هاني حبيب - النجاح الإخباري - بين فترة وأخرى تجدد إسرائيل مزاعمها حول ممتلكات اليهود في الدول العربية مطالبة بتعويضها مالياً عنها، بزعم أن الأنظمة العربية كانت قد سلبت اليهود هذه الممتلكات إثر مغادرتهم لأوطانهم العربية مع قيام الدولة العبرية عام 1948، وفي سياق هذه المزاعم تقول إسرائيل أن المهاجرين اليهود إليها الذي يبلغ عددهم 865 ألف يهودي، من سبع دول عربية تُقدّر قيمة أملاكهم التي تخلوا عنها ب250 مليار دولار، ومؤخراً زعمت وزيرة العدالة الاجتماعية الإسرائيلية جيلا غامئيل أنّ الوقت قد حان لتصحيح الظلم التاريخي الذي وقع على اليهود في سبع دول عربية إضافة إلى إيران والعمل على إعادة ممتلكاتهم التي هي حق شرعي لهم.

وكان الكنيست الإسرائيلي قد أصدر قانوناً في العام 2010 ملزماً الحكومات الإسرائيلية بتضمين ملف (تعويض أملاك اليهود في أي مفاوضات سلام تجريها مع الدول العربية) إلاّ أن إعادة فتح هذا الملف مجدداً في الوقت الراهن يرتبط بنوايا إدارة ترامب طرح ما يسمى صفقة القرن حول الملف الفلسطيني - الإسرائيلي وفي مواجهة مع ما أقرته المنظمة الدولية حول حق العودة للاجئين الفلسطينيين وتعويضهم عن ممتلكاتهم التي اجبروا عن التخلي عنها بعد تشريدهم من وطنهم، هذه الممتلكات تقدّر بمئة مليار دولار وفقاً لمذكرة تقدمت بها السلطة الوطنية الفلسطينية للإدارة الأمريكية قبل عشرة أعوام.

لا شك أن أية مقاربة بين يهود تركوا بلادهم العربية بمحض ارادتهم وبدعوة وتشجيع وتسهيل من قادة الدولة العبرية، واضطرار الفلسطينيين إلى مغادرة بلادهم تحت وطأة الاحتلال الغاشم، ما هي إلاّ مقاربة مخادعة، خاصة وأن اليهود الذي غادروا بلادهم العربية إلى إسرائيل لا يطالبون بالعودة إلى تلك البلاد التي تركوها بإرادتهم، في حين أن اللاجئ الفلسطيني لا زال يحمل مفتاح بيته وأملاكه ينتظر العودة إليها مقاتلاً ومناظلاً في هذا السبيل.

يقول رئيس الكنيست والوزير الإسرائيلي شلومو هليل في كتابه (ريح شرقية) أنه التقى مع المسؤول في الوكالة اليهودية بعد قيام الدولة العبرية مباشرة، وطلب منه توفير طائرات لنقل اليهود العراقيين إلى اسرائيل، حيث تم نقل عشرة آلاف يهودي أو اقل من العدد الذي كان هليل يطلب جلبه إلى اسرائيل، لذلك اتصل برئيس الحكومة أنذاك دافيد بن غوريون الذي وفر عدة طائرات لنقل عشرات الآلاف من اليهود الذين نجحوا في تهريب آملاكهم معهم.

 

وبعدما أشار ابرهام بورغ رئيس الكنيست ورئيس الوكالة اليهودية الأسبق في كتابه (الانتصار على هتلر) إن من جاء إلى اسرائيل من اليهود الاشكناز هم شظايا بشر لا يمكن للدول الناشئة أنذاك الاعتماد عليهم مما يفرض جلب يهود الدول العربية لكي تتمكن الدولة العبرية من النهوض بنفسها.

لا يجب اعتبار تجدد فتح هذا الملف مجرد فقاعة، ذلك أن الأمر يتعلق هذه المرة بالحديث عن صفقة القرن وامكانيات متزايدة من تطبيع عربي مع الدولة العبرية مما يفرض عدم الاستهتار والاستخفاف بالتداعيات والمخاطر المحتملة لهذا الملف.