواعد والتعليمات، لكن أحد الأفراد استخدم عصا كهربائية غير موجودة في تسليح القوّة، وقد أوصت لجنة التحقيق الداخلية في جهاز الشرطة إيقاع عقوبة بحقه.

  12. الاعتداء على الصحفيين سواء مصورين أو مراسلين لم يكن له أي مبرر أو حاجة ولا يمكن قبوله تحت أيّ ظرف، ، وقد شارك مدير شرطة المحافظة شخصيًّا في سحب الكاميرات من أحد الصحفيين.

  13. كان هناك أفراد من قوى الأمن باللباس المدني في مهمات جمع معلومات، لكن في مرحلة متأخرة من فض الوقفة حاول بعضهم القيام بمهام عملياتية مثل محاولة سحب الكاميرات من الصحفيين أو من المواطنين الذين كانوا يقومون بالتصوير، كما قام أحد عناصر جهاز المخابرات (الاسم محفوظ لدى اللّجنة) بالزّي المدني، بلكم أحد المشاركين في وجهه، وهذا سلوك فردي ولم يكن هناك تدخل ميداني غير ذلك من قبل عناصر الأمن بالزي المدني.

  14. أداء الناطق الرسمي لأجهزة الأمن زاد من حالة الاحتقان والتوتر، إضافة إلى أنه أضعف مصداقية الرواية الرسمية من خلال المبالغة في إنكار التجاوزات الموثقة.

وأوصى التقرير بما يلي: 

من أجل ضمان عدم تكرار ما حدث، فإن اللجنة توصي بما يلي:

مجلس الوزراء:

  1. مراجعة اللائحة التنفيذية لقانون الاجتماعات العامّة بحيث تصبح متوافقة مع قانون الاجتماعات العامة لسنة (1998)، ومع أحكام الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان خاصة العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية.

  2. متابعة إصدار قانون للشرطة، يتوائم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، مع التأكيد على طبيعة جهاز الشرطة كجهاز مدني نظامي.

  3. الإسراع في إصدار قانون حق الوصول إلى المعلومات لما له من دور في تنظيم العلاقة بين المؤسسات الرسمية والصحفيين والإعلاميين.

وزير الداخلية:

  1. إصدار تعميم فوري وواضح لكافة منتسبي أجهزة الأمن باحترام الصحفيين في الميدان وكيفية  التعامل معهم وتسهيل عملهم، وعدم التعرّض لهم بأي سوء، حتى لو كان التجمهر غير مشروع، مع عدم الإخلال بحق قوّات الأمن في الميدان باتخاذ اجراءات أو توجيه تعليمات للصحفيين بما يضمن سلامتهم، وتشكيل لجنة من وزارة الداخلية والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ونقابة الصحفيين ونقابة المحامين من أجل صياغة مسودة هذه الارشادات ورفعها لوزير الداخلية للمصادقة.

  2. تعويض الصحفيين الذين تمّ الاعتداء عليهم أمام مجمع المحاكم في رام الله عن الضرر الذي لحق بمعداتهم (كاميرا مراسل فلسطين اليوم).

  3. إنشاء خط ساخن بين الداخلية ونقابة الصحفيين لمعالجة أيّة إشكالات تواجه الصحفيين في الميدان أو في تعاملهم مع قوى الأمن.

  4. فصل وظيفة الناطق الرسمي باسم الاجهزة الأمنية عن وظيفة المفوض السياسي العام.

  5. ترى اللّجنة أنّ مدير شرطة محافظة رام الله والبيرة، وقائد وحدة الشرطة الخاصة في الميدان  قد ارتكبا مخالفة انضباطية من الدرجة الأولى، وفقاً لقرار وزير الداخلية رقم (192) لسنة (2009) بشأن المخالفات الإنضباطية لمنتسبي قوى الأمن الفلسطينية، وعليه، توصي اللّجنة باتخاذ الإجراء القانوني الملائم بحقهما، عملاً بأحكام القرار المذكور، وبأحكام المادة (23) من مدونة قواعد استخدام القوّة، والتي تنص على "كل من يخالف أحكام هذه المدونة أو التعليمات الداخلية التي يصدرها قادة قوى الأمن لأغراض تنفيذها، يعاقب جنائيًّا وفق أحكام القانون، مع عدم الإخلال في إيقاع العقوبات الإدارية في حقه وفق الأصول."

  6. اتخاذ إجراء انضباطي حسب الأصول بحق عنصر الأمن بالزي المدني الذي اعتدى بالضرب على أحد المواطنين (الاسماء لدى اللجنة)، مع إصدار تعليمات تمنع  قيام عناصر الأمن بالزي المدني بالتدخل في فض الاعتصامات أو المسيرات.

