النجاح الإخباري - حكومة النصف...ليس وصفاً فنياً أو ساخراً لواقع الحكومة الثامنة عشرة التي يؤلفها الدكتور محمد إشتية تحت مسمى حكومة الفصائل.

لكي تتحول حكومة أشتية من النصف إلى الكل أمامها سباق حواجز يتعين عليها أن تتخطاه أولها وأعلاها حاجز الانقسام الذي استفحل ويسير بخطى حثيثة نحو الانفصال

في البداية أحب التنويه إلى أن المسميات عند الفلسطينيين لا تعبر عن الواقع، فالحكومة التي أُنهيت خدماتها كانت تسمى حكومة الوفاق الوطني، وأمضت خمس سنوات في الحكم تحت هذا المسمى، شهدت الساحة الفلسطينية خلالها أفدح تنكيل بالوفاق، وصل حد استهداف رئيسها بعبوة ناسفة كادت تقضي عليه وعلى من معه وهو في طريقه لافتتاح مشروع تنموي في مدينة غزة.

أما حكومة إشتية التي بُشر بها كحكومة فصائل، فهي في واقع الأمر بلا فصائل وليعذرني إخوتي في فتح الذين يقدمون الحركة على أنها الفصيل الأكبر، أو القائد أن اختلف معهم في تعريفهم لحركتهم، فهي ليست فصيلاً بل هي تيار شعبي يصلح فيه وصف حركة وطنية قائمة بذاتها، ولا أغالي لو قلت إن أضعف ما في حركة فتح، إطاراتها وأقوى ما فيها هو اسمها المقترن بماضيها والذي يجمع وبصورة عشوائية كل الأطياف السياسية والفكرية التي يعج بها المجتمع الفلسطيني داخل الوطن وفي المنافي.

عودة إلى العنوان، فبعد كل ما تقدم يبدو أنه هو الأدق في الوصف، لماذا؟ حين أعلنت حماس عدم اعترافها بحكومة أشتية التي سماها الكاتب الفلسطيني الذكي حسن البطل بحكومة الفسائل، فقد سحب من تحت مظلة هذه الحكومة نصف القوى السياسية ونصف الوطن، ذلك من خلال خلو الحكومة العتيدة قيد التشكيل من العناوين التي شكلت النصاب السياسي لمنظمة التحرير، وهما الجبهتان التاريخيتان الشعبية والديمقراطية، وقد تلتحق بهما فصائل أخرى أصغرها أكبر بكثير من الفصائل التي ستشارك في حكومة أشتية.

ذلك على صعيد القوى السياسية التي تعطي لأي تشكيل فلسطيني إيقاعه الوحدوي سواءً كان هذا التشكيل في إطار الحكومة أو منظمة التحرير، أو النقابات والاتحادات الشعبية.

أمر آخر يتعلق بالنصف فقد افتتح الدكتور إشتية مشاوراته للتشكيل في ذات اليوم الذي أعلنت فيه السلطة خفض رواتب موظفيها إلى النصف، دون أن تقدم شرحاً كافياً لكيفية توفير النصف الآخر في المدى القريب أو المتوسط، مكتفيةً بتصدير مصطلح لم يعد مقنعاً، وهو أن على الناس التضحية حتى بقوت اليوم من أجل حماية الثوابت!

لتتحول حكومة أشتية من النصف إلى الكل أمامها سباق حواجز يتعين عليها أن تتخطاه أولها وأعلاها، حاجز الانقسام الذي استفحل ويسير بخطى حثيثة نحو الانفصال.

وثاني هذه الحواجز، معالجة التدهور الاقتصادي المتسارع الذي لم يعد مجرد ظاهرة سلطوية بل امتد ليصبح خطراً مجتمعياً.

وثالثها استقطاب ألوان إضافية للحكومة الخالية من الفصائل الوازنة، لعلها تكون في وقت ما مقدمة لحكومة وحدة وطنية حقيقة.

ورابعها إجراء الانتخابات التشريعية وفق قرار المحكمة الدستورية التي أعلن الرئيس عباس التزامه والتزام حكومته به، مع ملاحظة أن الأشهر الستة المحددة تتجه نحو نهايتها.

وخامسها وضع خطة لا تقوم فقط على كلمة لا لصفقة القرن بل تكون شاملة لمتطلبات المرحلة، مع الأخذ في الاعتبار أن إسرائيل لم تضيع دقيقة واحدة في سعيها المتسارع لإحكام السيطرة الراهنة والمستقبلية على الأرض الفلسطينية وما عليها من الناس، والأولوية في هذا الاتجاه كما نرى هي القدس.

من حقنا كمواطنين أن نأمل نجاح حكومتنا في هذا السباق ومن واجب الدكتور أشتية أن يحقق لنا الآمال أو بعضها.