تحسين يقين - النجاح الإخباري - كيف نقرأ التسريبات الإعلامية؟
كيف نفكر بما رشح في الإعلام عن إمكانية اعتراف الرئيس الأميركي بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين؟
الجواب: إنها العلاقات الدولية بما فيها من علاقات قوة وضغط.
انها لغة المصالح؛ فمهما كنا رومانسيين في التفكير بالعلاقات الانسانية، فإن لغة المصالح هي اللغة العملية الأكثر فهماً، أو بالأحرى التي يؤثرها البشر.
في العلاقات الفردية والدولية على حد سواء، وعليه فلعنا ننظر الى تداعيات اية قضية تطفو على السطح الاجتماعي والدولي، ونتأمل طريقها من البداية للنهاية، سنجد ان علاقات القوة هي الحاكمة، وهي حتى تقنع الشعوب والأفراد يتم إلباسها أثوابا بجماليات مختلفة لتسويقها.
الطريق واضحة ونستطيع السير فيها، ومن خلال الاعتماد على الحقائق والحقوق معا، وتوظيف لغة المصالح بشكل مشروع لخدمة قضية نبيلة، فإننا نستطيع التأثير.
سأحاول التوضيح، لنأخذ مثلا الدول العظمى والدول الإقليمية، سنرى ان تعاملها معنا أقرب للتعامل البروتوكولي، بينما مع دول أخرى فإن التعامل يصبح مختلفاً.
بصراحة أكثر، لنأخذ العلاقات الدولية لدول مثل تركيا وإيران وإسرائيل...مع الدول الكبرى ومع بعضها بعضا؟
ولنحدد: لنتأمل في علاقات تلك الدول بدولة مثل الصين، فماذا سنجد؟ 
وعلى ضوء ذلك، سنستطيع قياس مدى وجودنا الفعال في المنظومة العالمية، كومة قش أم قطعة حديد، ربما المثال طفولي لكنه ينطبق على الوزن الدولي.
الوزن الدولي يبدأ أولا من الدولة، فكل دولة على حدة عربياً، عليها البدء في إرساء نظام حكم باتجاه العدالة، لتقوية العلاقة بين الدول والشعوب، ومن ثم، ومن الطبيعي، أن نبدأ بالأشقاء الجيران، ثم لنمتد شرقا وغربا في الإقليم العربي، بحيث يكون ناظم هذه العلاقات هو الرابطة القومية، والرابطة العملية المتحققة بالتعاون.
بعد كل أزمة، توظف الدول الكبرى أخطاءنا، في إبعادنا عن الاشتباك الطبيعي، فنبتعد عن أهدافنا، فمتى سندرك فعلا أن تضامننا داخل كل قطر عربي، وداخل الأقطار يقطع الطريق على التدخل في شؤوننا إرضاء لمصالح تتناقض مع مصالحنا؟
وعليه، لربما نستطيع باستعادة التضامن العربي أن نحقق:
• تحقيق الوئام والتخلص من قلق النزاعات.
• تقليل التدخل الدولي الى الحد الأدنى.
• توفير الموارد.
• حل قضايا النزاعات العربية في المشرق والمغرب العربيين.
• الاتجاه بقوة وجدية نحو حل القضية الفلسطينية.
• وأمور أخرى.
أما تجاذب اليمين واليسار وما بينهما إسرائيليا، فلن يكون هو الحاسم، بعد الاتفاق الضمني على إدارة النزاع لا حله.
إن استعادة التضامن العربي الفعلي، سيمكّن العرب للتحدث بثقة، عندها ستجد الدول الكبرى نفسها تضغط من أجل تسوية مقبولة عربياً.
إنها منظومة من التضامن، داخل القطر الواحد، لمناهضة التشظي والتفتيت، وداخل الأقطار العربية من خلال الجامعة العربية والمؤسسات، وجملة علاقات التعاون الاقتصادي التي تجري بين الدول العربية.
