باسم برهوم - النجاح الإخباري - ما ان تم التوقيع على اتفاق المرحلة الانتقالية، اوسلو-2 في ايلول/سبتمبر عام 1995, حتى بدأ اليمين الصهيوني حملة عشواء على رئيس الوزراء اسحق رابين، وملأ شوارع اسرائيل بصورة رابين وهو يرتدي كوفية ياسر عرفات، في اشارة انه خان الاهداف الصهيونية والمشروع التوسعي الصهيوني. هذه الحملة انتهت باغتيال رابين في وسط تل ابيب خلال مهرجان جماهيري داعم للسلام في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 1995.
في حينه وحتى هذه اللحظة اعتبر اغتيال رابين الشخص اغتيالا لاتفاق اوسلو وعملية السلام. وبالفعل كل المجريات والخطوات الاسرائيلية اللاحقة تأكد هذا الاستنتاج، فقد اصبح الهدف هو تقويض اتفاقيات اوسلو من اي مضمون يمكن أن يخدم الشعب الفلسطيني 
السؤال هنا لماذا قوضت اسرائيل اتفاقيات اوسلو وانهتها؟
للاجابة على هذا السؤال دعونا نتذكر ما قاله قاتل رابين إيغال عامير، الشاب اليهودي الصهيوني المتطرف عن سبب قتله لرابين، قال عامير: ان هذه الارض منحها الرب للشعب اليهودي، ويقصد الضفة، ولا يجوز ابدا مبادلتها او التخلي عنها لاي سبب من الاسباب. هذا الموقف يحاكي فعليا وعمليا جوهر الفكر والمشروع الصهيوني، والرواية الصهيونية التي تم بناؤها انطلاقا من مقولة (ارض الميعاد) والملكية الربانية لفلسطين، وبالتالي نفي الحق الفلسطيني بالكامل باي جزء من هذه الارض، ونفي وجوده كشعب من اساسه.
بالنسبة للصهيونية فان فلسطين من النهر للبحر هي (ارض اسرائيل) وهو الامر الذي اعاد التأكيد عليه قانون القومية او يهودية الدولة الذي اقره الكنيست الاسرائيلي مؤخرا. المشروع الصهيوني او الفكرة الصهيونية تقوم اساسا على التوسع والتمدد الدائم وعلى نفي وجود الاخر صاحب الحق الاصلي.لذلك فان النواة الصهيونية ترفض قطعيا اي مشروع او اتفاق يمكن ان ينسف هذه الاسس.
اتفاقية اوسلو وبالرغم مما فيها من عيوب بمنطق الحقوق الفلسطينية. الا انها اول اعتراف صهيوني بوجود شعب فلسطيني واول مشروع يمكن ان يحد من التوسع الصهيوني ولذالك قتل رابين وقتلوا معه الاتفاق.فاوسلو قائم على اساس مبادلة الارض بالسلام والقرار242 القاضي بانسحاب اسرائيل من الاراضي الفلسطينية والعربية التي احتلتها عام 1967, كما ان الاتفاق الانتقالي يفرض على اسرائيل الانسحاب على مراحل بالارتباط مع ضبط الوضع الامني.
بعد اغتيال رابين ماذا كان شعار مرشح اليمين الاسرائيلي لانتخابات عام 1996 نتنياهو، كان شعاره انهاء اتفاق اوسلو او على الاقل قتله تدريجيا.
ان اي اتفاق سياسي هو ابن الظروف الذاتية والموضوعية لكل طرف، وهو نتاج ميزان قوى.
كما ان كل طرف يقرأ الاتفاق ويفسره انطلاقا من مصالحه، والدليل على ذلك ان اسرائيل والولايات المتحدة الأميركية عندما حاولوا فرض القراءة الاسرائيلية للحل النهائي على ياسر عرفات في قمة كامب ديفيد عام 2000 رفض عرفات ذلك واندلعت الانتفاضة الثانية، التي استمرت حتى عام2005.
كل ما اراده عرفات هو وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من اتفاق اوسلو هو فرض واقع فلسطيني شرعي على الارض الفلسطينية ووضع قدميه هناك وتجسيد حقيقة فلسطينية يصعب تجاوزها.
واذكر هنا عندما استخدم عرفات مصطلح السلطة الوطنية الفلسطينية ورفضت اسرائيل التعامل معه وبقيت تستخدم النص الموجود في الاتفاقيات السلطة الفلسطينية.اعتراف إسرائيل بان هذه السلطة هي سلطة وطنية فلسطينة سيعني اعترافها بحق الشعب الفلسطيني بهذه الارض وهو امر مرفوض صهيونيا جملة وتفصيلا.
على اية حال فان عرفات ومنظمة التحرير قد فهموا اتفاقيات اوسلو انها حلقة ومرحلة من مراحل الصراع مع الصهيونية، كل تصرفات عرفات كانت تعبر عن هذا الفهم حتى حاصرته اسرائيل في المقاطعة في رام الله وقتلته بالسم.
الصهيونية واسرائيل فهمتا الاتفاق كحلقة من حلقات الصراع، لذلك هو مستمر حتى هذه اللحظة، من جانبنا نرفض صفقة القرن وهم يحاولون تمريرها وفي وسط كل ذلك الشعب الفلسطيني صامد على ارض وطنه التاريخي شاء من شاء وابى من ابى.

عن الحياة الجديدة