النجاح الإخباري - قبل أسبوع أو أكثر قليلا شاهدت مقابلة مع مؤرخة روسية في قناة روسيا اليوم، ما فهمته أن المؤرخة تحاول في كتابها إعادة قراءة تاريخ روسيا في الفترة من نهاية القرن التاسع عشر وحتى بداية القرن العشرين، أي المرحلة التي جاءت عشية ثورة اكتوبر الشيوعية عام 1917. الكاتبة على ما يبدو كانت تبحث في تأثير شركات النفط التي تواجدت في الامبراطورية الروسية، وكان لها دور في اكتشاف النفط وتسويقه.

ما لفت نظري أن شركة الاخوة نوبل السويدية، وهي شركة مكتشف الديناميت، وباسمه أصبحت جائزة نوبل للسلام. شركة نوبل هي اول من اكتشف النفط الروسي واستخرجته وبدأت بيعه وتسويقه. الملفت للنظر ان شركة روتشيلد هي الاخرى جاءت لاستثمار النفط الروسي في باكو، عاصمة أذربيجان حاليا. نحن نعرف دور هذه العائلة، روتشيلد، ومساهمتها المباشرة في اصدار وعد بلفور ودعمها لإقامة اسرائيل من خلال دعمها المهاجرين وبناء المستعمرات.

بدأت ابحث في محاولة مني للربط بين موضوع النفط وهذه العائلة وبين اقامة اسرائيل في فلسطين، في قلب الوطن العربي والمنطقة التي تسبح على بحر من النفط. في سياق ذلك قرأت مقابلة لاحد اعضاء العائلة، جاكوب روتشيلد نشرتها صحيفة " جويش نيوز " بتاريخ 8 شباط/ فبراير 2017، وذلك لمناسبة مرور مائة عام على وعد بلفور، وصف جاكوب هذا الوعد " بالمعجزة" وقال إنه كان الحدث الاكبر في تاريخ اليهودية منذ آلاف السنين، معجزة، استغرق الوصول لها ثلاثة آلاف سنة. وكشف ان عائلته هي من ربط بين حاييم وايزمان، رئيس المنظمة الصهيونية في حينه وبين المؤسسة الرسمية البريطانية.

ومما كشف عنه جاكوب روتشيلد، هو دور العائلة في صياغة وعد بلفور، وقال إن النسخة النهائية للوعد سبقتها خمس مسودات كان لعائلة روتشيلد دور في صياغة وعد بلفور بصورته النهائية، وصدوره بهذه الدقة السياسية.

ما اردت من وراء هذا الاستعراض هو طرح اسئلة جديدة عن اسباب تأسيس اسرائيل، والتي تحتاج الى البحث والاجابة، خصوصا ان الشركات الرأسمالية، والتي كانت تتحول في تلك المرحلة الى شركات ما فوق القومية، والتي اشار إليها لينين في احدى مقولاته وصفا لهذا التطور الرأسمالي، ان الامبريالية قد وصلت الى اعلى مراحلها بوجود مثل هذه الشركات. فالسؤال ما هو دور هذه الشركات في تأسيس اسرائيل، وهل النفط كان من بين هذه الاسباب، بمعنى هناك ضرورة للبحث بالجانب الاقتصادي للتأسيس وهو جانب لم يأخذ منا الجهد الكافي في البحث.

فإذا نظرنا الى الدور الذي وصلت إليه اسرائيل في المنطقة الآن، وهو دور ضامن لأمن المصالح النفطية الى جانب الدور الأميركي. فهذا الدور اصبح اكثر انكشافا، فهل كان هو واحد من بين اسباب تأسيس اسرائيل، قد تبدو الاجابة سهلة ولكن نحن بحاحة للبحث عن الجذور القديمة لهذا الدور، فالتركيز على البعد السياسي وحده لا يكفي، فالمشروع الاستعماري – الصهيوني هو اقتصادي اولا وأخيرا، فهو مشروع اطماع بالثروات والموقع الجيوسياسي الاستراتيجي للوطن العربي.