ماهر حسين - النجاح الإخباري - كنا قد تحدثنا كثيرا عن تأثير الإنقسام الناتج عن إنقلاب حماس على الشرعية في غزة حيث تشير كل المؤشرات بأن هذا الإنقلاب تم بالتعاون مع دول بالمنطقة، في ذلك الوقت استغلت هذه الدول الخلاف الكبير بين حركتي فتح وحماس في إدارة السلطة الوطنية الفلسطينية لتجد فرصتها للدخول في تفاصيل القضية الفلسطينية.

طبعا تم الإختراق الأكبر لقضيتنا من خلال استغلال حماس التي واجهت صعوبات في إنتقال السلطة لها وفي غدارتها للحكومة الفلسطينية كنتيجة للعملية الإنتخابيه التي أدت الى فوز حماس وسيطرتها على المجلس التشريعي وبالتالي تشكيلها الحكومة.

يجب التذكير بأن حماس في ذلك الوقت كانت ترفع شعارات دينية مقدسة منها (أرض الوقف التي لا يجوز التنازل عنها ) وكانت حماس ترفض البرنامج السياسي الفلسطيني ولم تكن في منظمة التحرير الفلسطينية أصلا.

طبعا في ذلك الوقت كان هناك فجوة كبيرة بين الرئاسة حيث الرئيس المنتخب للسلطة الوطنية الفلسطينية السيد الرئيس محمود عباس وبين حكومة هنية وكمثال هنا أشير الى أن الزهار كان وزير خارجية حكومة هنية !!!! والزهار معروف للقارئ الكريم، فإذا ذُكر الزهار تذكرنا التشدد والعصبية والتعصب والكلمات القاسية ورفض المصالحة والتهكم على الوحدة الوطنية ومعاداة منظمة التحرير الفلسطينية والبٌعد التام عن الدبلوماسية والحقد والتهجم حتى على الشهداء، فهل يمكن أن الزهار وزير خارجية السلطة الفلسطينية.

كل تلك الصعوبات والتناقضات وعدم وجود خبرة سياسية لدى حماس جعلها تفشل في الحكومة ولكنها حملت فشلها لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وللرئيس أبو مازن ومن ثم قامت بالإنقلاب.

وحتى لا نبتعد عن العنوان والموضوع ... أعود للدول الداعمة للإنقلاب فلا أدري إن كان ما كتبت واضح حول دور القوى الإقليمية في دعم الإنقلاب بهدف تعزيز دورها بالمنطقة ولتمرير مخطط يتعلق بالقضية الفلسطينية، وللتوضيح فإن سيطرة أي دولة (صغيرة كانت أو كبيرة) على غزة من خلال حماس التي لا تمتلك خبرة سياسية كبيرة سيجعلها دولة ذات نفوذ إقليمي، حيث ستكون هذه الدولة المالكة لقرار غزة (مهما كان حجمها) مهمة لمصر ولإسرائيل بإعتبار أن غزة جزء من الأمن القومي المصري ومن يحكمها يٌهم مصر، وبإعتبار أن غزة وهدوء غزة هام لإسرائيل ومن يحكم غزة ويضمن الهدوء فيها يٌهم إسرائيل ولهذا تجد أن الدول التي دعمت الإنقلاب الحمساوي بالإعلام وبالمال وبالسلاح سواء كانت دولة صغيرة أو كبيرة فهي تبحث عن تعزيز دورها في المنطقة .

ولهذا نقول بوضوح بأن دعم بعض الدول لحماس في سيطرتها بالقوة على غزة لم يكن من باب الحب لحماس ولم يكن من باب التأييد لشعار (خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود ) وحتما لم يكن من باب (أن فلسطين أرض وقف ولا يجوز التنازل عنها ) بل كان من باب البحث عن دور وتحقيق مصالح على حساب حماس وقضية فلسطين.

بالمختصر هنا، إن بعض الدول الداعمة للإنقلاب ماليا أو إعلاميا أو بالسلاح استغلت حماس لتعزز من دورها في المنطقة ولتحصل على نقاط قوة تساعدها على تحقيق دور أكبر لها بالمنطقة مستغله غزة ومعاناة أهل غزة ومستفيدة من حماس وقوة حماس الجماهيرية وضعف قيادة حماس سياسيا وضعفها الشديد في فهم المحيط العربي والإقليمي.

أنا مؤمن تماما بأن حماس أكثر من فهم كمين الإنقسام وأنا مؤمن تماما بأن حماس أكثر من خسر بسبب الإنقلاب فتأثير وجود حماس في الحٌكم والسلطة بغزة على حماس نفسها هو تأثير سلبي نال منها ومن مكانتها فلسطينيا وعربيا وإسلاميا وكما أن سوء إدارة حماس لغزة وفساد نظامها هناك أدى الى تراجع مكانتها في غزة نفسها.

لقد قامت بعض الدول بدعم حماس إعلاميا وبالسلاح وبالمال لأن الإنقسام مطلوب ولأن بعض الدول تريد أن تجد دور لها من خلال قضية فلسطين، ولهذا نرى في هذا الزمن العجب العجاب.

الأن نحن نعيش تناقضات تثير العجب والتعجب والإستغراب فالمال السياسي يصل لحماس برعاية إسرائيلية وبترتيب إسرائيلي وبتسهيلات إسرائيلية بينما تقوم بنفس الوقت إسرائيل بقرصنة أموال السلطة الفلسطينية الخاصة بها !!!!!!! ويتم محاصرة السلطة الوطنية الفلسطينية حيث يمنع وصول الأموال للسلطة الوطنية بالبنوك بينما تصل أموال حماس بحقائب فاخرة عبر المعبر الإسرائيلي.

هل تعي أخي القارئ الكريم !!!!

إسرائيل تنظم دخول الأموال لحماس بدعم أمريكي وإسرائيل تقوم بسرقة أموال السلطة الوطنية الفلسطينية وتحاصرها وبدعم أمريكي.

بالمختصر لا يوجد مال حلال ومال حرام في السياسة بل يوجد مال سياسي ولهذا تصل الأموال لغزة ولحماس لأنها مستعدة لدفع الثمن والثمن معروف وبالمقابل تحاصر القيادة الفلسطينية ماليا لأنها ترفض دفع الثمن السياسي والمطلوب منها معروف.

حماس دفعت الثمن وقبضت المال ولكنها لم تحقق شيئ فالمال لا يعني الحرية وعلى حماس أن تسارع في تجاوز هذه المرحلة بالوحدة ويجب على دول المصدرة للمال السياسي بأن تعلم بأن المال السياسي قد يأتي بهدوء على طريقة (نبغي هدوء) ولكنه حتما لا يحقق سلام ولا يحقق حل عادل.