لقد بدأت مصر تتحرك، بالتركيز على الشرق، لذلك، فإن التحرك العربي المقبل، في حالة استعادة التضامن العربي، يقوي هذا الاتجاه، وهو الاتجاه العملي، بطموح استراتيجي، يجعل النظرة الدولية تجاه المنطقة العربية أكثر موضوعية.
إننا مطالبون بالنظر في محصلة ما نملك عربياً، من أجل الدخول في مضمار المنافسة بقوة، وهنا في حالة الوصول الى التوازن الدولي، فقط في هذه الحالة نستطيع الحديث عن تحقيق القوانين الدولية لانهاء الاحتلال.
ليس من الصعب تمتين النظم العربية بالديمقراطية، والعدالة، لاعادة اللحمة بين الحاكم والمحكوم، كما أن استعادة التضامن العربي ليس مستحيلا.
عربياً، لا يجب أن نستعدي أحدا، بل علينا فعلا التعاون بما يحقق أهدافنا، وهذا أمر متقبل عالميا، لكن يمكننا أن نكون أكثر تعاوننا مع من يقف إلى جانب الحق العربي.
لقد انشغلنا جميعا بما نعرفه، وكثر الحديث، والفعل الدولي، وتمثيل العدالة والقيم، متناسين مثلا ما يجري هنا في فلسطين من جرائم.
الجريمة هي الجريمة، فلماذا يتم تضخيمها هناك وتحجيمها هنا؟
لمصلحة من؟
إننا مدعوون اليوم وغدا للتفكير الجدي في حالنا، فليس للعربي أولا غير ابن وبنت بلده، ثم الجار العربي.
ومن فلسطين، البلد الأكثر مناسبة للانطلاق منها، بما تملك من علاقات ومسافات متقاربة مع الأشقاء العرب، نتمنى أن تنطلق حركة فلسطينية نشطة تتحرك لتحقيق المصالحة عربيا، لكن بشرط تحقيقها هنا.
لذلك علينا الإسراع بتحقيق المصالحة الفلسطينية كمقدمة طبيعية لتحقيق مصالحة عربية.
في هذا السياق، فإننا ننظر بأمل أن تكون زيارة الرئيس ابو مازن لعُمان مقوية لهذا الاتجاه، كون عُمان الدولة العربية التي تحتفظ بعلاقات متوازنة مع الأشقاء ومع الدول الأخرى في المنطقة.
هناك مجال لتحقيق التصالح العربي من خلال مصر وفلسطين وعُمان والأردن وتونس والأمين العام لجامعة الدول العربية، ولربما من خلال الجميع حسب مكان النزاع، حيث تبدأ مجموعات عمل عربية خاصة بكل نزاع على حدة، من أجل إنهائه إلى الأبد، حيث ستتهيأ بلادنا للتعاون الذي سيسهم في تحقيق التنمية العربية ورخاء الشعوب.
وقتها فقط، سيكون انخراطنا في عملية سلام عملية ذات معنى، لأننا سنكون متحررين من أي قيد أو تأثير سلبي أو انشغال.
وقتها يكون الاصطفاف العربي مع نفسه، لصالح نفسه، وسيكون حل قضية فلسطين بشكل خاص محطة مهمة في حياتنا جميعا، حيث سنلتفت لأنفسنا، ولمساهماتنا في الحضارة العالمية.
نتحدث كثيراً عن العروبة، والوحدة، وعما يجمعنا، إذن ما المانع الذي يحول دون تحقيق ذلك؟
لينظر كل واحد في نفسه مهما كان دوره حتى يكون مانعاً من ذلك.
هل كنا بحاجة لكل هذه الخسائر والمآسي لنغيّر من أنفسنا!
كل يوم يمر يتعمق لدى العربي حاجتنا للتضامن العربي، فمتى يتحقق!؟

[email protected]

عن الأيام الفلسطينية