النجاح الإخباري -  تعصف بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب مخاطر متزايدة، حول مستقبله السياسي، على خلفية توجيه القضاء الأمريكي تهمًا من العيار الثقيل للمدير السابق لحملته الانتخابية "بول مانافورت"، وبعد شهادة محاميه مايكل كوهين بخرقه قوانين تمويل الحملات الإنتخابية، ووسط مخاوف من مستشاريه من "انتحاره سياسيًّا".

ويضاف إلى ذلك، ما أثاره الإعلام الأمريكي بشبهات بوجود طفل غير شرعي لترامب بسبب علاقة مع خادمته السابقة، إلى جانب الشبهات بعلاقات غير أخلاقية مع ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز ونجمة مجلة بلاي بوي السابقة كارين مكدوجال، بالإضافة لتقديمه رشاوى بمبالغ ضخمه لهما قبل الانتخابات الرئاسية عام (2016).

وقد تؤدي جميع القضايا والتهم للتأثير على مستقبل ترامب السياسي، والتساؤل المثار والصاخب في الإعلام الأمريكي المحلي والإعلام الدولي: هل يعزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟ أم سيقتصر الجمهوريون على إبقائه فقط لولاية واحدة دون ترشيحه لولاية أخرى؟

استبعاد لعزله

وفي هذا الصدد، استبعد المختص في العلاقات الدولية، نبيل عودة، أن تقود التحقيقات الجارية لإنهاء حكم ترامب قبل انتهاء ولايته الأولى التي تنتهي عام(2020)، خاصة أنَّها ما زالت سوى شبهات وليست اتّهامات قطعية، وإن ثبت على ترامب تلك الشبهات فعملية المحاكمة ستأخذ وقتًا طويلًا.

وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أنَّ التاريخ الأمريكي يقول إن مثل هذه المحاكمات تأخذ من سنة أو سنتين، كما حدث مع رؤساء سابقين، لأنَّها بحاجة لإجراءات طويلة، وقد تبقى عامين على انتهاء ترامب ولايته الأولى.

وفي السياق ذاته، قالت أستاذة العلاقات الدوليَّة في جامعة واشنطن عبير الكايد، إنَّه يحق للقضاء محاكمة ترامب في ظلِّ رئاسته، مشيرة إلى أنَّه يورط نفسه من خلال إطلاق تصريحات له تعزز من تورطه بعرقلة مسار القضاء، مثل تهديده بانهيار الاقتصاد.

ولفتت إلى أنَّ بعض القضايا الموجهة لمستشارين له لا تمس بشكل مباشر ترامب، إلا أنَّ القضايا الأخرى كدفع الرشاوى أو استخدام أموال من مصادر أجنبية لتمويل حملته الانتخابية، فتعدُّ في القضاء الأمريكي جريمة يحاسب عليها، قد تؤدي إلى عزله بعد إدانته واستجوابه.

إجراءات العزل

وحول الإجراءات التي يجب اتّخاذها لعزل الرئيس، أجابت الكايد، أنَّه يجب على أعضاء الكونغرس الأمريكي إعداد مشروع قانون لاستجواب أو مسائلة الرئيس، وهذا المشروع يتطلب عددًا كبيرًا من النواب، وعليه يطلب من النواب التصويت عليه في جلسة استماع عادية، يجب أن يحظى بالأغلبية لاعتماده وتبنيه كقانون.

وأضافت: "لكي يقال الرئيس، يجب على ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ التصويت، ومن غير الممكن أن يقبل بذلك الجمهوريون".

مستقبل ترامب

ورأى عودة، أنَّ الاتّهامات التي تحوم حول ترامب تُشكّل تهديدًا للمسار السياسي له، لافتًا إلى أنَّ المؤسسة السياسية في واشنطن تعدُّ شخصية ترامب بالدخيلة على البيئة السياسية وليس ابنا لها.

وأضاف، لذلك منذ وصوله للبيت الأبيض تحتدم المعارك بينه وبين المؤسسة السياسية في واشنطن التي تحاول توظيف جميع الأوراق لوضع حد لمستقبل ترامب السياسي، لأنَّها ترى أنَّه يهدّد مصالح النخب السياسية التقليدية في واشنطن.

