أحمد عبد الغني - بمشاركة أحمد عبد الغني - النجاح الإخباري - بقلم : أحمد عبد الغني

لا يختلف اثنان على أن تحقيق المصالحة الداخلية الفلسطينية أصبحت حلماً لكل حريص على وطنه في ظل التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية والهموم والمصائب التي يعيشها المواطن في قطاع غزة، إلا أنها ورغم الخطوات التي اتخذت على الأرض، اصطدمت كما كان متوقعاً بوضع عقبات من قبل حركة حماس التي ترفض التخلي عن الحكم وتحاول أن تظهر بمظهر الحريص على المصالحة وتحقيقها وأنها فعلت كل ما طلب منها؛ ولكن الحقيقة أن حماس كل ما تريده من المصالحة أن تلقي بأعباء القطاع على حكومة التوافق الوطني لتكون بمثابة صراف آلي لها، الأمر الذي لم يتحقق وكُشفت لعبتها للكل الفلسطيني والوسيط المصري، بدليل أن وفداً مصرياً وصل القطاع للإشراف على تسليم الوزارات بعد العقبات التي حدثت في أكثر من وزارة، كسلطة الأراضي، والطاقة والعدل وغيرها.

ويبدو واضحاً أن التيار الرافض للمصالحة في حركة حماس كانت له الكلمة العليا، لأن هذا التيار الذي يتزعمه محمود الزهار، قال للبعض في لقاءات داخلية بعد توقيع تفاهمات القاهرة في 12 أكتوبر الماضي، "المصالحة لا ولن تحدث، والأيام بيننا".

وبعد البدء بإجراءات تنفيذ تفاهمات القاهرة ووصول الحكومة إلى القطاع وما جرى بعدها ظن الشارع الذي استبشر خيراً بما جرى أن حماس جادة وهذه المرة ستكون نهائية وستتم المصالحة على أرض الواقع خاصة في ظل الاهتمام المصري الكبير الذي يولي الموضوع أهمية بالغة، ولكن الأيام كشفت أن كلام الزهار هو النافذ في حماس، رغم تغييبه عن مشهد المصالحة خلال وجود الحكومة والوفد المصري ولم يظهر إلا ديكوراً إلى جانب من يسيرون على نهجه.

واليوم، يخرج الزهار ليتطاول على حكومة الوفاق الوطني، التي جاءت بناء على اتفاق بين حركتي فتح وحماس في منزل رئيسه إسماعيل هنية في مخيم الشاطئ في الثاني من يونيو 2014، ليقول في جلسة خاصة بكتلة حماس البرلمانية منتهية الصلاحية، بأن الحكومة غير شرعية ويجب محاكمتها وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، ليتأكد فيه ما وصفه به السيد الرئيس حينما قال عنه خلال جلسة المجلس المركزي لمنظمة التحرير الشهر الماضي بـ "أبو لسان طويل"، نظراً لأن الجميع يشهد بطولة لسانه وتغريده خارج السرب.

كما أن تصريحاته في هذا التوقيت تأتي بالتزامن مع الجهود المصرية التي تحاول تذليل العقبات أمام المصالحة وتهدف إلى قطع الطريق أمام الجهد المصري المشكور والحريص على لم الشمل الفلسطيني الذي لا يحرص عليه الزهار ومن هم على شاكلته.

وتطاول الزهار لم يقتصر على حكومة الوفاق الوطني، فقد سبق وتطاول على القيادة الفلسطينية والراحل ياسر عرفات والفصائل الفلسطينية المنطوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية ووصفهم بأوصاف مشينة، الأمر الذي يقتضي رفع الغطاء عنه من قبل قيادة حركة حماس إذا كانت فعلاً تريد المصالحة الحقيقية.

ولا بد من الإشارة إلى أن ما حدث من طرد موظفي حماس لموظفي السلطة بعد قرار مجلس الوزراء بعودتهم للعمل، كان بقرار من قيادات في حماس وعلى رأسهم الزهار، لتعطيل المصالحة وليصوروا للرأي العام أن لا علاقة لهم بالأمر وإنما مطالب الموظفين.

والغريب، أنه ورغم إعلان دولة رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمدالله عن وجود خطة انعاش اقتصادي لقطاع غزة، واستعداد الحكومة لاستيعاب 20 ألف موظف من الذين عينتهم حماس عقب 2007، شريطة تمكين الحكومة، إلا أن ذلك لم يلق آذاناً صاغية، فهم يريدون ما يريدون لتحقيق مكاسب لهم، ويبقوا الحاكمين الفعليين على الأرض وهو ما لا يمكن له الحدوث حتى لا يتكرر المشهد المأساوي الذي قامت به حماس في 2007 والذي لا زال عالقاً في أذهان كل فلسطيني.

كما لا يشك أحداً في أن الاحتلال الإسرائيلي من أسمى أمانيه أن يبقى الانقسام الفلسطيني قائماً، ويريد لحركة حماس أن تبقى حاكماً لغزة، وتصريحات الزهار تصب في نفس الهدف وهو استمرار الانقسام وعدم تحقيق الوحدة لتبقى حاكمة على الأرض. علماً أن الوحدة الفلسطينية تشكل خطراً على إسرائيل خاصة في هذه الظروف العصيبة التي تعصف بالقضية الفلسطينية بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول القدس، والإجراءات التي اتخذتها بحق المؤسسات الدولية وخاصة الأونروا للضغط على الفلسطينيين وتركيعهم، إلا أن الرئيس محمود عباس قال "لا" في كل المحافل الدولية لأمريكا وأنه سيذل كل الجهود من أجل استعادة الحقوق الفلسطينية المسلوبة من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وفي تصريحات الزهار ضد الحكومة استذكر قول الشاعر:" وإذا أتتك مذمتي من ناقص.. فهي الشهادة لي بأني كامل.