تحسين يقين - النجاح الإخباري - ليس هدوءاً تماماً، وليست صراحة هيكل أيضا!
ما بين الهدوء والصراحة -رغم ما بينهما من مشكلة في الانسجام- فإن لكل منهما استحقاقه، وما يستحقه، وما نتوقعه من أي كلام ينطلق من روح المسؤولية والعمل الوطني.
في البدء، اتفق غير المتفقين على الموقف من ورشة البحرين، رغم ميل الاتجاهات العربية والعالمية لحضورها فلماذا ما زلنا منقسمين إذاً؟
جميل، مهما كان رأينا الحقيقي تجاه مسألة المشاركة، فإن للإجماع هنا دلالة إيجابية، وهو أن نكون معاً.
وموفق هو الرد الدبلوماسي الفلسطيني تجاه مشاركة الأشقاء على وجه الخصوص، من باب تقدير الظروف من جهة، وثقتنا بالأشقاء المشاركين، مصر والأردن، بشكل خاص، حيث من المتوقع أن يعبّروا عن الموقف العربي الموحد تجاه الثوابت العربية-الفلسطينية، التي تتجلى في المبادرة العربية للسلام.
لنا، للفلسطينيين مبررنا الذي يتفهمه الأشقاء، بأن هناك محاذير من أن تفهم مشاركتنا، إيحاء ما بالتعايش مع قرار الإدارة الأميركية تجاه القدس، وما ارتبط بذلك من قضايا دبلوماسية وتمويلية.
وأظن أن لقاء الرئيس مع أشقائه الزعماء يأتي في هذا السياق، وربما هو نوع من التعاون والتنسيق، لأنه في النهاية لن يتم الإملاء علينا.
ولعل هذا يمكن رمزياً وعملياً يقودنا مستقبلاً، نحو لعب دور فلسطيني مناور، دبلوماسياً وسياسياً ما بين منظمة التحرير كقيادة سياسية، والحكومة بما تقوم به من دور.
لماذا نقول الذي نقوله الآن!
فقط لو نستعرض التاريخ السياسي لثلاثة عقود، بدءاً بمحطة مدريد التي قبلنا فيها بتمثيل معين، وما جرى من سياقات اتفاق أوسلو، حتى اليوم، مرورا بكل المحطات التفاوضية، خصوصا محطة واشنطن التي تلتها مقترحات كلينتون، لربما لفكرنا بطريقة أخرى؛ فكيف لو عدنا إلى ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين؟
أحسب أننا لم نحسن-كما ينبغي- من دراسة التاريخ القديم، ولا من هذا الذي نعيشه.
لنا أن نؤكد دوماً على حقوقنا غير منقوصة، فنحن شعب يعيش تحت احتلال بغيض فعلاً، وليس في هذا اكتشاف.
لنا أن نكون أكثر إبداعاً، فنقول بفم ملآن بأن العنصرية هي سبب تعقد حل المشاكل، وليس "الفلوس"؛ فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.
ولكن، لنا أن نقوي أنفسنا هنا؛ فأهم نتيجة لهذا الصراع هو أننا بقينا..
والآن، لنا أن نقوي شعبنا جميعه وليس الموظفين فقط!
-       لماذا نقول الذي نقوله الآن؟
-       لماذا لا نقوله!
ما بين الاستفهام والتعجب، تأملات دراسة التاريخ..
والاقتصاد أيضا.
هناك من هتف يوما: "انه الاقتصاد يا غبي!"*
ترى، ألم يكن تأسيس "دولة إسرائيل" في فلسطين، إلا أحد تجليات الأطماع الاقتصادية للدول الكبرى؟ بل وأحد دوافع الحركة الصهيونية كحركة سياسية ايديولوجية نمت وتطورت بالشراكة والتحالف مع رؤساء الأموال!
أحسب أننا بحاجة لدراسة التاريخ، وهو في ظل هذا الصراع المئوي، ليس بمعزل عن تاريخ الاحتلال، ولا عن تاريخ العلاقات الدولية الحديثة، التي أفرزتها الحروب الكبرى، وبخاصة الحربين العالميتين الأولى والثانية.
-       ادخل في الموضوع!
-       يا صديقي.. أرجو ذلك!
