د.دلال عريقات - النجاح الإخباري - تُسوّق إسرائيل نفسها على أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، بالمقابل نشهد نحن الفلسطينيين بأن واقع الدولة الإسرائيلية مليء بمظاهر التمييز والفصل العنصري (الابارتهايد) ضد الفلسطينيين والعرب داخل إسرائيل، وترد إسرائيل بالاستهزاء بشهادتنا وإنكار إدعاءاتنا وكان آخر استهزاء الأسبوع الماضي في الكنيست بالرغم من حقيقة وجود اكثر من ١٨٥ قانون عنصري في اسرائيل.

ما حصل في البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" من التصديق على "قانون القومية اليهودي"، أثبت شهاداتنا لا بل وأخرجها إلى مستوى الإلزام بالقانون، لقد تم إقرار الكنيست للقانون بالقراءة الثالثة والأخيرة بأغلبية 62 نائبا مقابل معارضة 55 وامتناع اثنين، وتم تصنيف القانون كقانون أساس وهو أحد ١٣ قانون له صبغة دستورية.

القانون ينتقل بالعنصرية والتمييز من ال de facto الى de jure أي من الواقع الممارس عملياً إلى الواقع المشرعن قانونياً للأسباب التالية:

• القانون يحصر الدولة القومية بـ"الشعب اليهودي"، إذاً جاء للمصادقة القانونية عَلى التمييز والفصل العنصري الذي تمارسه اسرائيل. فالكنيست الإسرائيلي أعلن أن دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي فقط.

• حق تقرير المصير يخص الشعب اليهودي فقط ويستثني فلسطينيي 48 ويهمش دورهم السياسي والاجتماعي في البلاد.

• القانون لا يستثني فقط الفلسطينيين ولكنه يستثني كل من هو ليس يهودياً! اَي المسلمين والمسيحيين والدروز الخ !

• القانون يلزم المحكمة العليا في إسرائيل بتفضيل "الهوية اليهودية للدولة" على القيم الديمقراطية في حال وقع تناقض بين الهوية والديمقراطية. ويأتي النص (يهدف القانون إلى حماية مكانة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، من أجل إرساء قيم دولة إسرائيل في قانون القومية كدولة يهودية وديمقراطية). نجد هنا تناقضا كبيرا مع أسس الديمقراطية ووفق مصادر إٍسرائيلية، لقد اضطر الوزراء لتعديل نص القانون عدة مرات لتمريره وتخفيف الصبغة العنصرية في الصياغة.

• استبعاد اللغة العربية، التي كانت إلى جانب العبرية لغة شبه رسمية للدولة، إذ ستصبح العبرية اللغة الرسمية في إسرائيل، على أن يكون للعربية "مكانة خاصة" وفق ما ينص القانون.

• يشرع القانون الاستيطان بل ويشجعه ويدعمه، إذ ينص على أن "تنمية الاستيطان اليهودي من القيم الوطنية، وستعمل (إسرائيل) على تشجيعه ودعم تأسيسه". وهذا مخالف للقانون الدولي ولاتفاقيات السلام، المجتمع الدولي ينظر للاستيطان كأبرز العراقيل أمام تطبيق حل الدولتين، إذ يقطع الأراضي الفلسطينية ويمنع التواصل الجغرافي بينها، فضلا عن أنه غير قانوني وفق الشرعة الدولية.

احتفل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بتبني القانون ووصف التصويت بأنه "لحظة حاسمة في تاريخ دولة إسرائيل"، بالمقابل مزق النواب العرب نسخاً من القانون وألقوها أمام أعضاء الكنيست. السؤال الان لدولة اسرائيل العنصرية الأكبر في الشرق الأوسط هو إذاً كيف ستتعامل هذه الدولة التي تسوق شخصيتها الديمقراطية مع ٢ مليون من أصل ٩ مليون مواطن؟ لقد تم تبني الأداة القانونية لمواجهة هذا القانون؛حيث سيلجأ النواب العرب للمحكمة العُليا إلا أننا نعلم أيضاً أن تعديل القانون يحتاج الآن لغالبية ثلثي الكنيست، كما أن منظمة التحرير الفلسطينية ستتوجه بهذا القانون إلى الأمم المتحدة والمحاكم الدولية.

خطورة هذا القانون تكمن في حقيقة أنه ينفي الحقوق المدنية لغير اليهود وخاصة العرب الفلسطينيين، نحن نتحدث عّن ٢٠٪؜ من المواطنين في اسرائيل من فلسطينيي ٤٨، اَي غير يهود. القانون يؤسس لمرحلة مستقبلية خطيرة جداً، فبعد هذا القانون لو طرح حزب الليكود او غيره من المتطرفين على سبيل المثال مشروع قانون جديد لسحب المواطنة والجنسية الإسرائيلية لكل من هو ليس يهودياً أو مشروع قانون لطرد كل من هو غير يهودي أو مشروع قانون لاستبدال الجنسيات بإقامات مؤقتة، لن يكون هناك ما يمنع المصادقة على مثل هذه القرارات العنصريّة حيث أن قانون القومية اليهودي يمهد الأساسات اللازمة لاتخاذ اَي إجراء عنصري مهما كان متطرفاً.

والأخطر من هذا كله أن لا حدود واضحة لهذه الدولة القومية اليهودية التي يتحدث عنها القانون العنصري وهذا يشكل خطراً على الحق الفلسطيني المحفوظ دولياً على أراضي ١٩٦٧!

عن القدس الفلسطينية