وأوضح عودة أنَّ المجتمع الأمريكي يعدُّ منصب الرئيس بالمنصب الفخري، ولا يجوز للرئيس أن يكون "غير أخلاقي"، وعليه إن ثبتت الشبهات حوله وخاصة فيما يتعلَّق باختراق القانون الانتخابي، والرشاوى التي دفعها لفتاتين له علاقة جنسية معهما، والقضية الجديدة بوجود ابن غير شرعي من مديرة منزله السابقة، لن يقبل الأمريكيون ببقائه.

وحول تهديداته بزعزعة الاقتصاد الأمريكي في حال عزله، أوضحت الكايد أنَّ "الاقتصاد الأمريكي غير قائم تاريخيَّا على رجل أو مؤسسة واحدة، والأولوية الأمريكية استمرار الاقتصاد بشكل قوي في ظل إدارة متخبطة".

أشارت إلى أنَّ الخطوات التي أقدم عليها ترامب في سياسته مع الصين وتركيا وروسيا وإيران هي التي أقضت بأمريكا للمزيد من العزلة السياسية، وتشكل تهديدا للاقتصاد الأمريكي.

انتخابات الكونغرس

من ناحية أخرى، تشكل الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي أهمية كبيرة للرئيس الأمريكي، وحول تأثير تلك الانتخابات على مسار عزل ترامب، أوضح عودة، أن الجمهوريين يسيطرون حاليا على غرفتي البرلمان، ومن المتوقع في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل أن يحافظ الجمهوريون على وجودهم في مجلس الشيوخ، إلا أنهم من المتوقع أن يفقدوا الأغلبية في الكونغرس لصالح الديمقراطيين.

وأشار إلى أن أي فوز مرتقب للديمقراطيين في الكونغرس، سيكون فرصة لأن يكون المطالبين بعزل ترامب أصحاب نفوذ فيه، وبإمكانهم تشكيل لجنة في البرلمان للتحقيق ومساءلة ترامب بشكل مباشر، بالإضافة لرفع المحاكمة إلى مجلس الشيوخ للتصويت.

من جهتها رأت الكايد، أن تحركات الديمقراطيين في الكونغرس خجولة للمطالبة بمساءلة ترامب، مشيرة إلى أن الأزمة المالية التي يعيشها الحزب الديمقراطي قد تودي لفوز الجمهوريين على الرغم من الحملات التي يقودونها ضد ترامب.

دعم الجمهوريين

وفي سياق آخر، تطرح التساؤلات ببقاء دعم الجمهوريين لترامب على الرغم من الشبهات المثارة عليه، وحول ذلك قال عودة، إنه على الرغم من الانتقادات التي يواجهها ترامب إلا أنه ما زال يحظى بدعم الغالبية الجمهورية، مشيرا إلى أن آخر استطلاع للرأي تبين أن نسبة الدعم تصل إلى 85-90 في المئة، منهم 56 في المئة يدعمونه بشدة، لذلك إن بقوا محافظين على مجلس الشيوخ فلن يكون هناك عزل لترامب.

واستدرك عودة، بأنه قد يعيد الجمهوريون حساباتهم ولا يدعمونه للترشح للولاية الثانية، أما التوجه للعزل فقد يضر ويؤثر على بنية الحزب، ومساره السياسي.

هل يستقيل ترامب؟ 

واستبعد عودة أن يضطر ترامب للاستقالة، موضحا أن شخصيته عنيدة ويتمتع بـ"جنون العظمة"، وعقليته مبنية على ثنائية الربح والخسارة، وهو يسعى دائما للربح بكل الوسائل، ولن يتجه للأسلوب ذاته الذي سلكه من قبل الرئيس ريتشارد نيسكون، عندما رأى أن المحاكمة في مجلس الشيوخ قد تصل لعزله عام 1974.

وختم بأن ترامب قد يسعى لنقل أزمته الداخلية، إلى إحداث حروب في الخارج لضمان استمراره وحرف المسار عن الشبهات التي تعصف به.