عبد الغني سلامة - النجاح الإخباري - شهدت الدورة العشرون للكنيست الإسرائيلي (2015 - 2019) موجة غير مسبوقة من التشريعات العنصرية والداعمة للاحتلال والاستيطان كميا ونوعيا. فقد عالج الكنيست 221 قانونا عنصريا، من بينها 35 قانونا أُقرت بالقراءة النهائية. وللمقارنة، فقد تمّ في الولاية الـ 17 للكنيست، أي في عهد حكومة «كديما» برئاسة أولمرت، (2006- 2009)، إقرار 6 قوانين، وفي الولاية التالية الـ 18، في فترة حكومة نتنياهو (2009- 2013)، تم إقرار 8 قوانين، أي أنّ الكنيست العشرين سجلت زيادة أكثر من 500% في التشريعات العنصرية والتمييزية والداعمة للاستيطان، مقارنة بما سبق.
تلك القوانين العنصرية توضح عمليا كيف يعمل اليمين الإسرائيلي بزعامة نتنياهو، على تحقيق أيديولوجيته الاستيطانية والعنصرية من خلال التشريعات التي تم سنها وطرحها، خاصة حصر حق تقرير المصير باليهود فقط، ومن خلال مساعيه الحثيثة لضم المستوطنات بشكل زاحف، والعمل على إنهاء أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة، إضافة لاستمرار مساعي تجريم النضال ضد الاحتلال، ناهيك عن شرعنة الاستيلاء والسطو على الأراضي الفلسطينية.
فهل سيختلف الكنيست الـ21، الذي سيتم انتخابه في التاسع من نيسان الحالي؟ أم سيكون استمرارا لما هو قائم؟ أي المزيد من هيمنة اليمين على مؤسسات الدولة والمجتمع في إسرائيل.
في هذه الانتخابات ستكون خيارات الجمهور محصورة لانتخاب مرشحين من اليمين المتطرف إلى يمين الوسط.. مع غياب مدو لقوى اليسار التقليدية، التي لم يتبق منها سوى بقايا حزب ميريتس، وكتلة السلام، التي كان يرأسها الراحل «يوري أفنيري».. أي أن التنافس سيكون بين الليكود ومعه تحالف القوى اليمينية والدينية المتطرفة من جهة، وضد تيار المعارضة، الممثل بتحالف «أزرق - أبيض «، والذي يصفه نتنياهو بأنه تحالف يساري، وكأنَّ اليسارية صارت تهمة في إسرائيل.
وما يميز هذه الدورة الانتخابية، ليس تنوع برامجها السياسية والاقتصادية، فهي متشابهة إلى حد كبير، لكن أهميتها أن إعلان البيت الأبيض عما يسميه «صفقة العصر» رهن بانتهاء الانتخابات، وتشكيل حكومة توافق بلا أي اعتراض على الصفقة.
وبنظرة سريعة على طبيعة القوى المتنافسة، وبرامجها الانتخابية، نبدأ بأحزاب اليمين، التي تزعم في دعايتها الانتخابية بأنها تصارع أحزاب المعارضة، الجديدة منها والقديمة، لكنها في الحقيقة تنافس بعضها البعض على نفس القواعد الانتخابية. وبصورة عامة يمكن القول أن برنامجها واضح؛ سياسيا: ضم المزيد من أراضي الضفة الغربية، وتعزيز الاستيطان، وتعطيل أي تسوية سياسية تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية، داخليا: المزيد من السياسات الاقتصادية النيوليبرالية، إلغاء دولة الرفاه، وإجهاض إي حراك جماهيري (إسرائيلي) مناهض يطالب بحقوقه الاجتماعية، وخارجيا تعزيز التحالف مع المسيحية الصهيونية الأميركية (الترامبية). أمنيا: اتخاذ سياسات أمنية أكثر تشددا تجاه الفلسطينيين، وخاصة تجاه قطاع غزة.
وفي هذا الصدد نشير إلى أن نتنياهو ظهر أمام الجمهور وخلفه لافتة بعنوان «يمين قوي»، أما «موشيه كحلون»، وزير المالية ورئيس حزب «كلنا»، فيؤكد على أن حزبه يميني من خلال شعاره الانتخابي «يمين معتدل»، أما الوزيران «نفتالي بينيت» و»أييلت شاكيد» فقد أسسا حزبا اسمه «اليمين الجديد».
