النجاح الإخباري -  تستأنف الولايات المتحدة وطالبان اليوم الإثنين في قطر المفاوضات الهادفة إلى وضع حد للحرب في أفغانستان، ما يثير آمالا ومخاوف بشأن مضمون تسوية مستقبلية وفي حين يلوح في الأفق موسم جديد من المعارك.

ولم ترشح حاليا سوى تفاصيل محدودة في هذه المرحلة عن مدة هذه الجولة الجديدة من المفاوضات أو جدول أعمالها. وسيشارك فيها الموفد الأميركي زلماي خليل زاده وفريق من المفاوضين من طالبان يقوده شير محمد عباس ستانيكزاي النائب السابق لوزير الخارجية في عهد طالبان.

في نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي وصفت المفاوضات التي دامت ستة أيام متعاقبة بأنها التقدم الأهم منذ التدخل الأميركي في 2001.

وكان الجانبان اختتما المفاوضات مع "مسودة اتفاق" ركزت على وعود طالبان بمنع تحول أفغانستان إلى قاعدة خلفية لهجمات إرهابية ضد دول أجنبية لكن من دون جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية ولا وقف لإطلاق النار.

ويخضع المفاوضون الأميركيون لضغوط رئيسهم دونالد ترامب الذي وعد بـ "إنهاء الحروب الطويلة" التي تشارك فيها الولايات المتحدة. كما أن حلول فصل الربيع يعني احتمال استئناف المعارك في البلاد.

بعد نزاع دام أربعين عاما منذ الغزو السوفياتي في 1979، خابت آمال الشعب الأفغاني في تحقيق السلام وهو لا يزال اليوم يدفع ثمنا باهظا بسبب الحرب.

وحسب تقرير للأمم المتحدة نشر اليوم الأحد كان العام 2018 الأكثر دموية على المدنيين مع مقتل 3804 شخصا معظمهم في هجمات لمتمردي طالبان وتنظيم (داعش) أي بزيادة 11% مقارنة مع 2017.

ومؤخرا نظمت تظاهرات للمطالبة بوقف المعارك قرب معاقل المتمردين في حين أجرى ممثلو طالبان لأول مرة أمام الكاميرات مباحثات في موسكو مع أعضاء في المعارضة لحكومة كابول.

ويفترض أن يجتمع اللويا جيرغا (المجلس الكبير) منتصف آذار (مارس) المقبل في كابول لتحضير الفريق الذي سيتفاوض مباشرة مع طالبان.

ورفضت المجموعة المتمردة حتى الآن الاجتماع مع حكومة الرئيس أشرف غني رغم العروض العديدة لبدء حوار.

وقال المحلل مايكل سيمبل الأخصائي في الأزمة الأفغانية "الأنظار متجهة إلى طالبان لرؤية ما إذا كان في إمكانهم القيام بتسويات" وفتح حوار أفغاني "يشرك الحكومة الحالية".

وأضاف أن زلماي خليل زاده الذي يضاعف منذ أشهر اللقاءات مع القوى الاقليمية "حرك عملية السلام كما لم يحركها أحد في العقدين الأخيرين".

وفي جانب المجتمع المدني الأفغاني يخشى المدافعون عن حقوق المرأة خصوصا من ان يفتح إنسحاب سريع لقوات التحالف الدولي أو اتفاق مبرم على وجه السرعة مع طالبان، الباب لعودة نظامهم القمعي أو لاندلاع حرب أهلية أكثر دموية.

وقال محللون إنه خلال هذه الجولة الجديدة من المفاوضات ستمارس طالبان ضغوطا لسحب قادتها من القائمة السوداء للأمم المتحدة ودعوات أميركية للتحارو مباشرة مع حكومة كابول.

ويأتي اجتماع الدوحة في حين تشهد المنطقة توترات شديدة، إذ تتهم إيران والهند باكستان المجاورة بدعم مجموعات إسلامية متشددة نفذت هجمات دامية على أراضيها في الأسابيع الأخيرة.

ورفضت باكستان هذه الاتهامات وألمحت إلى أن ردا محتملا من الهند قد يضر بمفاوضات السلام حول أفغانستان التي تضطلع فيها بدور مهم بسبب روابطها بطالبان.

لكن الخبير رحيم الله يوسف ضائي يقلل من شأن هذه المخاطر معتبرا أنه يبدو أن اسلام أباد لم تعد قادرة على التأثير على المتمردين.

وقال "يبدو أن طالبان والولايات المتحدة مصممتان أكثر من أي وقت مضى على أجراء مفاوضات سلام. أعتقد أن دور باكستان لن يكون مهما كثيرا في هذه المرحلة".

ورأى غريم سميث من مجموعة الأزمات الدولية أن "الجانبين يشاركان في العملية بروح منفتحة وشعور بأن الوقت ضيق مع اقتراب الربيع ومعه موسم المعارك".

ويخشى يوسف ضائي أيضا من أن يفضي ذوبان الثلوج إلى تصاعد أنشطة طالبان في ساحة المعركة لممارسة ضغوط قصوى على طاولة المفاوضات. وأضاف "أعتقد أنهم سيحافظون على دينامكيتهم حتى وقف إطلاق النار".

لكن عودة المعارك العنيفة مع ما تحمله من قتلى قد تؤثر على التقدم الطفيف المحرز حتى الآن.

وقال سيمبل "سيكون من الأصعب مواصلة عملية السلام في الأشهر المقبلة إذا شنت طالبان هجوما في الربيع على نطاق واسع".