موفق مطر - النجاح الإخباري - فُرِزَت صناديق الانتخابات الاسرائيلية، ووُضِعَت على طاولة العالم صورة مكبرة ليس للنظام السياسي في تل ابيب وحسب بل لمجتمع دولة الاحتلال اسرائيل.

تبرهن نتائج الانتخابات الاسرائيلية على قتامة وسوداوية رؤية المجتمع السياسي في اسرائيل للحاضر والمستقبل، رغم الحقيقة المعروفة للجميع أن دولة الاحتلال ليست في جزيرة منعزلة، وإنما ضمن منطقة تؤثر مباشرة بسياساتها الاحتلالية الاستعمارية  العنصرية، ويرتبط أمنها بمدى استجابة ساستها وانسجام توجهاتهم مع القانون الدولي والشرعية الأممية. أي بمعنى اوضح يرتبط بمدى إقرارهم بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإنجاز استقلاله الوطني في دولة مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران من العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

ربما لم يدرك العالم بعد الخطر الآتي من جديد مع ساسة الحرب والاحتلال والاستيطان والقوانين العنصرية الصاعدين إلى سدة الحكم، لكن تحول المجتمع السياسي في إسرائيل إلى حاضن لمجرمي الحرب والمجرمين ضد الانسانية، هو ما يستدعي من العالم وقفة جادة، ذلك أن الانهيار السريع والسقوط في مركز المنطقة الحضارية في الشرق الأوسط والحيوية للعالم يعني وصول شظاياه إلى أقاصي الدنيا، حتى ليبدو أن مكانا في العالم لن يكون بمأمن، ذلك أن النزعة العنصرية ستكون قوة تدميرية غير مسبوقة نظرا للتطور الهائل في تكنولوجيا الحرب عن تلك التي شهدها العالم في الحرب العالمية الثانية والتي كانت النزعتان النازية والفاشية السببين الرئيسين للدمار الذي شهده العالم حينها.

المطلوب من العالم الاسراع لوضع ساسة اسرائيل على سكة الحد الأدنى من التوازن، خاصة أننا شهود على الارتباط الاستراتيجي ما بين نزعة ساسة الولايات المتحدة الأميركية وإدارة ترامب الجديدة،  وتزامن ذلك مع هبوط حاد في وعي المجتمع الاسرائيلي الذي لا يدرك حتى الآن أنه سيكون مسؤولا  أمام محاكم التاريخ والمجتمع الدولي والقانون الدولي عن مساندته لساسة ارتكبوا جرائم حرب وضد الانسانية باتت موثقة ومعروفة وما زالت ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.

لا يستطيع المجتمع السياسي الاسرائيلي الهروب من هذه اللحظة التاريخية ولا التحرر من الخوف والرعب التي يدسها ساسته في كل وجبة يتناولها الفرد في اسرائيل إلا عبر منفذ واحد لا ثاني له، منفذ القناعة بالسلام وجدواه، والاقتناع بوجود شريك فلسطيني، منفذ الحل القائم على أساس تطبيق قرارات الشرعية الدولية.

إن النمو السريع للتطرف والارهاب العنصري في دولة الاحتلال اسرائيل يلزم العالم التدخل فورا وتجسيم ارادته وتطبيق الحلول التي طرحت في قرارات أممية تعاملنا معها بواقعية وعقلانية لإيقاف نزيف الصراع، لأن اغفال  القضية أو التباطؤ في بسط الارادة الدولية، وتحديدا ارادة الأمم والشعوب الأوروبية والأفريقية والأسيوية التي سيصيبها الضرر الأكبر جراء الانفجار العنصري في تل ابيب  يعني فقدان معالم الطريق المؤدي الى محطة السلام في الأرض المقدسة فلسطين، والشرق الأوسط  وحوض المتوسط  الحضاري على الأقل.

بإمكان المجتمع السياسي الاسرائيلي الوقوف والتفكير قبل الاندفاع بقوة وضغط الغرور والتفوق، وعلى هذا المجتمع التيقن بأن قوة في الأرض لن تمنع الشعب الفلسطيني من التراجع عن ثوابته وخيار الحرية والاستقلال والسيادة، لأن استمرار الاحتلال والاستعمار الاستيطاني وسياسة التمييز العنصري  والتهجير والقتل والحرب والعدوان والمجازر والتدمير الممنهج لمقدرات حياة الشعب الفلسطيني، وتهويد مقدساتهم ومعالم مدنهم وقراهم سيكون انخراطا في شبكة العداء للانسانية وحضارتها، وليس للشعب الفلسطيني وحسب.

يجب على المجتمع السياسي في اسرائيل ان يعلم بأن قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لصالح دولته المصنفة في القرارات دولة قائمة بالاحتلال لن تكون عنصر قوة سياسية كما روج لذلك بنيامين نتنياهو، وإنما على العكس، ستكون بمثابة صاعق اضافي سيسرع عملية يفجر حشوة العنصرية الاسرائيلية الشديدة الانفجار، فالعالم يرى ادارة ترامب خارجة على القانون الدولي ومتمردة على الشرعية، كرؤيته لدولة الاحتلال اسرائيل، على هذا المجتمع ان يعلم ان استمراره بربط مصيره بمصير ادارة ترامب خصوصا أو سياسة الولايات المتحدة عموما سيكون هو المسؤول الأول عن كل ما سيحدث نتيجة لهذا الاعتقاد، لكن امام هذا المجتمع فرصة لتحقيق السلام  والاستقرار في المنطقة، لأن هذا السلام أقوى من حلقات  المصالح التي قد تتفكك تحت ضغط المتغيرات والعوامل  الطارئة.

الحياة الجديدة