تحسين يقين - النجاح الإخباري - كيف نقرأ بيان قمم مكة العربية، والإسلامية والخليجية القادمة؟
لنا في المعلن والصادر عن أعلى مصادر سياسية عربية وإسلامية ودولية أيضاً، والتي تاريخياً وإستراتيجياً لن تنتقص منها قرارات دولة حتى ولو كانت كبرى، لأن الإجماع العالمي هو المرجعية.
وهنا من المهم قراءة بيانات القمم العربية والإسلامية بشكل خاص في التأكيد على الحق الفلسطيني، لأن ذلك يديم القرارات الدولية، ويضمن بقاءها.
سنظل الأقوى والأبقى، ما دمنا معاً، وما دمنا متمسكين بحقوقنا.
رأس أولويات إسرائيل هي التطبيع أولاً، ونقل القضية من قضية سياسية إلى قضية اقتصادية، وكما هو معلن عربياً وإسلامياً، فإن هناك إجماعاً على المبادرة العربية، أي أنه عربياً وعالمياً وقانونياً وأخلاقياً فإن التطبيع هو أمر يتلو عقد اتفاقيات سلام تقوم على العدالة والاختيار الشعبي لا الضغط والإكراه.
لذلك فشل مؤتمر بولندا، ويبدو أن ورشة البحرين ستكرر الأمر نفسه، فما دام أن أصحاب العلاقة الأساسيين لم يحضروا، فلم يقام المولد إذن؟!
لقد أخطأت الإدارة الأميركية وتسرعت في كل ما جرى، أخطأت بجعل نفسها شريكاً لإسرائيل، وهي تتسرع بعقد ورشة البحرين، ولعلها تقرأ المكتوب من عنوانه فتعيد النظر في مبادرة الرئيس ترامب «صفقة العصر»؛ فأجمل ما في الصفقات رضا جميع الأطراف وشعورهم بالربح.
الحق يعلو، ونحن الأبقى، ليس ذلك شعراً ولا خطابة، إنه مسار التاريخ وصيرورته.
بعد 52 عاماً على احتلال إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة، و70 عاماً على نكبة فلسطين طبعاً، وفي ظل عدد كبير من مشاريع حل القضية الفلسطينية، وآخرها مؤتمر وارسو، وورشة البحرين المنوي عقدها، ماذا يمكن ملاحظته على الأرض وعلى أرض الحلول السياسية التي يقترحها الطرف (القوي!): المحتل الإسرائيلي؟
أولاً يبدو أن إسرائيل لم تكن، في يوم من الأيام، منذ احتلت الضفة الغربية وقطاع غزة حتى قبل ذلك، كما تفيد أدبيات السياسة الإسرائيلية في الضفة وغزة، في وارد إعادة الأرض المحتلة للشعب الفلسطيني، ودلالة ذلك على الأرض هو ما فعلته الدولة المحتلة بمجال الاستيطان في الضفة والقدس بشكل خاص، ثم وضع اليد على مخازن المياه الجوفية ومصادرة الغور لمنع أي اتصال جغرافي مع الأردن (تواصل إقليمي مقترح). وخلال كل هذه الأعوام أرادت إسرائيل خلق أمر واقع في الضفة، خصوصاً ما تم فرضه بشكل أقوى من خلال جدار الفصل العنصري.
وحتى عشية اتفاق أوسلو والمفاوضات بين منظمة التحرير وحكومة إسرائيل، لم تكن إسرائيل حسنة النية تجاه الأرض المحتلة، وما تقسيمات (أ، ب، ج) إلا دليل ملموس. اكتشف الفلسطينيون والعالم الخطة الجهنمية التي يبدو مرة أخرى عليها إجماع إسرائيلي، والتي لا تريد في أحسن الظروف إلا منح حكم ذاتي لكنتونات من باب منظور الدولة المحتلة، الذي ركز دائماً على منح الفلسطينيين حكماً وسيادة على السكان لا على الأرض، وهو المبدأ الأساسي لمبادئ أوسلو.
وهذا الأمر الجديد أي بعد اعتبار الاستيطان الإسرائيلي في أغلبه وجدار الفصل العنصري أمراً واقعاً تريد إسرائيل من الفلسطينيين القبول به، أي أن حل دولة فلسطينية كاملة السيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس عاصمة لم يعد قائماً!
