نابلس - ماجد هديب - النجاح الإخباري - علينا ان نعترف بأن جريمة اختطاف الأطفال هي من أخطر أشكال الإجرام والانحراف ،فهي من الظواهر والجرائم الاجتماعية الخطيرة لما لها من آثار على جوهر الحياة الاجتماعية والانسانية ،ولذلك فان كافة المجتمعات تعمل على اتخاد كافة التدابير اللازمة للقضاء على مثل هذه الجرائم  ،او الحد منها من خلال اتباعها الاساليب الوقائية حتى لا تصبح ظاهرة ،فما هي تلك المعايير التي نستطبع من خلالها توصيف جريمة اختطاف الأطفال في غزة  ،فهل يمكن القول بان مثل هذه الجريمة اصبحت ظاهرة ،او انها ما زالت مجرد حالة عابرة؟،ومن هو المسؤول عن ذلك ؟،وعلى عاتق من تقع مسؤولية إيجاد الحلول؟.

من المؤسف القول بان جريمة اختطاف الاطفال في غزة قد تكررت في الآونة الاخيرة ، ولكن من السابق لأوانه القول أيضا ،بان مثل هذه الجرائم اصبحت ظاهرة ، وذلك في ظل تكتم جهات الاختصاص على الاحصائيات المتعلقة بمثل هذه الجرائم ،الا انه يمكننا القول بان جرائم الاختطاف هذه اصبحت أكثر انتشاراً لغياب الامن والاستقرار بفعل الانقسام الفلسطيني ،وهذا ما يجب ان تلتفت اليه سلطة الامر الواقع في قطاع  غزة،لانها هي من تتحمل مسؤولية حماية المجتمع من خلال اتخادها كافة التدابير اللازمة المطلوبة منها لحماية الطفل بجانب اتباعها كافة الوسائل والتدابير اللازمة لحماية سلطتها ،ولذلك من حقنا ان نطرح هنا بعضا من التساؤلات الملحة  حول ما قدمته حركة حماس لحماية الاطفال ،وذلك وفقا لما نص عليه قانون حمايتهم الصادر عام 2004 ،وما جاء ايضا بتعديلات هذا القانون لعام 20012 ؟،فهل قامت حركة حماس بتنفيذ ما جاء في هذا القانون من حيث الرعاية والحماية ؟،وهل تمتلك جرأة التشخيص الاجتماعي والقانوني لحالة الاختطاف هذه ؟،وما هو موقف اجهزتها الامنية من جرائم اختطاف الاطفال ،فهل تمتلك جرأة الخروج بمؤتمر تتحدث فيه عن واقع هذه الجريمة ،وافاقها ،مع وضع التوصيات لجهات اختصاص القرار السياسي حتى لا تصبح جرائم اختطاف الاطفال ظاهرة ؟.

اعتقد جازما ،بان جريمة اختطاف الأطفال اصبحت أكثر انتشاراً نتيجةً لانعدام الامن والاستقرار بفعل الانقسام وانعكاساته على الاسرة ،وذلك من حيث غياب رب الاسرة عن تلبية متطلبات افراد اسرته من تربية ،وإرشاد ،وإصلاح ،وتأهيل ،وذلك نتيجة ما يعانيه من عدم القدرة على توفير ادنى احتياجات اسرته ،اما بسبب البطالة ،واما لقلة  ما يتقاضاه ان كان عاملا ،او موظف ،وهذا ما زاد من تفكك الاسرة المتصدعة اصلا وذهاب افرادها الى المساهمة في نشوء الظاهرة الاجرامية في ظل غياب سلطة الامر الواقع عن مكافحة حالات الفقر والجوع والحرمان ،وكذلك غياب المؤسسات المساندة في التربية ،ومن بينها المدرسة والمسجد وكذلك الاعلام عن أداء ما هو مطلوب منها في الحد من هذه الظاهرة .

