حمادة فراعنة - النجاح الإخباري - هل يتوفر انحدار سياسي في الأولويات، وغياب للوطنية من كلام إبراهيم حمامي المقيم في لندن والذي يتمتع بالحماية البريطانية ورفاهيتها وديمقراطيتها وخدماتها وحرية القول كما يريد، فقد كتب على صفحته كلاماً « ثورياً جهادياً « فاقعاً لا يوازيه ولم يصل إليه أحد في ولائه الحزبي من قبل، فقد كتب حرفياً «كلمتين ورد غطاهم .. إذا كانت القدس والأقصى ستتحرر على مجرمي وقتلة حزب الله، فلا حررها الله إلى أن يأتي من الشرفاء من يفعل ذلك .. ما فعله ويفعله حزب الله في سوريا لا يقل إجراماً وبشاعة عما فعله ويفعله الاحتلال في فلسطين ..» . 

فهل ثمة انحدار سياسي ووطني أكثر من هذا الحزبي الذي ينتمي إلى أحد أهم وأقوى الأحزاب السياسية العابرة للحدود في العالم العربي، بل وفي العالم، فهو ينظر بعين طائفية لحزب الله، وينظر بعين حزبية من تيار حزبي إلى تيار حزبي آخر مع أن كليهما مرجعيته إسلامية، وهو ينظر أن الأولوية في معيار حزبه واهتماماته هو إسقاط النظام في سوريا، بينما يعمل حزب الله وتيار أحزاب ولاية الفقيه على حماية النظام السوري وصموده وانتصاره، فالأولويات لدى هذا الرجل هو موقعه ومصالح حزبه وليس فلسطين وليس شراكته ومرجعية حركة الإخوان المسلمين مع أحزاب ولاية الفقيه مواجهة العدو الوطني والقومي والديني الذي يحتل أراضي ثلاثة بلدان عربية : فلسطين والجولان السوري وأراضي شبعا في جنوب لبنان، وتدنيسه واحتلاله لأولى القبلتين وثاني الحرمين وثالث المسجدين ومسرى ومعراج سيدنا محمد وقيامة السيد المسيح، فهذه ليست الأولوية، بل الأولوية هي العداء لحزب الله وللنظام السوري و هو ينظر بعين الحول السياسي ويساوي تعسفاً وظلماً « أفعال حزب الله في سوريا أنها لا تقل إجراماً وبشاعة عما فعله ويفعله الاحتلال في فلسطين « . 

إنها نفس الرؤية ونفس الجريمة التي تم اقترافها في غزة يوم الثلاثاء 27/8/2019، عبر التفجيرين الانتحاريين ضد رجال الشرطة واعتبار ذلك العمل « الاستشهادي الجهادي « ضد النظام السياسي بمثابة الأولوية بهدف تطهير غزة من حماس والإخوان المسلمين، بدلاً من العمل على تطهير فلسطين ومقدساتها الإسلامية والمسيحية من الاحتلال ووقف إجراءات تهويد القدس وأسرلتها . 

إنها الرؤية الحزبية الضيقة على حساب الوطن ولحساب العدو وخدمته المجانية وهذا الذي يُعيد النقاش إلى أصوله وبداياته في الخمسينيات حينما كان الصراع الفكري والسياسي بين التيارات السياسية الثلاثة حول فلسطين : 1 – فالإخوان المسلمين وحزب التحرير كانوا يقولون لا يمكن تحرير فلسطين إلا بإصلاح الأمة وقيام الخلافة، 2 – وحزب البعث وحركة القوميين العرب قالوا لا يمكن تحرير فلسطين إلا بالوحدة العربية، 3 – بينما قال اليساريون لا يمكن تحرير فلسطين إلا بإقامة الاشتراكية وهانوي العربية، وكان رد حركة فتح وقياداتها الذين تركوا أحزابهم الإسلامية والقومية واليسارية، وقالوا نحن نسعى إلى تحرير فلسطين، وفلسطين فقط ولا شأن لنا بالخلافة وإصلاح الأمة وإقامة الوحدة العربية وفرض الاشتراكية، وإن النظام في فلسطين وخياراته السياسية يتم بعد التحرير، وهكذا فجروا الثورة وانتصرت الوطنية على الخلافات العقائدية والحزبية وتم استعادة هوية الشعب الفلسطيني التي تبددت، وتم ولادة قيادة تمثيلية موحدة وتشكيل منظمة التحرير بمثابة جبهة وطنية تقوم على الشراكة والقواسم السياسية وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للبلدان العربية . 

ما قاله إبراهيم الحمامي وما يمثل هو عودة إلى الوراء، وخدمة مجانية للعدو الوطني والقومي والديني الذي يذبح حزب الله وشعب سوريا وحماس وفتح والجهاد وكل من يقول أو يعمل على تحرير فلسطين، فهو يدرك أن هؤلاء هم أعداء المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، فيعمل على تدميرهم وقصفهم وتشتيت صفوفهم حتى يبقى الأقوى في مواجهة الضعفاء الذين يمزقون بعضهم بعضاً بالفعل والقول والانقلاب والانقسام والشرذمة، ويبدو أن أحزاب التيار السياسي الإسلامي تقع فريسة هذه السياسة التدميرية الانقسامية التي لا تعرف معنى الشراكة والوحدة ومعنى الانحدار وتُصر على ذلك.