النجاح الإخباري - حال التباين بالمواقف والخلافات بين أعضاء المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينيت"، من اتخاذ أي قرارات جوهرية بمنح التسهيلات لقطاع غزة والتي من شأنها أن تسهم إلى تخفيف الحصار المفروض على القطاع منذ 12 عاما.

وقال المحلّل العسكري المعروف بصحيفة هآرتس العبري الصحفي عاموس هرئيل بمقالة له تحت عنوان  تبادل إطلاق النار في الائتلاف يزيد من الضغط على نتنياهو لضرب قطاع غزة وترجمها موقع النجاح الإخباري  بأن شهر العسل القصير بين غادي ايزنكوت واليمين الإسرائيلي، صول، أمس (الاثنين) إلى نهايته المتوقعة.

وأضاف أن سلسلة نجاحات الجيش الإسرائيلي في الأشهر القليلة الماضية، في الشمال وفي قطاع غزة (ولا بد من الاعتراف أيضا – قتل عدد كبير من الضحايا في الجانب الآخر) أوقفت انتقادات اليمين لرئيس الأركان. واستبدل الهجوم المكثف عليه في قضية الجندي اليؤور أزاريا، بمديح استثنائي لأداء القوات الإسرائيلية، لكن هذا كله انتهى صباح أمس، بعد تسريب الأقوال التي تبادلها ايزنكوت والوزير نفتالي بينت، خلال جلسة مجلس الوزراء السياسي – الأمني، أمس الأول.

وأوضح هرئيل بأنه خلال الاجتماع، كرر بينت مطلبه بتوجيه ضربات مباشرة إلى الخلايا التي تطلق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة.

وأشار أيزنكوت إلى المصاعب: قسم كبير من مطلقي الطائرات الورقية هم أطفال، والخلايا تعمل في كثير من الأحيان من بين الجمهور الحاشد، ولا يمكن توجيه ضربة دقيقة فقط إلى الأشخاص الضالعين في إطلاق الطائرات الورقية - وتعليمات فتح النار في الجيش الإسرائيلي تعتمد على الدمج بين الوسائل ونية الخصم، وهي مسألة تجعل من الصعب إصابة كل شخص يقرر إطلاق طائرة ورقية من قطاع غزة. وتطور بين بينت وأيزنكوت نقاش، لاحظ خلاله رئيس الأركان بأنه يمكن معالجة خلايا النشطاء البالغين، ولكن توجيه ضربة جوية هائلة إلى خلايا الطائرات الورقية لا تتفق، حسب رأيه، مع قيم القوات الإسرائيلية ونهج عمله.

وأشار هرئيل إلى أن هذا كان كافياً لإشعال موجة جديدة من الهجمات على رئيس الأركان والجيش على الشبكات الاجتماعية ومن قبل الصحفيين اليمينيين. حتى أن القناة 20 زعمت أنه في "الدولة النظامية"، كان سيُطالب رئيس الأركان بالاستقالة بعد هذا التصريح المروع. لقد تم تناسي الهجمات الكثيرة ضد الأهداف الإيرانية وقوافل الأسلحة لحزب الله في سوريا، كأنها لم تكن، وكذلك تم تناسي حقيقة أن قوات الاحتلال، ومن خلال استخدام تدابير قاسية للغاية، منع حماس من تحويل التظاهرات قرب السياج في قطاع غزة إلى اقتحام جماعي للأراضي الإسرائيلية. لقد تم عرض ايزنكوت كانهزامي وفاشل أخلاقي. وقالوا إنه لو كان قائد الجيش هو رجل كما تهوى قلوبنا، لما كانت هيئة الأركان العامة قد قيدت أيدي القيادة السياسية ومنعتها من الرد.

وحول غزة وحدّة الخلافات قال هرئيل: تحت التأثير الدراماتيكي للشبكات الاجتماعية، أصبح النقاش السياسي حول غزة محمومًا وعاصفًا، ويقترب من الهستيريا. لكثرة التصريحات التضامنية مع محنة سكان غلاف غزة، تناسوا الحقيقة المعروفة وهي أن الصواريخ وقذائف الهاون، كتلك التي تطلق من وقت لآخر في الأسابيع الأخيرة، خطرة بشكل لا يقاس على أمن السكان، مقارنة بالطائرات الورقية والبالونات. لقد أدت الحرائق المتكررة إلى تآكل مشاعر الأمان في غلاف غزة. ومع ذلك، فإن المخاطر الأمنية التي تشكلها، لا تزال محدودة، حتى الآن.

