النجاح الإخباري -  في تطور جديد،  تفاقمت الأزمة الدبلوماسية المتصاعدة بين إسرائيل وألمانيا بشأن القضية الفلسطينية. ودل على ذلك ادعاء مسؤولين إسرائيليين كبار أن ألمانيا لم تساعد في إحباط قرار ضد إسرائيل في اللجنة الإدارية لمنظمة التعليم والثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة (اليونسكو)، وإنما دفعت بقوة باتجاه تسوية مع الدول العربية، الأمر الذي سمح لدول الاتحاد الأوروبي بعدم التصويت ضد القرار.  

ونقلت صحيفة "هآرتس" اليوم، الأحد، عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الإسرائيلية قوله إن نائب مدير عام وزارة الخارجية للشؤون السياسية، ألون أوشبيز، أجرى محادثة متوترة مع السفير الألماني في تل أبيب، كليمنص فون غيتس، احتج خلالها على أداء ألمانيا حول قرار في اليونسكو وصفته إسرائيل بأنه معاد لها.  

وجرت هذه المحادثة بعد يومين من الأزمة الحاصلة في أعقاب رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، التقاء وزير الخارجية الألماني، زيغمار غابرييل، أثناء زيارته إسرائيل، بسبب لقائه مع ممثلين عن منظمتي "بتسيلم" و"نكسر الصمت" الحقوقيتين اللتين تفضحان الممارسات وجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين.

وتطرقت المحادثة بين أوشبيز وفون غيتس إلى رفض نتنياهو لقاء غابرييل. ووفقا للصحيفة، فإنه ساد هذه المحادثة الصراخ وتبادل الاتهامات.

ومن المقرر أن يجري تصويتاً في اليونسكو حول موضوع القدس بعد غد الثلاثاء، وهو اليوم الذي تحيي فيه إسرائيل ذكرى تأسيسها. وخلافا للقرار السابق الذي نفى وجود علاقة بين اليهودية وحائط البراق، الذي أثار غضبا واسعا في إسرائيل، فإن القرار المزمع اتخاذه سيكون مخففا، وذلك في أعقاب اتفاق مع الفلسطينيين والدول العربية، تم التوصل إليه مع سفير الاتحاد الأوروبي في اليونسكو وبدعم من ألمانيا.

وفي إطار هذا الاتفاق، وافق الفلسطينيون والعرب، وفقا لـ"هارتس" على تقديم "تنازلات كبيرة" في مقدمتها شطب أي ذكر أو تطرق إلى المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف من صيغة القرار، وهي البنود التي أثارت غضب إسرائيل وأعلنت في أعقاب ذلك عن تجميد تعاونها مع اليونسكو. كما أضيف لصيغة القرار الجديد جملة تقول إن القدس مهمة للديانات التوحيدية الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام.  

رغم ذلك، إلا أن إسرائيل ليست راضية من الصفقة بين الأوروبيين والعرب، وذلك لأن القرار بقي سياسيا ولا يزال يتضمن انتقادات لإسرائيل. فالقرار الجديد لا يزال يصف إسرائيل بأنها قوة احتلال لكل ما يتعلق بالقدس، ولا يعترف بضم القدس المحتلة إلى إسرائيل ويوجه انتقادات للحفريات التي تنفذها إسرائيل في القدس الشرقية وحول البلدة القديمة، وكذلك ينتقد الوضع في قطاع غزة وممارسات إسرائيل في الحرم الإبراهيمي في الخليل وفي قبة راحيل في بيت لحم.   

والسبب الثاني لعدم رضا إسرائيل من القرار الجديد، وربما الأهم بنظرها، هو أن الصفقة شملت تعويضا على شكل قرار موحد لجميع دول الاتحاد الأوروبي ال،11 الأعضاء باللجنة الإدارية لليونسكو بالامتناع أو دعم القرار بالتصويت بعد غد، ولكن عدم التصويت ضده. وفي وضع كهذا سيتضاءل بشكل دراماتيكي عدد الدول التي ستصوت ضد القرار الذي سيحصل في هذه الحالة على شرعية بالغة.

وقالت الصحيفة إن الاعتقاد الذي ساد لدى المسؤولين في وزارة الخارجية الألمانية هو أن ألمانيا ستعارض أي قرار ضد إسرائيل بأية صيغة كانت وحتى أنها ستساعد في تجنيد دول أوروبية أخرى لمعارضة القرار. لكن الحاصل هو أن ألمانيا سعت إلى بلورة إجماع أوروبي، الأمر الذي قلص حيز المناورة الإسرائيلي عشية التصويت.

وقال دبلوماسيون ألمان لنظرائهم الإسرائيليين إن الخطوة التي قادوها ستساعد إسرائيل لأنه تم تخفيف صيغة القرار بشكل كبير، لكن الدبلوماسيين الإسرائيليين رفضوا هذا التفسير، واصفين القرار بأنه سياسي.

وأضاف الدبلوماسيون الإسرائيليون أن الخطوات الألمانية في اليونسكو بدأت قبل الأزمة التي اندلعت على خلفية رفض نتنياهو اللقاء مع غابرييل، لكنهم أشاروا أن هذه الأزمة وضعت مزيد من الصعوبات أمام إمكانية إقناع الألمان بوقف خطواتهم والتوصل لتسوية مع دول عربية.

وفي مقابلة مع صحيفة "بيلد" الألمانية، وصف نتنياهو لقاء غابرييل مع ممثلي المنظمتين الحقوقيتين الإسرائيليتين بأنه عديم الحساسية وأن الوزير البريطاني تصرف بـغريزة خاطئة. وفي موازاة ذلك، أعلنت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، عن دعمها لوزير خارجيتها وإصراره على لقاء ممثلي المنظمتين الحقوقيتين، وقالت إنها كانت على اتصال متواصل معه خلال زيارته لإسرائيل.  

وتسود أزمة في العلاقات بين إسرائيل وألمانيا حول القضية الفلسطينية، على خلفية تأييد ألمانيا لحل الدولتين ومعارضة حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة لهذا الحل، وتصاعد التوتر بين الحكومتين في أعقاب سن ما عرف "قانون التسوية" لشرعنة الاستيطان في الكنيست، ما أدى إلى قرار ألماني بإلغاء اجتماع سنوي مشترك للحكومتين الإسرائيلية والألمانية.