النجاح الإخباري - مستلقيا على السرير، لوح أحد مصابي الهجوم الدموي على مسجد في قرية الروضة بمحافظة شمال سيناء لسكاي نيوز عربية، بما يعني أنه لا يستطيع الحديث، بعد نحو 24 ساعة من أكبر هجوم إرهابي تشهده مصر في تاريخها.

وكان مستشفى الإسماعيلية العام شاهدا على دماء الجرحى، يعج بالمصابين ممن رأوا الموت بأعينهم وعايشوا دقائق هي الأقسى في حياتهم، تعتريهم علامات الصدمة والذهول جنبا إلى جنب مع الإصابات البدنية متفاوتة الخطورة.

فقد حاصر نحو 30 إرهابيا مسجدا في قرية الروضة القريبة من مدينة بئر العبد وقت صلاة الجمعة، واقتحموه بما لا يدع فرصة للهرب، ثم فتحوا النيران عشوائيا على مئات المصلين، محولين بيت الله الآمن إلى ساحة لسفك الدماء.

اصطادت رصاصات التطرف 305 أشخاص، بينهم أطفال، فأردتهم قتلى، فيما أصيب أكثر من 100 شخص آخرين في الهجوم الذي هز ضمير العالم، وأضاف تنبيها جديدا إلى ضرورة العمل بوتيرة أسرع وأشد قسوة لمحاربة الإرهاب.

وروى شهود العيان مشاهد مروعة خلال دقائق الهجوم، وتحدثوا عن مشاهد لمحاولات الهرب قفزا من النوافذ، وتدافعا في الممر المؤدي إلى أماكن الوضوء، وصراخ أطفال مذعورين.

وقال بعضهم إنهم كانوا على شفا الموت المحقق، فيما قال آخرون إن عائلات فقدت كل أو معظم رجالها في الهجوم.

وتحدث صبي يبدو في الخامسة عشر من عمره في مستشفى الإسماعيلية العام، قائلا: "كنا في أول الخطبة وفوجئنا بضرب النار. لم نجد وقتا حتى لننظر من هؤلاء أو نهرب. أطلقوا النار فينا وفوقنا وبجانبنا وفي الحوائط".

وتابع الصبي الذي كان برفقة عمه في المستشفى، بكلمات ثقيلة ينطقها بصعوبة من آثار الصدمة: "10 دقائق تقريبا ثم رحلوا. قفزت من الشباك ونقلتني الإسعاف إلى مستشفى بئر العبد ثم إلى الإسماعيلية".

أما والده الذي كان يصلي معه في نفس المسجد، فهو لا يعرف عنه شيئا، وربما يكون بين المئات ممن زهقت أرواحهم في "الجمعة السوداء".

وأوضح شاهد عيان يدعى عبيد سالم منصور، في حديث إلى "أسوشيتد برس"، أن إمام المسجد كان قد صعد للتو على المنبر لإلقاء خطبة الجمعة، عندما بدأ إطلاق النار الكثيف.

وأضاف: "أدركنا أن المسجد يتعرض لهجوم"، في ظل حرب القوات المصرية ضد المتشددين في شبه جزيرة سيناء، لا سيما في الجزء الشمالي منها.

يعمل منصور (38 عاما) في مصنع للملح يقع قرب من المسجد، وانتقل للعيش في بئر العبد، المدينة الصغيرة القريبة من موقع الهجوم، منذ 3 سنوات هربا من القتال في أماكن أخرى بشمال سيناء.

لكن يبدو أن منصور كان يهرب لقدره، حيث أصيب في هجوم الجمعة بأعيرة نارية في ساقيه.

وتابع: "الجميع استلقوا أرضا وأبقوا على رؤوسهم منخفضة. إذا رفع أحد رأسه كانوا يطلقون النار عليه. كان إطلاق النار عشوائيا وجنونيا في البداية ثم أصبح أكثر ترويا. كل من لم يكونوا متأكدين أنه قتل أو ما زال يتنفس كانوا يطلقون النار عليه حتى الموت".

وأضاف: "علمت أنني أصبت لكنني كنت في وضع أكثر ذعرا من مجرد الإصابة. كنت على بعد ثواني من موت محقق".