النجاح الإخباري - تنبأ سفير الولايات المتحدة السابق لدى تل أبيب دانيال شابيرو، الذي يعمل حاليا كزميل زائر متميز في "معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي المرتبط بجامعة تل أبيب، بفشل المفاوضات المرتقبة التي سيقوم بها فريق السلام الامريكي في المنطقة خلال الاسبوع المقبل.

وقال شابيرو في مقال نشرته له مجلة فورين بوليسي، يوم أمس الأربعاء، تحت عنوان "هل يفشل مسعى ترامب للسلام في الشرق الأوسط قبل أن يبدأ؟ ليس هناك دواع للتفاؤل في قدرة الوفد الأميركي لمساعي السلام الفلسطينية الإسرائيلية الذي يعتزم زيارة المنطقة نهاية الشهر الجاري على تحقيق اختراقات في عملية السلام.

وتابع قائلا:" إن الفريق الذي سيرسله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط مجدداً هذا الشهر، والذي يضم كلاً من صهر الرئيس جاريد كوشنر ومستشاره لشؤون المفاوضات الدولية جيسون غرينبلات، ونائبة مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي دينا باول لمحاولة تنشيط محادثات السلام "سيواجه بعض الحقائق الصعبة حول عملية السلام الإسرائيلي-الفلسطيني، حيث بات من الواضح خلال الأيام الماضية أن أية آمال خافتة في تحقيق تقدم، أو حتى استئناف المحادثات، أصبحت بعيدة المنال الآن".

ويعزو السفير الأميركي السابق استنتاجه المتشائم:"إلى تقييم دقيق للظروف السياسية للاعبين الثلاثة الحاسمين: رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وترامب نفسه، حيث يواجه كل هؤلاء الثلاثة تحديات هائلة تجعل من المستحيل اتخاذ أي تحرك جاد".

ويشرح شابيرو "إذ يقاتل نتانياهو من أجل الحفاظ على بقائه السياسي في ظل التحقيق الذي يخضع له بشأن اتهامات متعددة بالفساد، فقد أخبر أنصاره في تل أبيب الأسبوع الماضي أن التحقيقات هي محاولة من جانب وسائل الإعلام و "اليسار" للإطاحة بحكومته في "انقلاب" واستبدالها بأخرى من شأنها تقديم تنازلات هائلة إلى الفلسطينيين" وبالتالي-من وجهة نظر شابيرو فإنه "بعد اعتماد هذه الإستراتيجية، ومع احتمال استمرار التحقيقات لعدة أشهر أخرى، ليس أمام نتنياهو أي مجال للمخاطرة بدخول محادثات سلام جديدة".

أما بالنسبة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، فيقول شابيرو "ويعد وضع عباس الآن أقل مرونة من أي وقت مضى؛ فمع اقتراب نهاية حياته السياسية، يخوض الزعيم البالغ من العمر 82 عاماً معركة من أجل الشرعية مع حماس ومنافسه المرير في حركة فتح، محمد دحلان" مذكراً أنه "بعد لقاءات أولية إيجابية مع ترامب ومفاوضيه في الشرق الأوسط، يرسل عباس ومستشاروه الآن إشارات شبه يومية إلى اعتقادهم بأن إدارة ترامب تقف كلياً في صف إسرائيل، مع إدعاء مفاوضه صائب عريقات بأن الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل سوف يدمر حل الدولتين".

أما بالنسبة للرئيس الأميركي ترامب، يقول شابيرو "إنه (ترامب) يواجه قضايا أكثر إلحاحاً - من كوريا الشمالية إلى الاتفاق النووي الإيراني، ناهيك عن المعارك الكبرى التي يخوضها مع الكونغرس حول الرعاية الصحية والإصلاح الضريبي، بينما لا تزال وزارة الخارجية (الأميركية) تعاني من نقص شديد في عدد الموظفين، في حين يغيب وزير الخارجية ريكس تيلرسون تماماً عن ساحة المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية".

ويضيف شابيرو "لقد اهتزت ثقة الأميركيين، ومن بينهم أعضاء الحزب الجمهوري في الكونغرس، في ترامب بعد أن فشل في إدانة مسيرة العنصريين البيض في شارلوتسفيل بولاية فيرجينيا، كما يبحث المحقق الخاص روبرت مولر المزاعم التي تفيد بأن روسيا ساعدت حملة ترامب وتدخلت في انتخابات عام 2016، وهو أمر يشكل تهديداً حقيقياً لرئاسته".

ولذلك، يقول شابيرو "يتبقى أمام ترامب وفريقه ثلاثة خيارات: أولها مواصلة الجهود الدبلوماسية المعتادة من زيارات ومحادثات وتصريحات حول "الاتفاق النهائي" واستغلال المصالح المشتركة بين إسرائيل والدول العربية السنية لتحقيق انفراجة سياسية إقليمية. ولكن المشكلة هي أن هذه الجهود ستبدو زائفة قريباً، ولن تسفر عن شيء سوى كسب بعض الوقت".

أما ثانيها، بحسب شابيرو "الانسحاب من الانخراط إذ يمكن أن يدعي ترامب أنه لا يوجد شيء يستطيع القيام به، وأن الولايات المتحدة لديها مسائل أكثر أهمية لمعالجتها، وأن الظروف ليست مواتية لتجديد المحادثات".

ثالثاً، يقول شابيرو "إعادة التركيز على اتخاذ خطوات لإدارة الصراع والحفاظ على بقاء حل الدولتين لحين تنشأ ظروف قيادية أفضل في المستقبل: بعد انتهاء تحقيقات نتانياهو أو عند صعود ائتلاف إسرائيلي جديد؛ وبعد ظهور خليفة في رام الله يريد أن يثبت أنه يستطيع أن يحقق للشعب الفلسطيني ما لم يستطع عباس تقديمه".

ويعني ذلك وفق قول السفير الأميركي السابق في تل أبيب "مواصلة الاستثمار في الجهود الدولية طويلة الأجل لبناء المؤسسات الفلسطينية؛ وتعزيز الاقتصاد الفلسطيني، بما في ذلك الاستثمار في قطاع التكنولوجيا الفائقة الناشئ؛ وحماية التعاون الأمني ​​الإسرائيلي - الفلسطيني من الصدمات السياسية؛ والعمل مع مصر وقطر وغيرها للضغط على حماس لمنع نشوب حرب أخرى في غزة مع معالجة الاحتياجات الإنسانية هناك؛ وتعزيز العلاقات المتسعة بين إسرائيل والدول العربية بهدوء.

ويؤكد الكاتب أن أفضل ما يمكن القيام به الآن فيما يتعلق بالسلام الإسرائيلي الفلسطيني هو التركيز على تحقيق ما هو ممكن وإرجاء ما هو مرغوب فيه إلى وقت لاحق".