د.دلال عريقات - النجاح الإخباري - أعلنت الإدارة الأمريكية أنها ستدمج القنصلية الامريكية التي تتعامل مع الفلسطينيين بالسفارة الأمريكية التي تتعامل مع الإسرائيليين في القدس. لقد افتتحت القنصلية الأمريكية منذ عام ١٨٤٤ حين قررت إدارة جون تايلر، الرئيس الأمريكي العاشر، تعيين أول قنصل أمريكي في القدس لترسيخ العلاقات الفلسطينية الأمريكية، بالرغم من ذلك ما زالت تنظر الإدارات الأمريكية المتعاقبة لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تمثل الكل الفلسطيني كمنظمة إرهابية حتى يومنا هذا.

خبر دمج القنصلية لم يلقَ اهتمام المواطن الفلسطيني، فمنذ مطلع العام كانت أخبار السفارة محط جدل وانشغال الدبلوماسية والعلاقات الفلسطينية/الامريكية التي انقطعت رسمياً بعد اعتراف إدارة ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقلها لمقر السفارة من تل أبيب إلى القدس.

دبلوماسياً، يزداد الوضع سوءاً اليوم مع قرار دمج القنصلية بالسفارة، وما يثير الدهشة هو تعقيب الإدارة الأمريكية على هذا الإجراء المُتعلق بإنهاء عمل القنصلية الأمريكية في القدس أن لا علاقة له بإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن ولا علاقة له بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الفلسطينيين -أصلاً لا يوجد علاقات دبلوماسية- ولا علاقة له بالمفاوضات ولا يؤثر على حوار مستقبلي بناء ولا علاقة له بالحدود ولا بالاستيطان ولا بالقدس التي تبقى على حد تعبير وزير الخارجية مايك بومبيو بنداً للمفاوضات!

لقد انشغلنا داخلياً بما فيه الكفاية لتحليل ما إذا كان ترامب سيقوم بمثل هذه الخطوات وظننا أنه من الطبيعي أن يكون لدى الإدارة الأمريكية بعض المستشارين الاستراتيجيين المُلمين بالوضع في الشرق الأوسط إلا أن الواقعية السياسية للنيوليبرالية التي تمثلها إدارة ترامب كسرت كل القواعد وليس أمامها ما يمنع أي إجراء تعسفي قمعي ضد الفلسطينيين ورهاننا هو خروج ترامب في الانتخابات القادمة.

على الإدارة الأمريكية أن تعلم جيداً أنه لا جدال أن قرار إدارة ترامب دمج القنصلية الأمريكية في القدس بالسفارة يعني اعتبار الفلسطينيين في القدس كأقلية تسير أمورها من خلال وحدة خاصة داخل السفارة، وهذا يعني دبلوماسياً وعملياً وبكل وضوح اعتبار القدس الشرقية المحتلة جزءا من القدس الموحدة، ونكران الحق الفلسطيني التاريخي بالقدس، على خلاف ما تدعي إدارة ترامب بأن القدس الشرقية ما زالت مطروحة للتفاوض.

بعد قرارات ترامب بخصوص القدس واللاجئين ووكالة الغوث 'الأونروا' والسفارة ومكتب واشنطن والاستيطان، من السذاجة دعوة الفلسطينيين للتفاوض أو حتى الحديث عن المفاوضات بشكل عام، وهنا رسالة لكل دول العالم والمجتمع الدولي، للأمم المتحدة، للاتحاد الأوروبي والدول العربية وكل من ينادي بحل الدولتين في ظل وجود إدارة ترامب بأن يتبنوا نظرة واقعية لما حصل على الأرض من فرض حقائق دمرت مشروع الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية. فلو نظرنا عملياً أو جغرافياً أو سياسياً سنجد أن حكومة نتنياهو وبالدعم الأمريكي قضت على حل الدولتين مما يستدعي طرح خيارات أخرى بدلاً من المفاوضات، حان وقت الأفعال واتخاذ خطوات حقيقية بدلاً من اللف والدوران حول مصطلحات العملية السلمية والمفاوضات والوساطة أو المساعدات والأزمة الإنسانية، فحكومة اليمين الإسرائيلي لم تتبنَ الفكر الإستراتيجي الذي يخدم بقاءها من خلال حل الدولتين، على دول العالم احترام دورها القانوني والأخلاقي في إنهاء الاحتلال وإزاحة كل أشكاله.

نقلا عن صحيفة القدس