موفق مطر - النجاح الإخباري - "الله الغني".. "نحن أصحاب القرار وهذا القلم هو الذي يوقع، لا أحد يوقع نيابة عنا".

الفلسطينيون أغنياء بأرضهم المقدسة، وبقدسهم، أغنياء بإرثهم وماضيهم وحاضرهم النضالي، وأغنياء بوحدتهم الوطنية وتعاضدهم وتماسكهم وثباتهم وصمودهم، أغنياء برغيف خبز يتقاسمونه حتى لا يذل ضعيف او جائع، وحتى لا تهان كرامة مواطن في وطنه.

الله الغني.. أما دونالد ترامب رئيس امبراطورية المال والدولار في العالم فانه فقير حتى لو تحولت جبال بلاده وصارت ذهبا.

الغني هو الذي يجسد ويكرس قيم العدل والحرية والسلام، أما المستكبر المنحاز للظالمين فانه فقير حتى لو امتلك اشد الأسلحة فتكا، فالتاريخ يكتب بقلم الأخلاق والفضيلة، والمعدوم هو الذي يعتقد بقدرة شيطانه الكامن في نفسه على أخذ ما يريد من العالم بالشيطنة والغدر والارهاب.

الله الغني، يمد عباده بصبر عظيم لا يدركه القاصرون المتمترسون في خنادق الاستعباد، المتربحون من (تجارة العبيد)، المتخلفون عن قطار تقدم الفكر الانساني وتطوره، حتى لو بدا انهم عند الديمقراطية والحرية عاكفون، فهؤلاء جاهليون يعبدون اصناما، قدموها على الانسان وكيانه المقدس، انهم كذلك لأنهم ما زالوا يعتقدون بقدرتهم على شراء وبيع أبناء آدم، مجتمعات وشعوب ودول ومنظومة اممية.

الله الغني قالها الرئيس ابو مازن امس الاول الثلاثاء في احتفالية القدس عاصمة الشباب الإسلامي 2018، ونعتقد أن الرسالة قد بلغت دونالد ترامب في البيت الأبيض بواشنطن، ومندوبته في مجلس الأمن نيكي هيلي اللذين يهددان يقطع أموال المساعدات كانت حكومات واشنطن السابقة قد تطوعت لتقديمها لنا في إطار تعزيز العملية السياسية، ودفع الاتفاقات للانطلاق من بوابات السلام.

لا يستطيع أحد منع الرئيس الأميركي دونالد ترامب من التراجع عما قرره رؤساء سابقون للولايات المتحدة الأميركية، لكن واحدا في العالم لا يستطيع اخضاعنا، أو اذلالنا، او مجرد التفكير بمساومتنا على حريتنا واستقلالنا، او على قدسنا، فالقدس عاصمة فلسطين التاريخية والأبدية، هي روح هويتنا، وشخصيتنا الوطنية، كما ان واشنطن وباريس ولندن وموسكو وطوكيو وبرلين وكل عاصمة في دول العالم هي قدس أقداس الكيانية السياسية لأي شعب في هذا العالم.

اذا قبل دونالد ترامب ببيع واشنطن، فاننا نحن الفلسطينيين سنعرض عليه ثمن قدسنا، وان كنا نعتقد انه لايستطيع تأمين الثمن، فهو يحتاج الى ابادتنا نحن الصامدون هنا، وابادة اكثر من خمسة ملايين لاجيء فلسطيني في دول العالم، وابادة ثلاثمئة مليون عربي، والف مليون مسلم وتحديدا من فئة الشباب، وآلاف المسيحيين الذين يحجون الى بقاعها المقدسة، واقتلاع مهد المسيح ومغارة قيامته والمسجد الأقصى، وشحنهم في مركبة ابولو الى كوكب نيوتن، حينها سيتمكن من الاستيلاء على القدس وتقديمها للمستوطنين المستخدمين جنودا في حملته الاستعمارية.

ما بين قلم رئيس الشعب الفلسطيني محمود عباس، وقلم الرئيس الأميركي دونالد ترامب فارق عظيم، بواقع مئة وثمانين درجة، فهنا قلم الرئيس الانسان، رئيس السلام، رئيس الشعب المناضل من اجل الحرية، رئيس شعب حضاري، وابن ارض مقدسة يعرف ويعتقد كل المؤمنين في العالم أنه كذلك، أما قلم ترامب، فهو قلم الرئيس الذي وقع (بخطه المسخم) على واقعة اغتصاب تاريخية، فصار وبمنطق القانون قلم رئيس أعداء الانسان، قلم رئيس الحرب، وقلم رئيس منظومة الاستكبار والاستعباد.

قلم الرئيس محمود عباس لا يوقع الا وثيقة الحرية والاستقلال، ومن يعتقد بغير ذلك فليس عليه الا كسر كل اضلاع الشعب الفلسطيني، التي كل ضلع في صدر فلسطيني او فلسطينية سيتحول الى قلم للامضاء على سجلات الكفاح حتى يوقع الشعب كله وثيقة الحرية والاستقلال.