نابلس - موفق مطر - النجاح الإخباري - "نحن بلد فقير ماديا لكننا أغنياء بعقولنا وارادتنا"..."شعبنا واع وجدي في عمله".
استوقفني هذا الوصف المركز الذي قدمه الرئيس أبو مازن في افتتاح اجتماعات المجلس الاستشاري لحركة فتح يوم الأحد الماضي، رغم اننا عندما نكون في حضرة الرئيس تأخذنا الحيرة  اذا رغبنا في التوقف والتمعن والبحث في ذات اللحظة، لخشيتنا من فقدان التركيز على كل جملة ينطقها، وعلى أبعادها ومعانيها، لذا فاننا نصغي ونستجمع قوانا في التركيز على كل كلمة، ثم عندما نخلو لأنفسنا نبدأ بتدوير قرص ذاكرتنا فنقرأ كل كلمة أو جملة أو موقف أو فكرة  باعتبارها خطابا في كتاب خاص.
عندما تنعقد الثقة بين القائد والشعب، وبين الشعب والقائد وتصل الى حد الاطمئنان على المخزون من ثروة العقل عند أهل البلاد فهذا يعني ان الثورة تسير في الاتجاه الصحيح، فأي ثورة في العالم لا تنتصر ما لم تتبوأ العقول المبدعة موقع الريادة في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية والثقافية، فالشجاعة وحدها قد تحسم معركة، لكن العقول وحدها القادرة على حسم معركة الحرية والاستقلال، والتزام نهج التقدم والبناء والنمو والعمران الحضاري، وتجسيد منهج الديمقراطية كأسلوب حياة عصري ودائم.
شعرت بالفخر يشع من عيني الرئيس قبل ان ينطق به لسانه وهو يتحدث عن اكتشاف دول الخليج العربي وتحديدا الكويت وقطر لأهمية ومكانة وتأثير المعلم الفلسطيني على أجيال سابقة  كان للمعلم الفلسطيني الدور الكبير في تعليمها، حيث نجحت تلك الأجيال في استثمار ما تعلمته في تشكيل قواعد بناء الدولة، وكيف ان الدول الشقيقة تسعى اليوم الى استعادة خبرة المعلم الفلسطيني الى بلادها، وكيف ان الواجب يقتضي منا توسيع باب التعليم المفتوح على دول الخليج العربي.
لم يفت الرئيس الاشارة الى تخرج خمس أو ست دفعات من طلبة فلسطينيين من سكان المخيمات في لبنان درسوا في الجامعات اللبنانية على حساب صندوق الرئيس أبو مازن لتعليم الطلبة في مخيمات لبنان، في الحقيقة ان الرئيس قد قال إن صندوق الاستثمار قد تكفل بتكاليف تدريس طلاب هذه الدفعات، وأعتقد أنه قد قالها بهذه الصيغة تواضعا، فنحن نعرف ان الصندوق يحمل اسم الرئيس محمود عباس "أبو مازن".
كما لم يفت الرئيس عندما تحدث بعناية عن ضرورة ايلاء المرأة والشباب ما يستحقونه من برامج التنمية وتمكينهن، فأبدى اهتمامه بتميز الإناث في امتحانات الثانوية العامة وتبوئهن معظم المراتب العشر الأولى في قوائم الناجحين من الجنسين.
يعرف عن الفلسطينيين اهتمامهم بالتعلم وريادتهم بالتعليم، ما يعني أن الثروة اللازمة للتحرر والبناء موجودة، ولا تحتاج لأكثر من تأطير وتنظيم وتوظيف واستثمار في الوطن وفي كل مكان يمكن ان يعود بفوائد عظيمة على قضية الشعب الفلسطيني العادلة.
نشارك الرئيس أبو مازن قناعته بأن العقل الثوري الفلسطيني الذي ابدع في انتزاع استقلال قراره الوطني، وتجسيد منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني كقاعدة انطلاق تحررية لقادر على مراكمة ابداعاته النضالية الوطنية وانجازاته وانتصاراته في كل مجالات الحياة وليس في ميدان المواجهة مع الاحتلال الاستعماري الاستيطاني العنصري وحسب، ورفع أعمدة استقلال ناجز وسيادة، لنبدأ بعدها مرحلة بث إشعاعنا الحضاري نحو العالم، ولن يحدث هذا مالم نبلغ كنز الحكمة... فالرئيس أبو مازن يعتقد بأن كل مجلس وكل مركز قيادي للشعب الفلسطيني يجب ان يكون مجلس حكماء أو لا يكون.