رامي مهداوي - النجاح الإخباري - تصادف وجودي بالقاهرة، السبت الماضي، مع إعلان رئيس الوزراء الأسترالي" سكوت موريسون" اعتراف بلاده بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، ليأتي الرد على لسان الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة العربية، السفير د. سعيد أبو علي، في تصريح له بأن "القرار يمثل انحيازاً سافراً لمواقف وسياسات الاحتلال الإسرائيلي، وتشجيعاً لممارساته وعدوانه المتواصل والمتصاعد، خاصة في الآونة الأخيرة، بجيشه ومستعمريه على الشعب الفلسطيني وأبسط حقوقه".

وبعد ذلك، يرد وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة على د. سعيد أبو علي بأن اعتراف أستراليا بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل "لا يمس المطالب الفلسطينية"، موقف هذا الوزير جاء تعليقاً على إدانة الجامعة العربية لهذا الاعتراف، حيث وصف "آل خليفة"، في تغريدة له على "تويتر"، الإدانة بأنها "كلام مرسل وغير مسؤول". ورأى آل خليفة، أن موقف أستراليا "لا يمس المطالب الفلسطينية المشروعة وأولها القدس الشرقية عاصمة لفلسطين ولا يختلف مع المبادرة العربية للسلام"، مضيفاً: "الجامعة العربية سيدة العارفين"، على حد تعبيره.

وعلى الرغم من هذا الوضع المتوتر، إلاّ أنني شربت مع  د. سعيد أبو علي كمية كبيرة  من القهوة _مغلية على طريقتنا الفلسطينية_  في مكتبه المطل على ميدان التحرير أكثر من مرة، تحدثنا عن أحوالنا الفلسطينية الداخلية من مختلف الجوانب، وأيضاً الأوضاع العربية العربية والعربية الفلسطينية.. استمعت إليه كما يستمع الابن لأبيه داخل المنزل والجندي لمسؤوله قبل البدء بإعلان الحرب.

د. سعيد أبو علي هو ابن بلد أصيل، عاشق تراب الوطن كأي فلاح موجود في مرج ابن عامر أو سهل طوباس وخان يونس. ذلك الانتماء العالي الممزوج بتحصيله العلمي المتنوع وثقافته العالية جعلت منه الرجل المناسب في جميع المواقع التنظيمية والوطنية والمهنية على الصعيد الفلسطيني أو على صعيد موقعه الحالي.

أهم نقطة اتفقنا عليها أنا والدكتور أنه لا خيار لنا سوى العمل والعمل بجدية وهمة مرتفعة وبالأخص من قبل الأجيال الشابة.. إن نجحنا تقدمنا وإن أخطأنا تعلمنا لنعاود المحاولة مرة أخرى، دون أن نطلق النار على أقدام بعضنا البعض مهما كانت الظروف.

وأشياء أخرى تعلمتها منه على سبيل المثال ما أستطيع كتابته للنشر هو: مدى الاستعدادية لكل الخيارات المتاحة مع وضع سيناريوهات مختلفة، والاستعدادية ليس بمفهوم قراءة الدرس قبل الاختبار بقدر الجاهزية المطلقة لسلسلة من الاختبارات التي تولد كقنبلة انشطارية. وأيضاً كيفية أن تتخطى عدداً من الألغام بدبلوماسية عالية تجمع انتماءك الوطني وإدارتك لملف من أصعب الملفات التي تزداد تعقيداً على الصعيد العربي والإقليمي، المتمثل في قضيتنا الفلسطينية، وعلمني أشياء أخرى سأحتفظ بها لنفسي لحساسية الدرس على كافة الأصعدة.

وهنا كلمة حق يجب أن أقولها، ليس فقط بحق  د. سعيد وإنما لجميع طاقمه المتمثل بأجيال عربية وفلسطينية مختلفة، أجيال تعشق فلسطين، يعلمون جيداً مقدار الحمل الذي يحملونه على أكتافهم رغم كل الأمواج التي يواجهونها.

في لقائي الثاني مع أبو علي، كان يستعد وطاقمه للذهاب إلى القاعة لحضور اجتماع مجلس جامعة الدول العربية الطارئ على مستوى المندوبين برئاسة السودان، بناء على طلب فلسطين وتأييدها من جانب عدد من الدول العربية، من بينها مصر والأردن لمناقشة توجّه أستراليا والبرازيل تجاه القدس.

كان يعلم جيداً ما هي المهمة التي عليه تنفيذها، وأن الأمور تزداد تعقيداً، لكن كما قلت لكم ما أهمية الاستعداد لكل السيناريوهات التي تعلمتها منه نظرياً.. تعلمتها منه الآن عملياً، وبصوت فلسطيني كان يلقي كلمة الجامعة العربية: "نحذر من الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونثق بقوة الشعب الفلسطيني الصامد، ولن تتخلى عنه لتعزيز صموده واستعادة دولته وعاصمتها القدس... قرار ترامب، العام الماضي، لم يلق الرد المناسب ولذا تبعته دول، وسينفرط العقد إن لم يكن هناك موقف حازم، ورفض قرار حكومة أستراليا بالاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل، ودعا الرئيس البرازيلي للحفاظ على العلاقة مع الدول العربية".

إنني واثق أنهم في الجامعة العربية يعملون جميعاً بكل إمكانياتهم وطاقاتهم... نعم لا مجال لنا سوى أن نكون ولا مجال لنا سوى العمل يداً بيد.

للتواصل:
 [email protected] 
فيسبوك RamiMehdawiPage