منال الزعبي - النجاح الإخباري - يحاول الإعلام الإسرائيلي جاهدًا اختراق الوعي العام، ويكرّس في سبيل أهدافه كل السبل، خاصة اللغة العربية ليمتلك الحجة والبرهان بلغتنا كعرب.

انتبه مؤسسو إسرائيل لدور الإعلام منذ هرتزل لكنهم تعاملوا معه قبل تأسيس إسرائيل كإحدى أهم أدوات بناء الدولة. ولا يخفى أنه قبل عام (1948) أنشأت الحركة الصهيونية إذاعة موجهة للشعب اليهودي، وأخذت تطبع (14) صحيفة بينها (4) ناطقة بالعربية، ومن بين هذه الصحف اثنتان على الأقل تعدُّ اليوم مرجعاً للأخبار التي تخص إسرائيل في العالم، وهما صحيفتا هآرتس ويديعوت أحرونوت.

ومثل هرتزل ظل ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل مؤمناً بشدة بأن للإعلام دوراً ووظيفة، فأعلن بعد توليه منصبه تأسيس «هيئة رؤساء تحرير الصحف»، وهي الهيئة التي تشير كثير من الدراسات إلى أنها كانت تتبع بشكل أو بآخر جهاز الموساد الإسرائيلي، الذي تحكم بشكل كبير في المعلومات التي يجب أن تنشر أولًا.

وهو من خلال ذلك يسعى لرسم صورة ذهنية إيجابية عن الكيان المحتل وكسْر الحاجز النفسي بينه وبين المحيط العربي، ليتحوّل من غدّة سرطانية تنهش الجسد العربي، إلى "دولة" أساسية في نسيج منطقة الشرق الأوسط، تمهيدًا لتقبلها ومن ثمَّ  يغدو التحالف معها ضرورة سياسية واقتصادية.

والسؤال الصعب لماذا نفسح له المجال لاستعراض قدراته بل ونصغي لما يقوم تاركين له فرصة التلاعب بفكر شبابنا وحديثي العهد بالقومية والوطنية والانتماء؟ لماذا نُدخل الغزو الفكري بيوتنا وحياتنا برضى تام؟

فهذا "أفخاي أدرعي" يتحوّل إلى نجم إعلامي عربي، يظهر مرارًا وتكرارًا على بعض الفضائيات العربية، في البرامج ذات المُتابَعة الجماهيرية الكبيرة.

ولم يأتِ هذا من فراغ! فقد انتبه الصهاينة باكرًا لقدرة الإعلام على التأثير والمساس بالمعتقدات ما بين فرضيات ومسلمات.

وللتلفاز بالغ الأثر إذ يضع لنا الإطار العام للتفكير ويحصرنا فيه

تطبيقًا لمقولة: "الموجود هو الموجود على الشاشة فقط"، ما يجعله من أخطر الأبواب إذا ما طرقه محتل يدري ويدري أنّه يدري.

والمثير للضحك والقلق والسخرية في آن الاستشهاد ببعض الألفاظ والمصطلحات الإسلامية، في حين يُحال بيننها وبين لغتنا ومسلماتنا وتضرب ثقافتنا في عمقها فنصبح أرضًا خصبة لأي غرس شوكي سام تمارسه الدعاية الصهيونية في حرب نفسية مُمنهَجة على المُشاهِد العربي من خلال تقديم رواية "إسرائيل" مُزيّفة والإصرار على إقناع المُشاهِد بها، على منهج "إكذب الكذبة وصدقها".

ألا نرى أنَّ ظهور اولئك الصهاينة في إعلامنا العربي وتقمصهم للغتنا بأيدولوجية مفطرة يخلق علاقة شبه اجتماعية بينهم والمشاهد العربي؟

وهي رسالة مبطنة تضع لهم قبولًا في لاوعينا.