عريب الرنتاوي - النجاح الإخباري - لا يكاد يختلف اثنان، على أن لحركة "حماس الإسلامية" الفلسطينية، مصلحة، لا تعلوها مصلحة أخرى، في تثبيت دعائم حكمها و"سلطة الأمر الواقع" في قطاع غزة. فهي فعلت كل ما يمكن فعله من أجل الوصول إلى السلطة في العام 2007، ونفذت انقلابا داميا ومكلفا لهذه الغاية، وقدمت كل ما يمكن تقديمه لإدامة سلطتها والبقاء على رأسها في القطاع، طوال 11 سنة عجفاء، خاضت خلالها حروبا وعقدت تسويات واتفاقات تهدئة. تقلبت بين المحاور والعواصم، كما لم يفعل أكثر التنظيمات الفلسطينية "براغماتية". سعت مستميتة للجمع المستحيل بين "منطق السلطة" و"مقتضيات المقاومة"، ودائما على حساب الأخيرة، وصولا إلى اتفاق التهدئة الأخير، الذي تنظر إليه "حماس" بوصفه بديلا عن مسار المصالحة الوطنية وليس توطئة لها، كما يزعم عدد من قادتها والناطقين باسمها.

حتى الآن، لا ينطوي كل ما ورد على أية "مفاجأة" في خطاب "حماس" وسلوكها، بوصفها حركة إسلامية، تنتمي إلى مدرسة إخوانية، لطالما سعت في "شيطنة" مفهوم "القومية"، ولم تحتل مفاهيم كـ"الوطن" و"الوطنية" مكانة جوهرية في خطابها العقائدي، الذي نشأ وتمحور حول ثلاثة أقانيم: الجماعة، الأمة والخلافة، أما بقية المفردات في خطاب الحركة، ومن خلفها الجماعة الأم، من نوع: ديموقراطية، تعددية، تداول سلطة، حقوق إنسان، حقوق النساء والأقليات، المقاومة السلمية، الشراكة والمواطنة المتساوية والفاعلة، وبالطبع "الوطن" و"الوطنية" و"القومية"، فهي مفاهيم "وافدة" على خطاب الحركة/ الجماعة، و"مستعارة" بالأصل، من أيديولوجيات أخرى، ولم تستقر بعد في وجدان هذه الحركات وصميم تفكيرها، ولم تنعكس في سلوكياتها وممارساتها العملية، وليس من الصعب التخلي عنها، وتركها عند أول مفترق طرق.

لكن المفاجأة الكبرى، إنما تتجلى في موجة "التناغم" مع خطاب "حماس" وأولوياتها، التي انطلقت من معسكر اليمين المتطرف في إسرائيل.. فالوزير الإسرائيلي لشؤون الاستخبارات وعضو المجلس الوزاري المصغر، يسرائيل كاتس على سبيل المثال، يبدي معارضة شديدة لعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، وربط القطاع بالضفة الغربية، بادعاء أن ذلك يشكل تهديدا مباشرا ويمس بأمن إسرائيل.

أوضح كاتس لصحيفة "يسرائيل هيوم"، قائلا إن "أي محاولة لإعادة محمود عباس إلى قطاع غزة، وربط قطاع غزة بالضفة الغربية بواسطة الممر الآمن الذي يعبر دولة إسرائيل سيشكل تهديدا مباشرا، ويمس بشكل خطير بأمن الدولة والتوازن الديمغرافي بين إسرائيل والفلسطينيين"، مشددا على وجوب الاستمرار في سياسة "الفصل المدني بين غزة وإسرائيل (التي أعتقد أنها تشمل الضفة الغربية على ما يبدو)، ورسم خط حدودي أمني واضح بينهما".

المصدر/ الحرة