عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - ما فتئت القيادات الصهيونية العنصرية تلوي عنق الحقيقة، وتتنكر للواقع، وللتاريخ والحضارة الإنسانية، وما كرسته وأكدته سيرورتها وصيرورتها التاريخية على أرض فلسطين التاريخية، ومن الافتراءات الساذجة، والغبية نكران، ونفي وجود الشعب الفلسطيني، كما فعل أمس الثلاثاء الموافق 18/2/2020 بتسالئيل سموترتيش، وزير المواصلات العنصري، الذي قال ردا على كلمة ألقاها النائب الفلسطيني، يوسف جبارين: "لن تكون دولة فلسطينية، لأنه لا يوجد شعب فلسطيني". لم يفوت النواب الرد عليه مباشرة، ومنهم جبارين، وعوفر كسيف، وعايدة توما، واحمد الطيبي بما يليق به.
هذة ليست المرة الأولى، التي يطلق قادة دولة الاستعمار الإسرائيلية هكذا تصريح، من يعود لغولدا مائير، رئيسة الوزراء الأسبق كانت فيما سبق ايضا "نفت وجود الشعب الفلسطيني"، رغم انها اكدت في مقابلات عدة، انها فلسطينية، وجاء بعد ذلك إقرار قانون "القومية الأساس للدولة اليهودية" في تموز 2018، ينفي، ويلغي حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وكل الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية، ومقال نتنياهو، الذي نشره قبل ايام في جريدة "إسرائيل هيوم" جميعها تصب في ذات النتيجة، وصفقة القرن الترامبية المشؤومة تهدف إلى شطب وتصفية القضية والهوية الوطنية الفلسطينية، والحبل على الجرار.
مع ذلك وحتى نضع الأمور في نصابها، ونرد الصاع الف صاع للمستوطن العنصري سموتريتش، نعيده أولا للعهد القديم (التوراة)، ليعود ويقرأ اسفاره كلها، والذي لم يلغِ، او ينفِ وجود الكنعانيين، اصحاب الأرض الأصليين، والذين عمروها، وأوجدوا أول حضارة على ترابها في مدينة اريحا، التي يعود تاريخ وجودها لعشرة الآف سنة، والحضارة الكنعانية سابقة على العبرانيين (العابرين) وعلى وجود سيدنا إبراهيم، وعلى يعقوب وإسحق وسارة وهاجر وإسماعيل .. إلخ؛ ثانيا تم لاحقا سبي اتباع الديانة اليهودية لبلاد بابل في 571 قبل الميلاد، وأعادهم لاحقا الفارسي قورش. ولكن الشعب الكنعاني لم يغادر ارض وطنه، ولم يتم سبيه من قبل نبوخذ نصر، ولا من غيره؛ ثالثا مرت العديد من القوى والشعوب الاستعمارية (الحضارة الهيلينية/ اليونانية) والرومانية والفارسية ... إلخ لم تفت في عضد اهل البلاد الأصليين، وبقوا صامدين على تراب وطنهم، نهلوا من الحضارات المختلفة، وتطوروا مع كل جديد، لكنهم لم يخلعوا عباءتهم، ولم يرتدوا عن تاريخهم وانتمائهم، وهويتهم، التي تطورت مع تطور وسيرورة العملية التاريخية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية؛ رابعا ولدت الديانة المسيحية في فلسطين، ثم جاء الاسلام، وكل منهما حملت سماتها وخصالها، وتوزعت مشارب الشعب على مختلف الديانات، ولكن الشعب بمسيحييه ومسلميه بقي محافظا على انتمائه حتى نشوء الهويات القومية مع تأسيس السوق القومية في عصر النضهة مع نهاية القرن الخامس عشر، ومع صعود الإمبراطوريات الاستعمارية الرأسمالية وانسجاما مع اطماعها الإمبريالية، خلقت الحركة الصهيونية، ووعدتها بإقامة "وطن قومي" شرط تجييشها وتوريط اتباع الديانة اليهودية في الوظيفة القذرة لخدمة أهداف ومصالح الغرب الرأسمالي في الوطن العربي، ورفعت لها شعارات "ارض بلا شعب لشعب بلا أرض" و "ارض الميعاد"، و"ارضك يا إسرائيل من النيل للفرات"، ونظمت هجرة اليهود المنكوبين بالملاحقة من قبل دول الغرب الرأسمالي ذاته، ثم استغلوا المحرقة، التي هم انتجوها بحروبهم البينية لتقاسم النفوذ في العالم لفرض الهجرة على اليهود لفلسطين الآمنة والمسالمة، وهو ما حصل. ومع ذلك بقي الشعب الفلسطيني متجذرا في ارض الآباء والأجداد، وحتى الذين تم طردهم وتهجيرهم إلى المنافي، لم يتخلوا يوما عن انتمائهم وهويتهم الفلسطينية وقوميتهم العربية، ومازالوا يقارعون المشروع الكولونيالي الصهيوني، وكل المؤامرات الأميركية قبل ترامب وصفقته، وبعده إلى ان تتحقق الأهداف الوطنية كاملة غير منقوصة في الحرية والاستقلال وتقرير المصير وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194، ومباردة السلام العربية.
النتيجة ايها الصهيوني البشع سموتريتش ومن لف لفك، كانت فلسطين للفلسطينيين، وستبقى فلسطين للفلسطينيين، وهذا منطق التاريخ وصيرورته. ومن يريد ان يعيش بسلام عليه ان يقر ويعترف بالشعب الفلسطيني صاحب الأرض والتاريخ والهوية الحاضر الأبدي في أرض الآباء والأجداد. ومن يتنكر لهذة الحقيقة عليه ان يرحل، ويعود من حيث أتى.

 

نقلا عن الحياة الجديدة