نابلس - عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - ما زال مفهموم الإرهاب ضنينا على الفقهاء في القانون وعلم السياسة. وعجز العلماء عن التوصل إلى تحديد دقيق لمفهوم الإرهاب، وإن جاز التبسيط في التعريف، يمكن اختزاله في: انه كل عمل فوق القانون، ويتنافى مع حقوق وحرية وكرامة الإنسان، أو هو كل عمل وفكر وسياسة تقوم على التمييز بين بني البشر. غير أن ذلك يحيل الأمر إلى سؤال آخر، عن أي قانون يجري الحديث؟ هل القانون القائم في حدود الدول، أم القانون الدولي؟ فالنموذج الأول غالبا ما يفصل على مقاس ومعايير الحكام والأنظمة السياسية في مراحل تاريخية بعينها، وينقصها الإغناء والتطوير المستمر ارتباطا بتطور المجتمعات البشرية، وهذا لا يمكن الاعتماد عليه كأساس ناظم للحكم. أما النوذج الدولي، أو الثاني، فهو الأفضل، والأكثر قابلية للاعتماد، لأنه يعتبر بمثابة ميزان، وحكم بين مجموع القوانين والعقود المجتمعية في الدول القومية، وهو خلاصة تجربة الشعوب بعد سلسلة طويلة من الحروب والصراعات، وأيضا نتاج التجربة الإنسانية منذ عصر النهضة في أوروبا في القرن السادس عشر، وحتى بالعودة لقوانين حمورابي والحضارات البشرية القديمة. 
لكن تتمظهر أمام الخبراء والقضاة مشكلة حتى مع القانون الدولي وتفسيره، بسبب وجود إشكالية التباين واختلاف الرؤى بين العلماء. خاصة أن السمة العامة لدى رجال القانون والخبراء المختصين انحيازهم لخلفياتهم القومية، وموروثهم الفكري والثقافي، ما يؤثر على وحدة الموقف في معالجة قضية ما. وعلى أهمية مقولة "الاختلاف لا يفسد للود قضية"، إلا أن ذلك لا يحل إشكالية التباين، التي غالبا يتم حلها باللجوء إلى التعويم، واعتماد منطق عدم الجزم في الحكم النهائي، والنحو منحى ما درجت عليه العادة. وهذا لا يحل الإشكالية، بل يعقدها، ويفتح أبواب الافتراق بمستوياته المختلفة. وكوني لست مختصا في علم القانون، قد أجانب الصواب تماما في النص المتداول قانونيا فيما تقدم. 
غير أن الثابت أن العلماء والخبراء لم يصلوا إلى التعريف الدقيق للإرهاب. ولكن هذا لا يمنع من المغامرة، والغوص في محاولات الاجتهاد، وتقديم الرؤى الواقعية، أو الافتراض بواقعيتها استنادا إلى التجربة المعاشة، مع محاولة المقاربة مع التجارب الإنسانية. فضلا عن أحكام القانون الدولي العامة. فمثلا إذا توقفنا عند تفسير الإرهاب الفكري، يمكن الجزم هنا، بأنه كل فكر يرتكز على قاعدة التمييز العرقي أو الديني أو الجنسي أو اللون أو حتى المرض، هو فكر إرهابي، لأنه يعلي من شأن مجموعة بشرية لتمتعها بخاصية محددة على باقي شعوب الأرض الأخرى. وهذا مدان، ومرفوض جملة وتفصيلا. لأنه لا يمكن بعد ذلك، لكل المفاهيم التزويقية، والمساحيقية أن تغير من بشاعة وعنصرية وإرهاب هذا الفكر أو ذاك، لأن جذره الأساس، هو التمييز العنصري، الذي هو لصيق الصلة بالإرهاب، أو بتعبير آخر، هو الوجه الحقيقي للإرهاب الفكري. 
أما الإرهاب السياسي، فهو كل مقولة، أو قانون، أو عمل سياسي يستخدم لتعميم سياسات القمع، وتكميم الأفواه، وانتهاك الحريات الخاصة والعامة، وكل سياسة تصب في خدمة استغلال الإنسان للإنسان، وتغليب مصلحة فئة اجتماعية ضد طبقات وشرائح المجتمع الأخرى، وكل سياسة تقوم على التمييز ايضا، وكل عمل يخدم احتلال شعب لشعب آخر. 
نلاحظ هنا التكامل بين الإرهابين الفكري والسياسي، لأنهما يتكاملان، ولأن جذر السياسة فكري، كما أن جذرها الآخر اقتصادي، ويأتي البعد القانوني ليكسو ويغطي، أو يعري ويفضح هذه السياسة أو تلك وفقا للمعايير الإنسانية العامة. 
والنتيجة، التي نستخلصها تتمثل في تخندق الاستعمار الإسرائيلي والانقلاب الحمساوي في خندق واحد، لجهة أولا اعتمادهما على التمييز العنصري، فكلاهما يعتمد البعد الديني؛ ثانيا كلاهما يمارس البطش والعدوان الأول لتأبيد احتلاله على حساب مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني، والثاني لتأبيد انقلابه على الشعب والشرعية الوطنية لصالح أجندة الإخوان المسلمين، ولتمرير مشروع تصفوي على حساب مصالح الشعب العليا؛ ثالثا كل منهما يستخدم سياسة القمع، وخنق الحريات، وتكميم الأفواه، واستباحة المحرمات، وسحق حقوق الإنسان البسيطة؛ رابعا كلاهما ينهب ثروات، وخيرات، وأرض الشعب الفلسطيني وحقوقه وجيوبه، ويمتص دمه، ويعمل على تبديده وتصفية قضيته الوطنية.
[email protected]