  7. تؤيد اللّجنة ما ورد من توصيات صادرة عن لجنة التحقيق الداخلية في جهاز الشرطة والمتعلقة بإنزال عقوبات انضباطية بحق عدد من الضباط والافراد (إنزال عقوبة بثلاث ضباط وضباط صف وأفراد تتراوح بين تأخير الرتبة من ستة شهور الى سنة)، وتوصي بالمصادقة على هذه التوصيات وتنفيذها.

  8. التأكيد على ضرورة التناسب في استخدام القوّة، وعدم جواز الاعتداء على أي مواطن بعد تقييد حركته.

  9. إصدار إرشادات وتعليمات تفصيلية حول استخدام قنابل الغاز في الميدان، بحيث تتم مراعاة طبيعة المكان والأشخاص المتواجدين في المكان.

  10. تعزيز البرامج التدريبية للشرطة حول مدونة استخدام القوة والتعامل مع الصحفيين والجمهور، وأيضًا توضيح كيفية إطلاق القنابل بما لا يشكل خطرًا على سلامة المواطنين.

  11. تزويد دوريات الشرطة بسماعات للاستخدام في توجيه نداءات للمتظاهرين أو المتجمهرين، وأيضا تزويدهم بأشرطة خاصة لتحديد أماكن وقوف المتظاهرين بما لا يعطل حركة السير.

  12. التأكيد على الضباط في الميدان بالتعامل مع المسيرات والتجمعات السلمية بحكمة ووفقاً للقانون ومدونة السلوك، سيما في ظل القمع المتواصل وعمليات الإغتيال التي تمارسها قوّات الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا وما ينتج عنها من حالة احتقان في الشارع الفلسطيني.

مجلس القضاء الأعلى:

  1. تكليف رئيس دائرة التفتيش القضائي بالتحقيق في إجراءات وظروف جلسة محاكمة الشهيد "باسل الأعرج" وزملائه المعتقلين لدى سلطات الاحتلال، والمنعقدة يوم الأحد الموافق (12/3/2017).

النيابة العامة:

  1. التحقيق في أحداث بيت لحم، خاصة ما يتعلق بقيام بعض المتظاهرين بإلقاء أكواع متفجرة وزجاجات حارقة على مركز شرطة المحافظة، وإحالة من يثبت تورطه إلى القضاء حسب الأصول.

الإعلام الرسمي:

  1. العمل على تغطية الاحداث الداخلية بتوازن وموضوعية أعلى وذلك من أجل تعزيز المصداقية وأيضًا تخفيف حالة الإستقطاب والتوتر والاحتقان في الشارع الفلسطيني.

القوى والفصائل:

  1. التزام جميع الأطراف بقانون الاجتماعات العامة لسنة (1998) الذي يؤكّد على حق الجميع في عقد اجتماعات عامّة دون الحاجة إلى ترخيص وإنما يتم إشعار الشرطة أو المحافظة قبل (48) ساعة.

  2. الاتفاق على ميثاق شرف وطني بين القوى والفصائل حول قواعد السلوك في المظاهرات والمسيرات، بحيث يتم النص على التزام القوى والفصائل ومن يشارك بالمسيرات بعدم إغلاق الشوارع واحترام توجيهات وتعليمات الشرطة فيما يتعلق بأماكن الوقوف، والالتزام بشعارات وهتافات وطنية مسؤولة.

  3. التزام الجميع، خاصة قادة الفصائل والناطقين الرسميين باسمهم، بخطاب وطني وحدوي مسؤول بعيدًا عن التخوين أو توجيه الإساءات، وأن يتم الدعوة إلى الوحدة بدلًا من الفرقة، والابتعاد عن استخدام عبارات تزيد من حالة الاستقطاب والتوتر والتحريض في الشارع الفلسطيني، للحفاظ على تماسك الصف الداخلي وحماية السلم الأهلي.

  4. نبذ المسيرات التي يستخدم فيها العنف أو التخريب للممتلكات العامّة والخاصة، أو تعريض حياة الاشخاص للخطر، ورفع الغطاء السياسي عنها.

  5. التأكيد على حق النساء في المشاركة في أيّة تجمعات سلمية، وإظهار حساسية أكبر في موضوع مشاركتهن وعدم جعلهن هدفاً للتهجم والتهكم مما ينتقص من هذا الحق.

يذكر أن اللجنة التي شكلت مؤلفة من كل من:

اللواء محمد منصور                 وكيل وزراة الداخلية                                رئيسًا

د. عمار الدويك                       مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان         عضوًا

المحامي حسين شبانة               نقيب المحامين                                       عضوًا