عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - في الصراع الدائر بين إدارة الرئيس ترامب والمؤسسة التشريعية بجناحيها الديمقراطي والجمهوري، يصر حامل سيف العنصرية على اللعب على أوتارها، وإشعال نيرانها باساليب دونية تعكس ثقافة الرجل الشعبوية، فها هو يدعي زورا وبهتانا، انه المدافع عن اليهود واليهودية من خلال النفخ في بوق مزامير الاستعمار الإسرائيلي، خالطاً بشكل متعمد بين اليهود والديانة اليهودية وبين دولة الاستعمار الإسرائيلية، وتجاهل عن سابق تصميم وإصرار الفرق الشاسع بينهما. ومحاولا، كما هي عادة أركان إدارته على لي عنق الحقيقة، وتأويل الحقائق  الدامغة لتشويه الآخر (الخصم السياسي) من جهة، وكسب ود الصهاينة والمتصهينين من المسيحيين الأفنجليكان.

دونالد ترامب أدلى بتصريح في العاشر من الشهر الحالي، آذار/ مارس (2019)  أمام نفر من رجال الأعمال في بالم بيتش بفلوريدا في أعقاب تصويت الكونغرس على قرار الكونغرس الرافض للكراهية واللاسامية، والفوبيا الإسلامية، والعنصرية وكل اشكال التعصب، دون إدانة النائبة الديمقراطية، إلهان عمر، التي فضحت وعرت أساليب الإيباك الرخيصة في شراء ذمم أصوات النواب لصالح التماهي معه في تبني خيارات إسرائيل الاستعمارية المتناقضة مع روح السلام والتعايش والعدالة النسبية. فقال ساكن البيت الأبيض المعتد بعنصريته، وتماهيه مع اركان الجريمة الصهيونية " إذا رشحت نفسي لرئاسة إسرائيل، فإنني سأحصل على 98% في استطلاعات الرأي." واضاف مشعل الحرائق في العالم، وقائد الترويكا الصهيونية، المكلفة بإعداد وتنفيذ  صفقة القرن ليصب الزيت على نيران الكراهية والتحريض ضد الديمقراطيين: " الديمقراطيون يكرهون "الشعب" اليهودي"!؟ وتساءل محاولا التخابث المفضوح والبدائي "كيف يصوت اليهود لهم في الانتخابات"؟!

وكانت نتيجة التصويت على القرار كالتالي: 407 مع القرار، و23 صوتا ضد. وهو ما يشير إلى ان الغالبية العظمى من أعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي صوتوا مع القرار. ومجموعة قليلة ومحدودة أخذت المنحى المتناقض مع القرار. وبالتالي التصويت لصالح القرار، هو تصويت الحزبين، وليس الديمقراطيين فقط، هذا اولا، ومن زاوية اخرى، نسبة عالية من اليهود الأميركيين يرفضون سياسة دولة الاستعمار الإسرائيلية، ولا يقبلون التماهي معها، ويرفضون بشكل جلي سياسات إدارة ترامب، ويدعمون خيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. وبالتالي اليهود ليسوا جميعا صهاينة، ويرفضون أن يكونوا جزءا من الجوقة الصهيونية. كما ان الديانة اليهودية لا تمت بصلة للصهيونية، التي سعت منذ بدايات نشوئها ركوب ظهرها، وامتطاءها لخدمة أغراضها الاستعمارية. وهنا فرق عميق وواسع بين الديانة اليهودية والصهيونية، ولا يمكن المساواة بينهما تحت أي اعتبار. أضف إلى ذلك أن قطاعا واسعا من اليهود الأميركيين أمثال ساندرز المرشح الديمقراطي للرئاسة القادمة للمرة الثالثة، هم وليس أحدا غيرهم من يرفع لواء الديمقراطية، ويحملون على أكتافهم راية السلام، ويعلنون بصوت عال رفضهم العنصرية الاستعمارية الإسرائيلية عموما، وحكومة نتنياهو خصوصا. الأمر الذي يفضح مآرب الرئيس الشعبوي والعنصري، ويكشف بؤس مآله، وعقم مشروعه التصفوي لخيار السلام المسمى صفقة القرن، الذي لا يمثل، ولا يعكس رؤية اليهود الأميركان، المؤمنين بخيار الديمقراطية، والعدالة السياسية النسبية.

ورغم كل ما تقدم، ومحاولات الرئيس المنبوذ أميركيا، والمطارد في المحاكم الأميركية لعزله، لو ترشح في إسرائيل، فلن يحصل إلا على نتيجة بائسة، لان اليمين واليمين المتطرف الإسرائيلي يعتبره عبئا عليهم نتيجة غطرسته ونرجسيته الساذجة، وحتى على ما أعتقد رفضا منهم لخياره، الذي يحاول استراضاءهم من خلاله، وهو صفقة العصر المشؤومة.

بالمعايير النسبية فشلت حملة التحريض الترامبية ضد النائبة إلهان عمر، وجاء القرار التشريعي منسجما مع روح الدستور الأميركي، ولم يسقط في متاهة العنصرية العبثية المضرة بوحدة المجتمع الأميركي، وبخياره الديمقراطي، وهو ما يشير إلى أن آفاق عملية عزل ترامب ممكنة التحقق إذا توفرت لها شروط النجاح القانونية والسياسية والدعم من الحزبين في المجلسين.

[email protected]

الحياة الجديدة