ابراهيم دعيبس - النجاح الإخباري - أمامنا قضيتان هما قضية اجتماع المجلس المركزي اولا، ومساعي التهدئة التي تقودها مصر ثانيا، اجتمع المجلس المركزي مما ادى الى انقسام جديد وخلافات وتبادل للاتهامات بين الفصائل الفلسطينية ومقاطعة البعض للجلسات، وبعد ان كنا بانقسام بين فتح وحماس صرنا بانقسام جديد بين فتح وبعض حلفائها ودخلنا في متاهة جديدة كنا في غنى عنها بالتأكيد.

وعلى صعيد الانقسام بين غزة والضفة فان هناك محاولة مصرية جادة لتحقيق تهدئة بين غزة واسرائيل وتجري بالقاهرة محادثات يشارك فيها الجميع، باستثناء حركة فتح، اسرائيل معنية بالتهدئة من اجل التهدئة وضبط ما يسمونه بالامن على حدودها مع القطاع من جهة، وتعزيز الانقسام او الانفصال بين غزة والضفة من جهة اخرى.

انهم يريدون تهدئة في غزة لتسهيل ابتلاع الضفة ، وربما في وقت لاحق تحويل غزة الى المركز وضم سكان الضفة ليكونوا جزءاً من غزة بدل الدولة التي نطالب بها، وتشجعهم اميركا على ذلك وتدعمهم وتعرب عن الاستعداد لدفع الاموال من اجل تطوير غزة وتحسين حياة سكانها.

محادثات التهدئة توقفت الى ما بعد عطلة عيد الاضحى وسيتم استئنافها ومن المرجح ان يتم التوصل الى اتفاق لان الطرفين حماس واسرائيل معنيتان بذلك.

طبعا الجميع يقف مع التهدئة وتحسين احوال الأهل في غزة وتخفيف عذاب المعاناة التي يعيشونها وتنهكهم بشكل غير مسبوق ولكن الجميع ايضا يقف ضد ان يكون ذلك محاولة لتكريس الانقسام كما هم يخططون.

وتملك مصر دوراً رئيسياً في هذا السياق ،ولا يعتقد احد انها ستوافق على عزل غزة عن الضفة او تشتيت الشعب الفلسطيني اكثر مما هو مشتت.

ان على قيادة السلطة الوطنية وفتح بالدرجة الاولى ان تبادر الى المشاركة في هذه المحادثات وان تنسق مع مصر من اجل ذلك وقبل فوات الأوان.

التربية بالتعليم

نحن نعلم في مدارسنا التربية الاسلامية ومؤخرا التربية المسيحية بشكل عام. ولكنها في تقديري تربية نظرية وشكلية اساسا ولا تصل الى حد التأثير التربوي الحقيقي على الذين يتعلمونها. ونعمل على تقسيم التربية الى قسمين او وجهتي نظر مختلفتين، المسيحي يتعلم المسيحية والمسلم عن الاسلام ولا تفكير في الجمع بينهما او في الآخرين من الاديان والعبادات المختلفة، وما اكثرها واكثر اتباعها، كالهندوسية والبوذية والملحدين واليهودية بالتأكيد.

اذا كان من المهم والضروري ان يتعلم الطالب او الطالبة عن الدين شيئا فان الأهم هو ان يتعلم المحبة والتسامح والتعاون والمشاركة وقبول الامر وغير ذلك الكثير، اتذكر مرة اننا اجتمعنا مع وزير للتربية والتعليم الفلسطيني سابقا، وناقشنا هذا الموضوع واقترحت عليه ان نستخدم في الجمل باللغة العربية او في كتب التربية الوطنية او الدينية ان محمدا زار صديقه العزيز جورج او العكس ليهنئه بالعيد، أو يبارك له بشيء جديد واستخدام اصطلاحات اخرى غير ذلك لتعليم الاخوة والمحبة بطريقة واقعية وغير التحفيظ .