ولكن في الجدل الدائر حاليا حول غزة، لا يوجد مجال للفروق الدقيقة والاعتبارات المعقدة، فقط للمشاعر والمواعظ الوطنية. وهذه يتم دعمها الآن، كما في صيف عام 2014، من خلال التنافس السياسي بين بينت ونتنياهو وبين بينت ووزير الأمن (على الرغم من استبدال بوغي يعلون بليبرمان، الذي اتهم بينت، أمس، بـ "امتطاء ظهر رئيس الأركان، وهو الأمر الأكثر إثارة للاشمئزاز").

فيما قال الصحفي ارييه الداد بمقالة له نشرتها صحيفة معاريف الأسبوع تحت عنوان "على الجيش أن يضرب الإرهابيين ويوقف الحرائق، لا أن ينظر بخطورة" ترجمها موقع النجاح الإخباري ان "الهضم" أحد التعبيرات الممجوجة التي انطلقت من آلة غسيل كلماتنا في العقود الأخيرة، قبل 80 عامًا في أيام الحكم البريطاني سموا ذلك "ضبط النفس"، لكن حينها كان البريطانيون في البلاد، كان هناك من تطلب منه الحفاظ على الأمن، واليوم رئيس الأركان - كما سارع الوزير كاتس لإلقاء المسؤولية عليه - هو المسؤول عن أمننا، "هو المسؤول عن أوامر إطلاق النار" قال وكأن الحديث يدور عن إجراء اعتقال مشتبه به. وحتى وان كان المقصود مثل هذا الإجراء

وأضاف الداد لستُ أعلم إذا ما كان رئيس الحكومة ووزراؤه يظنون أنهم يمكن ان يخدعوا جميع الشعب وطوال الوقت، لا شك بأنهم واثقون من أنهم يستطيعون خداع أتباعهم الأوفياء

وقال زعيم حزب العمل الإسرائيلي آفي غباي، اليوم الاثنين إن حكومة الاحتلال تخسر أمام الطائرات الورقية الحارقة التي تطلق من غزة.

وأضاف غباي في تغريدة على تويتر "لدينا طائرات شبح من طراز F35، وطائرات F16 وقبة حديدية، غواصات الأغلى ثمناً، وحرب الكترونية الأكثر تقدماً في العالم، جيش قوي وقائد أركان رائع، لكن نفتقد كابينت وقرارات لذلك نخسر أمام الطائرات الورقية الحارقة".

وأنفضت جلسة "الكابينيت" التي عقدت في المقر السري تحت جبال القدس دون اتخاذ القرارات، بينما ركزت الجلسة على خطوات إنسانية ارتجالية على المدى القصير والتي صودق على بعضها سابقا في مجالات المياه والكهرباء والصحة والعمل ولم يتم اشتراط تنفيذها باستعادة الأسرى.

وبانعدام قرارات جوهرية تبددت آمال بعض الوزراء وأعضاء "الكابينيت" الذين توقعوا جلسة حاسمة للنظر في حلول إستراتيجية على المدى البعيد لبلورة سياسة إزاء قطاع غزة.

وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن جلسة "الكابينيت" التي تواصلت حتى ساعات متأخرة من ليل الأحد، أنفضت على وقع خلافات بين أعضاء المجلس الوزاري وتباين بالمواقف بين المستوى السياسي من جهة والمستوى العسكري من جهة ثانية الذي دفع نحو منح تسهيلات للقطاع التي من شأنها أن تؤدي إلى خفض حدة التوتر والتصعيد الأمني على طول السياج الأمني.

وحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن خلافات حادة طفت خلال المداولات بين وزير الجيش أفيغدور ليبرمان ورئيس هيئة أركان الحرب غادي آيزنكوت، إذ واصل المطالبة بتخفيف الحصار على القطاع على المدى القصير دون اشتراط ذلك بإعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، مثلما يشترط ليبرمان.

ونقلت شركة الأخبار الإسرائيلية، عن مصدر سياسي رفيع المستوى شارك في جلسة المجلس الوزاري، قوله، إن ممثلي الحرب أوضحوا أن هناك صعوبة في مكافحة مطلقي الطائرات الورقية لأنها تطلق من عمق قطاع غزة، وهناك أيضا خوف من إطلاق النار عليهم لأن جزءا كبير يستخدمها هم من المراهقين أو الأطفال".