لم نعد كأفراد ناضجين نميل للمطلق من الأمور؛ فلكل مرحلة نمو وتفكير ردود فعل مناسبة لها، وما ينطبق على الأفراد ينطبق على الجماعات والدول.
-       ادخل في الموضوع!
-       صعب الكلام، صعب في بعضه خصوصاً في ظل تعبئة إعلامية شاملة لـ "اللا" المطلقة!
-  ..................
- تخيفني "لا" المطلقة
- ما للحكومة للحكومة وما للمنظمة للمنظمة..
- ..................
- لمنظمة التحرير أن تعلن مواقفها كما ينبغي لقيادة سياسية لها ثوابتها على المستوى الاستراتيجي، وللحكومة أن تهتم بالشأن الداخلي، فبإمكاننا توظيفها للتأكيد على الموقف السياسي الوطني والقومي والعالمي-الأممي- المؤكد حتى الآن على القرارات الدولية، أي لحقوقنا، ولها أن تسعى لحماية حقوقنا اليومية على المدى القريب والمتوسط.
الاقتصاد إذاً ليس عيباً بل هو منطلق لتقوية بقائنا، دون أية تنازلات سياسية وطنية وقومية، ولعل مراجعة اتفاقية أوسلو تؤكد على الدور التعاقدي للدول الكبرى الشاهدة عليها بضمان اقتصاد السلطة الوطنية.
وما دام خيار منظمة التحرير واختيارها لحكومة يرأسها اقتصادي، هو الدكتور محمد اشتية، إذن فلتمنح القيادة السياسية تفويضا لذراعها بالعمل الإبداعي ضمن الممكن، باتجاه تقوية بقائنا: الرواتب أحدها، وتمويل وكالة الغوث بما تعنيه من دلالات استراتيجية، وغيرها.
ولعل حادثة الامن الوقائي في نابلس تقودنا إلى التفكير بضرورة توظيف النضج السياسي الفلسطيني تجاه الارتجال و"الولدنة" الإسرائيلية، باتجاه جاهزيتنا فعلا لإقامة دولة مستقرة.
الأمر متروك للقيادة السياسية، لتستمزج العمق الصادق والعملي لشعبنا، والذي لا يتناقض مع ما هو استراتيجي.
ليس سراً بأن المشروع الصهيوني آيل للسقوط، مهما وضع من روافع، ولعلنا استراتيجياً، علينا مكاشفة العالم، والإسرائيليين خصوصاً، بمشروعنا الفلسطيني، الذي ينطلق من قيم إنسانية ووطنية، ينظر للماضي وللتاريخ بكل فسيفسائه، ولما هو كائن الآن بكل تنوعاته.
الطريق سهل ومعبد لحل القضية من الأساس، وليس حل جزيئية هنا أو هناك.
وحتى ذلك الحين:
• علينا ان نكون معاً فلسطينيين وعرباً.
• تسويق الفكرة العملية بأن إقامة دولة فلسطينية سيعني الاقتراب الحقيقي من بناء سلام مستقبلي، تجد الكيانات الصغيرة والقلقة والمؤقتة طريقها للاندماج بأي شكل سياسي ما دامت تؤكد على كرامة الإنسان. وتلك ستكون بداية حقيقة الإبداع الاقتصادي، لا ورشة البحرين.
[email protected]

------------------
• "إنه الاقتصاد، يا غبي (بالإنجليزية: It's the economy, stupid) هي عبارة في السياسة الأميركية استخدمت على نطاق واسع خلال الحملة الانتخابية الناجحة لبيل كلينتون ضد جورج بوش الأب عام 1992. لبعض من الوقت، اعتبر بوش المرشح الأقوى بسبب خبرته السياسية كرئيس لأميركا ومعاصرته تطورات سياسية خارجية مثل انتهاء الحرب الباردة وحرب الخليج العربي. اكتسبت العبارة شعبيتها من جيمس كارفيل - استراتيجي في حملة كلينتون - وتوحي بأن كلينتون هو الخيار الأفضل لرئاسة أميركا لأن بوش لم يهتم بالاقتصاد اهتماماً كافياً، حيث شهد الاقتصاد الأميركي موجة من الكساد".