بالنسبة لنتنياهو فيركز في حملته الانتخابية على الادعاء بوجود مؤامرة من الدولة (رغم أنه يحكمها)، من أجل إسقاط حكم اليمين، ويشترك في هذه المؤامرة المستشار القانوني للحكومة، النيابة العامة، والشرطة، وطبعا بدعم من اليسار، ويحاول إظهار نفسه بأنه ملاحق سياسيا.
في الجهة الأخرى تأتي أحزاب اليسار (العمل وميرتس)، إضافة لتحالف «أزرق أبيض»، الذي يسعى للحصول على مقاعد أكثر من الليكود، حتى يمكنه تشكيل حكومة، في حين يدعي حزب العمل أن حصوله على تمثيل كبير في الكنيست سيضمن عدم انجرار قائمة «أزرق أبيض» نحو اليمين، وتحولها إلى ليكود بنسخة جديدة.
تضم قائمة «أزرق أبيض» تحالف ثلاثة أحزاب، هي: «مناعة إسرائيل»، بزعامة رئيس هيئة الأركان السابق للجيش  بيني غانتس، وحزب «يوجد مستقبل»، بزعامة عضو الكنيست يائير لبيد و»الحركة القومية الرسمية»، بزعامة رئيس هيئة الأركان الأسبق موشيه يعلون، ثم انضم إليها رئيس سابق آخر لهيئة الأركان هو غابي أشكنازي.
وقد افتتحت القائمة برنامجها الانتخابي بجملة تؤكد من خلالها أن «إسرائيل هي البيت القومي للشعب اليهودي، وهي بيتنا جميعا، ونحن فخورون بها، وملتزمون بالمحافظة على صورتها، وعلى هويتها كدولة يهودية وديمقراطية». وتضيف المقدمة: «إسرائيل 2019 دولة قوية ومزدهرة. لكنها أيضا دولة مقسّمة ومتألمة، تتعمق فيها الفجوات بين اليهود وغير اليهود، بين الأغنياء والفقراء، بين السفاراديم وإلاشكنازيين، وبين المتدينين والعلمانيين، تتباعد فيها المسافات بين المركز والأطراف، بين اليسار واليمين، وبين الإنسان والإنسان». 
يؤكد برنامج «أزرق أبيض» أنه لن يكون هناك انسحابات أحادية الجانب من مناطق فلسطينية محتلة، كما جرى في العام 2005. كما يؤكد بأن أي عملية سلمية مع الفلسطينيين مرهونة بالمصادقة عليها في استفتاء شعبي عام. وقد امتنع البرنامج عن ذكر أي تفاصيل بشأن العملية السلمية، كما امتنع عن ذكر «حل الدولتين»، أو ذكر تعبير «دولة فلسطينية».
وجاء في البرنامج: ستعمل قائمة «أزرق أبيض» على تعزيز الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية، والحفاظ على القدس الموحدة كعاصمة أبدية لإسرائيل». وأيضاً: «سنعمل على بلورة واقع جديد، يضمن الأغلبية اليهودية في إسرائيل، ويكرس الهوية اليهودية للدولة.. وفي الصراع مع حماس والجهاد ستكون إسرائيل مبادرة لا مجرورة، في غزة، علينا القيام بإجراء مزدوج: رد بكامل القوة على أي استفزاز أو عمل عنيف ضد أراضينا، من جهة، وتحرك مشترك مع جهات إقليمية يطرح أمام سكان غزة إمكانية لحياة أفضل، من جهة أخرى».
ما يعني أن تحالف «أزرق أبيض» لن يفعل سوى ما يفعله «نتنياهو» لكن باللونين الأزرق والأبيض، لوني العلم الإسرائيلي.
بالنسبة لوضع فلسطينيي الداخل، تتنافس قائمتان عربيتان في الانتخابات، هما: تحالف «الجبهة الديمقراطية»، و»العربية للتغيير»، وتحالف الموحدة: «الحركة الإسلامية»، و»التجمع الوطني الديمقراطي». وبسبب انقسام القائمة المشتركة، من المتوقع أن تنخفض نسبة تصويت الفلسطينيين حتى 50%، وبالتالي ربما يخسرون أربعة مقاعد على الأقل، في حين يمكنهم الفوز بتسعة عشر مقعدا، استنادا لنسبة الفلسطينيين التي تصل إلى 21%.

* المصدر: تقارير المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية – مدار.