ان الفقر، والبطالة، وغياب المتابعة، وعدم تقديم الخدمات، هي عوامل مؤثرة في بروز الظاهرة الاجرامية، ومنها جريمة اختطاف الاطفال. فحرمان الفرد من اشباع حاجاته الضرورية بالطرق المشروعة قد يدفعه إلى سلوك سبيل الجريمة، ومنها جريمة الاختطاف بغية الابتزاز وطلب الفدية،او الجنس،او حتى بغرض تجارة الاعضاء. وهذا ما يحصل الان بفعل الانقسام والحصار بجانب ما نعانيه حتى الان من حروب ثلاث، حيث أدى ذلك كله الى غياب الاهتمام بإنفاذ القانون، على الرغم مما جاء في هذا القانون من نصوص لمعالجة كافة الجرائم، ومن بينها جريمة اختطاف الأطفال.

وفقا لما جاء في قانون العقوبات الفلسطيني فقد عالج المشرع الفلسطيني جريمة اختطاف الأطفال ،ولكني كحقوقي هنا ،وككاتب ايضا ،ارى بان المشرع الفلسطيني لم يميز في العقاب بين جريمة خطف الطفل وخطف البالغ، إذ نص على ذات العقوبة لكلّ منهما ،حيث كان على المشرع الفلسطيني ومن اجل حماية الطفل الأكثر عرضةً لمثل هذه الجريمة أن يعمل على تشديد العقوبة المقررة إذا ما كان الضحية طفلاً ، كما أغفل المشرع تجريم التحريض على ارتكاب هذه الجريمة ،سواء كان هذا التحريض بشكل مباشر ،واما من خلال توفير عوامل ودوافع لارتكاب هذه الجريمة ،وعليه فإنني  ادعو المشرع الفلسطيني الى إعادة صياغة القوانين المتعلقة  بتجريم كل محرض على ارتكاب الجرائم واعتبار ان كل من تسبب بالانقسام ،او اصر على استمراره هو بمثابة المحرض علي ارتكاب هذه الجرائم ، ومن بينها ،بل وفي مقدمتها جرائم اختطاف الأطفال .

ان الاطفال أغلى ما نملك، وان أي اعتداء عليهم هو بمثابة الاعتداء على المجتمع ،ولذلك فان حقوقه يجب ان تكون مطلوبة من الجميع ،ومن بين هذه الحقوق هو "حق الطفل في سلامته وحمايته من أي مكروه قد يصيبه"، خاصة إذا كان الاعتداء على حريته بهدف تحقيق أغراض وغايات مشينة تصل لإنهاء حياته بدون أي وجه حق ،وبدون أي مبرر، ولذلك اعتقد بان على حركة حماس  أن تتحمل مسئولية القضاء على الأسباب المساعدة في انتشار هذه الجريمة ،وذلك من خلال العمل على الشروع فورا بتسليم غزة للسلطة الوطنية لممارسة ما هو مطلوب منها ،ومن بين ذلك تنفيذ ما جاء في قانون حماية الطفل الفلسطيني الذي جاء في مقدمته "لتحقيق اهداف الارتقاء بالطفل اعدادا، وتنشئة، وحماية، مع تهيئة الظروف المناسبة التي تكفل للأطفال حقهم في  الخدمات الصحية والاجتماعية، التعليم".

المطلوب الان من حماس وفورا ضرورة الحد من هده الجرائم المتصاعدة في قطاع غزة، ومن بينها الحد من جريمة اختطاف الأطفال، وذلك من خلال العودة الى إطار المصالحة وتعزيز القانون في إطار السلطة الواحدة التي يسعى الجميع اليها من اجل اعادة الامن والاستقرار وتماسك المجتمع، لما في تلك العودة من وقف لانحدار الاخلاق والانزلاق الى مستنقع الجريمة التي قد وصلت الى مستوى الجريمة المنظمة. والا فما على حركة حماس الا ان تتحمل المسئولية الجزائية عن سبب تصاعد هذه الجريمة، لان واجب بناء الانسان وحمايته يتقدم على اية مشاريع، حتى وان كان هذا المشروع هو بناء المقاومة وحمايتها.