النجاح الإخباري -

تعيش الولايات المتحدة كابوسا روسيا لا ينتهي، بعد أن تصاعدت شكوك جديدة حول احتمالية وجود اختراقات أمنية تقوم بها شركة روسية تختص بالأمن المعلوماتي للخزائن المعلوماتية لمؤسسات حكومية كبرى. وتأتي الشكوك بالتزامن مع توجيه اتهامات للرئيس الأميركي دونالد ترامب بحصوله على دعم روسي أثناء الانتخابات.

ويتشكك البعض في قدرة المخابرات الأميركية في الحفاظ على أمنها الداخلي من أيّ اختراق خاصة بعد أن كشفت صحف مؤخرا على اعتماد العديد من الهيئات الحكومية والخاصة على برامج حماية من القرصنة المعلوماتية تنتجها شركة كاسبرسكي الروسية.

وتفتح قضية كاسبرسكي التساؤلات حول أسباب اعتماد الجانب الأميركي على شركات أجنبية لتكون خطوطا دفاعية تحمي قاعدتها المعلوماتية الهامة والحساسة. ورغم أن وزارة الدفاع الأميركية ووكالة الاستخبارات تمتلكان هيئة مختصة بالأمن المعلوماتي وجيشا من الفنيين، فإنهما تلجآن إلى إدارات عدة لبرامج الشركات الأمنية الأجنبية التي يوافق عليها الكونغرس الأميركي.

اتهامات لشركة كاسبرسكي

تعد الشركة الروسية واحدة من أكبر شركات الأمن الإلكتروني في العالم وتمتلك خبرة واسعة في مجال الأمن، لإنشاء حلول لحماية الحكومات والشركات والبنية التحتية المهمة من أيّ فيروسات. وتقدم الشركة خدمات لأكثر من 400 مليون مستخدم بالإضافة إلى 27 ألف شركة حول العالم. وأثارت التقارير الكثير من التساؤلات والغضب بين أعضاء الكونغرس تبعه قرار رئاسي بحذف اسم الشركة الروسية من قائمة الشركات الموافق عليها والتي تستخدمها الوكالات الحكومية لشراء معدات تقنية، وسط مخاوف من أن تكون روسيا تستخدم منتجات شركة مكافحة الفيروسات الروسية لاختراق الشبكات الأميركية.

ويتساءل مراقبون لصحيفة "العرب" “هل تثق وزارة الدفاع الأميركية في تلك الشركة الروسية لتقوم بتسليمها مفاتيح أبوابها إلى المعلومات الرقمية الحساسة والهامة”. ويربط الكاتب الأميركي روبرت سيرفيس بين الاعتماد على شركات أجنبية في توفير الأمن المعلوماتي والاتهامات الموجهة لترامب بتعاون إدارته مع روسيا.

ويقول سيرفيس إن “الولايات المتحدة وروسيا تتعاملان بحرص وحذر. فلطالما اتهم بوتين الإدارة الأميركية بإثارة القلاقل في أوكرانيا وكذلك تواصل المخابرات الأميركية مع المعارضة الروسية، وهو ما يصفه بأنه أسوء بكثير من اختراق بعض الرسائل البريدية. ورغم العقوبات الاقتصادية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا والغضب الذي أبداه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن الخبراء يقولون إن “تلك الخطوة تهدف إلى نفي وجود علاقات حميمة بين واشنطن وموسكو”.

وتدور في الأوساط القضائية الأميركية عدة تحقيقات حول تدخل روسي في مجريات الانتخابات الأميركية، واحتمال وجود صلة بين حملة ترامب وموسكو. وتشير بعض التحقيقات لوجود علاقة ما بين التدخل الروسي ومستشار ترامب السابق للأمن القومي مايكل فلين.

ويرى مراقبون أن القضية الروسية هي ناقوس خطر لترامب الذي يزداد موقفه تعقيدا بمرور الأيام. ويشبّه البعض بين ما يحدث حاليا في الولايات المتحدة من قرارات مثيرة وإقالات مفاجأة كان آخرها إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي من منصبه، بما حدث في عهد الرئيس الأمريكي المستقيل ريتشارد نيكسون عام 1974 والتي تعرف باسم فضيحة ووترغيت.

وتشير تقارير صحافية إلى أن شركة كاسبرسكي لاب تملك علاقة وثيقة مع الحكومة الروسية وأجهزة الاستخبارات الروسية وتمثل نافذة آمنه وسهلة للأجهزة المخابراتية للتنصت والحصول على معلومات هامة تخص الإدارات الأميركية. وأكد فينسنت ستيوارث، مدير الاستخبارات العسكرية الأميركية أن “الجهاز الأمني يراقب نشاط شركة كاسبرسكي لاب الروسية ومنتجاتها البرمجية”.

 ويقول الكاتب بصحيفة “نيويوركر” نيكولاس سيشمدل إن مصادر رسمية رفضت ذكر اسمها اتهمت أجهزة المخابرات الأميركية بتقاعسها وتراجع عملها في الأعوام الأخيرة. وبحسب المصادر فإن عدد الجواسيس الروس في الولايات المتحدة الآن يفوق عددهم في فترة الحرب الباردة مشيرا إلى أن الروس يتحركون بحرية لاقتناص المعلومات من هيئات ومنظمات أميركية هامة. وعلى الرغم من التحذيرات وحظر استخدام برمجيات كاسبرسكي لاب، إلا أن أجهزة الدولة في الولايات المتحدة تواصل استخدامها.

صراع جيوسياسي

بحسب صحيفة “واشنطن بوست” فإن البرمجيات الروسية مازالت تعمل على أجهزة الحاسوب الحكومية من ولاية أوريغون وكونيتيكت والمكتب الفيدرالي للسجون ولجنة أمن المنتجات الاستهلاكية.

وعدم امتثال الإدارات الأميركية لقرار الحكومة بفتح الباب حول مدى جدية حماية الأمن المعلوماتي وما إن كانت الخطوات التي تتخذها إدارة ترامب جادة بالفعل أم أنها مجرد قرارات تهدف إلى تهدئة الرأي العام الأميركي.

وحذر مدير سابق للمخابرات الأميركية بموسكو ستيف هال من “التساهل” مع الجانب الروسي، قائلا إنه “في الوقت الذي نسهّل فيه مهمة الروس للحصول على معلومات، يصعب على مكاتب المخابرات الأميركية الحصول على أيّ معلومة تخص الإدارات الروسية بسبب الحذر الروسي الشديد”.

وأضاف هال “أكثر الأمثلة التي تبرز حجم التمدد الروسي كان في عام 2015 عندما اتهم مكتب التحقيقات الفيدرالي المخابرات الروسية باختراق حسابات عديدة لمؤسسات أميركية، واتخذ الرئيس السابق بارك أوباما قرارا بترحيل 35 مبعوثا روسيا وفرض عقوبات على وكالات روسية”.

واطلعت صحيفة “العرب” على بيان خاص بشركة كاسبرسي لاب اتهمت فيه الولايات المتحدة بإقحام الشركة في “صراع جيوسياسي”. وأضافت “أنها شركة خاصة ليست لديها أيّ اتصالات سياسية بأيّ دولة في العالم”.

ودعا المدير العام لشركة كاسبرسكي لاب يفغيني كاسبرسكي أعضاء الكونغرس الأميركي إلى الاجتماع مع ممثلين من الشركة للرد على جميع أسئلة الحكومة الأميركية.