الحشيش والناس

يقول كثيرون ان الضفة من جنين بالشمال الى الخليل بالجنوب تمتلىء بالحشيش والمخدرات زراعة واستخداماً، وقد اكتشفت قوات الأمن الفلسطينية مزارع كثيرة وفيها آلاف النباتات المخدرة.

وهذه المزارع ليست كلها فلسطينية من البداية الى النهاية وانما هي على الارجح لجهات اكبر من داخل اسرائيل وربما الخارج ايضاً، ولا سيما بعد التشديد بالملاحقة على ذلك والتضيق على تجاره، وهكذا تحولت الضفة الى «مزرعة» كبيرة.

وترى جهات ذات اختصاص ان استخدام المخدرات قد ازداد بين الشباب الفلسطيني بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية والشعور بالفراغ والاحباط بصورة عامة، وهذه الحالة تتطلب حلولاً سريعة وفعالة، ليست بالمراقبة او المصادرة فقط وانما بالعمل على اقتلاع جذور الذين يروجون لها ويعملون على انتشارها والمتاجرة بها، لأن هؤلاء هم «راس الأفعى» الذي يجب العمل على قطعه.

لا شك ان جهود الاجهزة الأمنية موضع تقدير، ولكنها تظل ناقصة المفعول وبحاجة الى ما هو ابعد واعمق.

نحن وباكستان

باكستان دولة اسلامية كبيرة وهامة، وهي فقيرة نسبياً ولا تتمتع باستقلال اقتصادي، مثل الدول العربية عموماً، ولكنهم في تلك الدولة يمارسون الديموقراطية الحقيقية، وقد جرت فيها انتخابات قبل ايام فاز فيها عمر خان رئيس حركة الانصاف وانهزم هزيمة ساحقة نواز شريف رئيس حزب الرابطة الاسلامي، وقد قبل بالهزيمة واعترف بها واصبح عمر خان رئيساً للوزراء، وهو شخصية رياضية مرموقة ويعارض التدخل السعودي باليمن ويؤيد انسحاب بلاده من التحالف الذي تقوده السعودية كما انه مؤيد قوي للقضية، والحقوق الفلسطينية ومعارض لسياسة ترامب المؤيدة لاسرائيل وقد وصفه بالاحمق والجاهل والكاذب.

وان كان لنا مصلحة بفوز عمر خان فإن القضية الأكبر هي لماذا لا تتعلم دولنا وقادتنا من الديموقراطية الباكستانية، وتجري انتخابات حقيقية ويفوز فيها من يفوز؟ والى متى نظل نرزح تحت نير الفردية والديكتاتوريات التي تعاني منها؟.

ملاحظة أخيرة

لماذا نكتب.. ولمن نكتب.. وما فائدة الكتابة في زماننا اصلاً؟ لا اخفي اني افكر بالتوقف عن الكتابة بعد نحو خمسين عاماً، والاسباب بسيطة وكثيرة: اولها اني لا اعتقد ان احداً يقرأ.. والقلة الذين يقرأون لا يغيرون شيئاً.. ومن يعنيهم الأمر من اصحاب القرار لا يقرأون ولا يستمعون ولا يتجاوبون في تقديري. وهكذا تصبح الكتابة هواية شخصية وتعبير عن الرأي والمزاج احياناً، فقط ولا غير. هناك من يقول ان التعبير عن الرأي هام ولو شخصياً، ولو كان محدود التأثير، وهذا صحيح... ولكن الى متى والى أي مدى..

ولكن للتعبير عن الرأي توجد وسائل اخرى كثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي الذي يستفزني كثيراً في معظم مواضيعه. ينشر البعض صورة شخصية ونجد عشرات ان لم يكن مئات «اللايكات» والتعليقات، والتساول كم من الناس يقرأ ويستمتع بما نكتبه على صفحات الجرائد، هل هناك عشرات او مئات القراء، كما هي الحال بالفيسبوك او غيره؟ اشك في ذلك كثيراً، وان كنت أتمناه...!!