خلف جمال - النجاح الإخباري - يلمس المتابع لوكالة معا الإخبارية أنَّ تحولاً طرأ على سياستها التحريرية منذ قصة "فاتورة الكهرباء".

يلحظ التحول المذكور عبر نوعية المقالات التي تنشر على موقع الوكالة، فكتب رئيس تحريرها، الدكتور ناصر اللحام بتاريخ (9/10/2018)، في زاوية "محاولات" ما عنوانه الآتي: "د.محمد إشتية أبرز المرشحين لتشكيل الحكومة القادمة".

والقارئ بعين المراقب، قد يطرح تساؤلات، أهو انتقام أم صدفة التوقيت؟

نشرت المادة المشار إليها، بعد يومين فقط من خبر "فاتورة الكهرباء"، وبعيدًا عما تضمنته من أخطاء، فقد احتوت على أفكار غير مترابطة البتّة، جعلتها نصًّا هجينًا، فلا هي مقال، ولا تحليل سياسي يعرف!

وإن كان ما فهمته صحيحًا، فالمراد قوله، إنَّ منظمة التحرير ترغب بتشكيل حكومة جديدة عمودها الفقري التنظيمات وبالذات فتح لمنع نشوء تيارات وأجنحة وفلتان سياسي وأمني، وأنَّ د.محمد اشتيه هو الشخصية المفضلة لقيادة هذه الحكومة.

تخبرنا أدبيات الإعلام أنَّ المقال يعالج فكرة ويحمل رأي كاتبه ويقدم رؤيته حسب خبرته واجتهاده، أما التحليل فيجب أن يتَّسم بالموضوعية المستندة لبراهين وأدلة.

وفي مادة اللحام، لا هذه العناصر توفَّرت ولا تلك. ولم يكن واضحًا، هل هو في هذا المقام يبدي رأيه الشخصي لتحقيق مآرب معينة، أم يمتلك معلومات مصحوبة ببراهين وأدلة؟

الكاتب استند في جزئية معينة على ما أسماها "المصادر المطلعة"، ولم يقل لنا على الأقل، مطّلعة أين، أهي مصادر إسرائيلية؟ أم فلسطينية؟ أم من جزر القمر؟

ويلحظ القارئ أنَّ الّلحام المعروف باهتمامه بالشأن الإسرائيلي تأثر كثيرًا بما يطالعه بالصحافة العبرية التي تغزوها المخابرات الإسرائيلية وتبث شائعات مفادها أنَّ خلافة الرئيس عباس ستؤجّج حربًا بين قادة فتح ! وهي نصف الأسطوانة المشروخة التي سمعناها منذ زمن الشهيد الراحل ياسر عرفات.

وفي محاولة أخرى للحام عنونها بـ "الثقة غير متبادلة... قانون الضمان يحتاج إلى ضمان" قال إنَّ على الحكومات أن لا تباغت الجمهور بقرارات تمَّ تدبيرها في الغرف المغلقة دون علمه، حتى لو كانت هذه القرارات لصالحه.

شكرًا يا دكتور على هذه المعلومة، لكن قانون الضمان الاجتماعي لم يحاك بالغرف المظلمة- كما تقول-، وبعيدًا عن إن كنا نتفق معه أم لا، لكن نقابة العمال والقطاع الخاص والنقابات المهنية والمنظمات الأهلية شاركت في صياغته، كذلك فصائل كبيرة وقعت عليه.

-اجتزاء التصريحات-

لم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، بل لوحظ أنَّ رأي اللحام الشخصي أصاب العناوين الإخبارية في وكالة معا.

فمثلاً عندما صرَّح رئيس الوزراء بتاريخ (15/10/2018)، إنَّ (قانون الضمان الاجتماعي خاضع للتقييم كغيره من القوانين، وأنَّ الحكومة مستعدة للاستماع من فئات المجتمع كافة، وتعدّل على قانون الضمان الاجتماعي، لكن لن تؤجّل الموعد المحدَّد لبدء العمل به)، أبرزت الوكالة الشق الأخير بالعنوان فقط، متجاهلة ما تبقى من معلومات، فكان عنوانها على النحو الآتي: "الحمد الله: لن نؤجل تطبيق قانون الضمان الاجتماعي".

وفي خضم أزمة الضمان الإجتماعي، نشرت وكالة معا بتاريخ 31/10/2018، خبرًا يزيد من تأجيج الشارع، وعنوانه الآتي (قرار برفع جمارك السيارات المستوردة).

هذا الخبر خلق نوعا من البلبة في الشارع الفلسطيني، لذلك سارعت وزارة المالية لنفيه، مشيرة إلى أنه لا صحة لما اشيع حول رفع الجمارك إلى 100%.

وعلى اثر ذلك، قامت وكالة معا بحذف الخبر عن موقعها بعدما فعل فعله في الشارع الفلسطيني، واربك الرأي العام واججه.

كيف لمؤسسة إعلامية بهذا الحجم أن تسمح لقضية شخصية بالتأثير على سياستها؟!

والسؤال الأكبر، ماذا يريد رئيس التحرير من الحكومة؟

ويُشار إلى أنَّه بتاريخ (7/10/2018) نشرت وكالة معًا خبرًا على صدر صفحتها، عنونته بـ "رئيس تحرير معًا يرفع قضية ضد وزير الداخلية بعد احتجاز جواز سفره".

ومن ضمن ما يقوله اللحام، إنَّ وزير الداخلية يستخدم منصبه للعمل في تحصيل ديون شركة الكهرباء ومقايضة المواطنين حرياتهم الشخصية.

على إثر ذلك، ردَّت "الداخلية" ببيان، فنَّدت فيه الاتّهامات بندًا بندًا، لدرجة أنَّ البعض تندَّر قائلاً، إنَّ لغة البيان تستخدم "القوة المفرطة"!

وملخَّص الرَّد كان، أنَّ وزارة الداخلية لا تملك سلطة احتجاز جواز سفر أيّ مواطن إلا وفق القانون، وأنَّ وزير الداخلية لا يعلم بقصة جواز سفر من الأساس، داعية اللحام إلى دفع ما عليه من مبالغ لشركة الكهرباء.