وجرى مناقشة تنفيذ مشاريع إنسانية في قطاع غزة على المدى القصير، حيث أوضح ليبرمان خلال الجلسة أن جميع مشاريع البنية التحتية على المدى البعيد يجب أن تكون مشروطة بعودة الجنود والمدنيين المحتجزين لدى حماس.

واشترط ليبرمان أي تسهيلات بإعادة الأسرى من القطاع، مؤكدا أن مواقف الجنود غير مقبولة بالنسبة له وعارض جزءا من المشاريع التي عرضها الجيش كحل مؤقت لمشاكل القطاع ومن بينها مشاريع مياه وصرف صحي وكهرباء.

وآخر القرارات بهذا الشأن كانت اليوم الثلاثاء نشرتها صحيفة هآرتس العبرية تحت عنوان إغلاق ابو سالم ومنع دخول الوقود والديزل إلى قطاع غزة.

وذكرت  صحيفة "هآرتس" أن إسرائيل فرضت قيودًا إضافية على نقل البضائع إلى قطاع غزة، وابتداء من صباح اليوم الثلاثاء وحتى يوم الأحد القادم، سيتوقف نقل الوقود والديزل إلى قطاع غزة.

وقال وزير الأمن افيغدور ليبرمان في بيان له، مساء أمس، إنه سيتم نقل الغذاء والدواء بناء على تصاريح خاصة. ومن الناحية العملية، سيشترط إدخال كل شحنة بقرار من منسق الأنشطة الحكومية في المناطق، ولكن يبدو أنه لا يُتوقع حدوث أي ضرر حقيقي في نقل المواد الغذائية. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تخفيض مساحة الصيد من ستة أميال إلى ثلاثة أميال ابتداء من اليوم. وفي غضون ذلك، أعلنت مصر عن إغلاق معبر رفح، ابتداء من اليوم، لأسباب فنية.

وقال مكتب وزير الأمن إنه "في ضوء المحاولات الإرهابية المستمرة من قبل منظمة حماس الإرهابية، قرر وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، بالتشاور مع رئيس الأركان العامة، إغلاق معبر كرم أبو سالم أمام الوقود والغاز حتى يوم الأحد. وسيواصل المعبر إدخال الغذاء والأدوية التي ستتم الموافقة عليها بشكل خاص. ويأتي الإغلاق بعد استمرار الحرائق في غلاف غزة. لقد هاجمت إسرائيل موقعين لحركة حماس في قطاع غزة، وردت المنظمة بإطلاق صاروخ على إسرائيل، لكنه انفجر في قطاع غزة".

وفي الأسبوع الماضي، عرض مسؤولو وزارة الأمن نتائج سياسة التشديد على حماس في أعقاب إرسال الطائرات الورقية من قطاع غزة: في يوم الأربعاء، كان من المفترض أن تدخل 641 شاحنة إلى قطاع غزة، لكن تم إلغاء دخول 418 شاحنة، وتم إدخال 193 شاحنة في نهاية المطاف. وإلى جانب 171 شاحنة للمواد الغذائية والدواء، تم إدخال 22 شاحنة تحمل الوقود والديزل وغاز الطهي إلى المستشفيات ومرافق البنية التحتية، مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي. وفي اليوم التالي تم إدخال عدد مشابه من الشاحنات. لكن لم يكن جميع القادة العسكريين شركاء في قرار المستوى السياسي الحد من دخول البضائع. وكان هناك من ظنوا أن التشديد سيحقق نتيجة معاكسة لما تتوقعه إسرائيل.

ووفقاً للبيانات التي تلقتها "هآرتس"، قبل بضعة أيام من إعلان سياسة التشديد في قطاع غزة، في 5 تموز، تم إدخال 508 شاحنات في يوم واحد، في حين بلغت الذروة اليومية في حزيران 434 شاحنة. في الشهر الماضي، دخل ما معدله 360 شاحنة إلى قطاع غزة كل يوم، وهو عدد منخفض سبب قلق الجيش الإسرائيلي. وفي كانون الثاني، تم إدخال 325 شاحنة في يوم واحد، الأمر الذي جعل أحد الضباط الكبار في القيادة الجنوبية، يصرح: "حتى وقت قريب، دخلت ما بين 800 و1200 شاحنة محملة بالمواد الغذائية والمعدات إلى غزة. اليوم تدخل حوالي 300 شاحنة، مما يشير إلى انخفاض كبير في القوة الشرائية لسكان قطاع غزة، وهذا بالتأكيد يثير قلقنا".