أي تريد إسرائيل من الفلسطينيين الاعتراف بما فرضته على الأرض: للفلسطينيين ما تبقى من الضفة الغربية وقطاع غزة وما تبقى من ضواحي القدس لا القدس الفعلية كما نعرفها. أي لا الضفة الغربية وقطاع غزة ولا القدس كما ينطبق عليها القراران الدوليان: 242، 338!
تريد إسرائيل أن تقول: وداعاً يا قرارات الأمم المتحدة!
كما فرغت إسرائيل القرار 194 عام 1948، فإنها تريد اليوم تفريغ القرارين الدوليين 242، 338!
إذن عن أي حل نتكلم؟ وهل بقيت القرارات الدولية مرجعية لاتفاق أوسلو أو أي اقتراح للحل مستقبلاً؟!
هذا ما فعلته إسرائيل، وأسلوبها دوماً هو فرض الأمر الواقع!
ليس هناك ما نضيفه من تحليل للماء، فها هو الماء الذي فسره المفسرون بعد جهدهم يخلصون إلى أنه ماء! 
فلأن الأمن هو المشكلة الكبرى التي تسوقها إسرائيل القوية عسكرياً بما يمكنها من التفوق على جميع جيوش المنطقة، والقوية بسلاح الردع النووي، فلأن الأمن يؤرقهم إلى هذه الدرجة رغم انتفاء هذا المبرر من منظور أي خبير محايد موضوعي، فإنهم يلحون على الاعتراف المتواصل والتطبيع المسبق قبل عقد اتفاقية سلام!
إنهم يريدون عزفاً مستمراً لا يتوقف عن الاعتراف والتطبيع، بل يريدون أيضاً أن ننكر مقابل اعترافنا بوجود إسرائيل الموجودة على الأرض كل هذا الوجود العسكري والسياسي والاستيطاني والعمراني والسكان، يريدون أن ننكر حقوقنا.
يريدون أن ننكر حقوقنا بالدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس، ويريدون أن ننكر حقنا في العودة، وحقنا في أرض 1967م خالية من المستوطنات، ويريدون أن ننكر حقنا بالحدود والسيادة، وحقنا في المياه، أي أن نفرغ قضايا الحل الدائم - التي أجلناها اعتماد على حسن نوايا الطرف الآخر – من مضمونها.
مشكلة إسرائيل كدولة تدرك أنها دولة «لصة» وهي بذلك اعتماداً على فهمها جيداً لحقوقنا التي لا نستطيع التخلي عنها، لأن التخلي عنها هو التخلي عن الهوية والدولة والحقوق.
نحن نعترف بإسرائيل في حدود معينة، مؤكدين على حق العودة بشكل أساسي، فإذا عاد الفلسطينيون كلهم أو بعضهم فلا يعني ذلك خطراً على اليهود هنا، الخطر عليهم لا يأتي من عودة الفلسطينيين، بل من عنصرية الصهيونية، لأنه دون أن يعود الفلسطينيون إلى إسرائيل، فإن نسبة العرب داخلها ستكون أكثر من 50% خلال عقدين من الزمن، فماذا ستصنع إسرائيل وقتها؟
ولأجل ذلك فإن إسرائيل أيضاً ترفض عودة اللاجئين إلى «كانتونات» الضفة وغزة.
أمام الإسرائيليين إذن خياران:
إما الصدق
وإما الكذب،
ترى ماذا سيختارون؟
ما تفعله إسرائيل بالنسبة للاعتراف والتطبيع وتكراره، هو لزوم ما يلزم.
فليس هذا هو بيت القصيد!
بيت القصيد واضح جداً: إن أردتم أيها الإسرائيليون السلام فعلاً، تخلصوا من عقدتكم التي تقتلكم دون مبرر! 
تخلوا عن عنصريتكم قليلاً، بدلاً أن تطلبوا منا أن نتخلى عن أرضنا وتاريخنا وحقوقنا!
التخلي عن العنصرية سيكون مفتاح الحلول: أكان الحل دولة أم دولتين أم ثلاثاً..

[email protected]