ماجد هديب - النجاح الإخباري - وحدهم الفلسطينيون أصحاب الحق في اتخاذ ما يلزم من قرارات بشأن قضيتهم، ووحدهم العرب ايضا ،وقبل غيرهم ،من يقع عليهم واجب اسناد الفلسطينيين في تنفيذ تلك القرارات ،ولكن على الفلسطينيين وحدهم ايضا ، وقبل مطالبتهم بهذا الاسناد عدم الاستمرار في بعثرة قواهم وجهودهم وذلك من خلال الاتفاق فيما بينهم على تحديد الأولويات وترتيبها استنادا لقاعدة الوحدة والشراكة السياسية من أجل مجابهة التحديات المفروضة امامهم ، لما تتعرض له القضية الفلسطينية من هجمة شرسة تستهدف المشروع الوطني الفلسطيني، والحقوق المشروعة، في العودة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس،ولما تمارسه اسرائيل أيضا من سياسة الغطرسة والعربدة في الضم والتوسع ،ورفض الاتجاه نحو حل القضية بما يحقق الامن والاستقرار بالمنطقة ،فما هي تلك الاولويات التي يجب على الفلسطينيين تحديدها و ترتيبها لمجابهة تلك التحديات المفروضة امامهم ،والتي على المجلس المركزي الفلسطيني المزمع عقده واجب الوقوف امامها لدراستها بتعمق وتنفيذها ؟،وهل يمكن القول بان ما اصدره المجلس المركزي من قرارات في دورته العادية التاسعة والعشرين عام 2018 (دورة الانتقال من السلطة إلى الدولة) قد تصلح كقاعدة للاتفاق فيما بين الفصائل ، والانطلاق منها نحو اعلان ميثاق وطني ، بات من الضرورة صياغة بنوده لمجابهة كافة التحديات؟.

كان الفلسطينيون وما زالوا ضحية لتعدد ولاءات وانتماءات قوى وفصائل العمل الوطني والاسلامي،وضحية ايضا لغياب فرض الاستراتيجيات والبرامج ،مما ساهم ذلك بعدم البناء على ما راكمه الشعب الفلسطيني من تضحيات ونضال عبر امتداد ثوراته وانتفاضاته المتتالية ،حيث ان ما يعانيه الشعب الفلسطيني اليوم هو بسبب غياب تلك الاستراتيجيات و البرامج واليات العمل على تطبيقها، ومن بين ذلك غياب الميثاق الوطني الفلسطيني الذي كان يجب العمل على صياغته منذ اللحظة الاولى التي تم فيها توقيع اتفاقية اوسلو وبناء السلطة الوطنية، وذلك منعا للصدام فيما بين قوى وفصائل العمل الوطني والاسلامي ،وتجنبا للتداخل ما بين الشرعية الديمقراطية والشرعية الثورية في مرحلة كان يجب العمل على تجاوزها بأمان وحكمة، وهي مرحلة الانتقال من الثورة الى مرحلة بناء الدولة.

كثيرا ما حذرنا من عدم الفصل ما بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية ،وما بين السلطة ايضا وحركة فتح , وكثيرا ايضا ما طالبنا بضرورة عدم الخلط فيما بينهما منعا لتداخل الصلاحيات والوظائف ،لما في هذا الخلط وعدم الفصل من انهيار لمؤسسات المنظمة واضعاف ايضا للسلطة ،وهو ما حدث فعلا ،لان المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي اصدر قرارا بإنشاء السلطة الفلسطينية ،والذي كان عليه واجب الحفاظ على تلك السلطة والإشراف على مؤسساتها وفقا لسياسات وبرامج منظمة التحرير وصولا للدولة قد ابتعد عن ذلك الاشراف والتوجيه،بل واقترب ايضا من ممارسة ديمقراطية طوباوية ،ومن صياغة دستور لدولة لم تتحدد معالمها بعد،وهذا ما ادى للصدام فيما بين استراتيجيات وبرامج قوى وفصائل العمل الوطني التي تنضوي تحت لواء منظمة التحرير ،وتلك الاستراتيجيات والبرامج التي تم استحداثها على قاعدة تلك الديمقراطية الطوباوية ،وبما افرزه صندوق الانتخابات من برامج ،بالإضافة الى ما جاء من برامج لبعض تلك القوى والفصائل ذات الامتدادات الاقليمية والدولية ومن بينها حركتي حماس والجهاد الاسلامي .

ما زالت منظمة التحرير الفلسطينية بحاجة الى فرض قوة وجودها واعادة الاعتبار لمكانتها ،وذلك بترتيب اولوياتها من خلال التشاور والاتفاق بين كافة قوى وفصائل العمل الوطني والاسلامي على صياغة ميثاق وطني فلسطيني وفقا لقاعدة التمثيل النسبي تتحدد فيه الاستراتيجيات والبرامج واليات تنفيذها استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية, وعلى ضوء قرارات المجالس الوطنية، وأهمها قرار إعلان الاستقلال عام 1988, وجميع ما تم التوافق عليه أيضا في لقاءات المصالحة ،وذلك من اجل مجابهة التحديات المفروضة ،والاتجاه نحو التجسيد الفعلي لما أصدره المجلس المركزي من قرارات في دورته السابقة (دورة الانتقال من السلطة إلى الدولة) ،بعيدا عن لعبة الديمقراطية التي اصبحت مدخلا لانقلابات وصراعات ،والتي لم تجلب لنا الا تخلفا وانقسام ،ولم تفرز لنا ايضا وعير صناديق الاقتراع الا اشخاص لم يكن لهم اي دور في النضال ،ولو أدى ذلك ،ومن خلال نصوص الميثاق نفسه الى العمل على انتهاج أسلوب الدكتاتورية الوطنية ،كما فعلت قيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية قبيل وغداة الاستقلال.