فيصل أبو خضرا - النجاح الإخباري - جاء نائب الرئيس الأميركي ، مايك بنس، الى المنطقة حاملاً المخطط المعد مسبقاً في البيت الأبيض مع نتنياهو، واضعاً نصب عينيه عدة أهداف، أهمها إقناع زعماء الدول العربية التي لها معاهدات صلح مع اسرائيل ، بفوائد خطة رئيسه ترامب، التي تتضمن اولاً انهاء الصراع العربي الاسرائىلي في المنطقة وفرض حل سخيف للقدس ، يبعد الفلسطينيين عن التفكير بالحلم الفلسطيني، باعتبار القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة، علماً ان هذا يشكل تنازلا فلسطينياً ايضا، لأن القدس الغربية هي ايضاً ملك للفلسطينيين وتوجد فيها املاك مقدسية وفلسطينية عدا المقابر التاريخية وعدا عن ان القدس بموجب قرار التقسيم تخضع لنظام دولي، وهو ما يعني ان ترامب تجاوز كل الخطوط الحمراء بما فيها القانون الدولي .

يأتينا هذا المتعصب انجيليا، لدعم الاحتلال في الغاء وكالة الأونروا ، والسبب هو محاولة الغاء حق اللاجئين بالعودة، عدا عن تداعيات هذا القرار على اللاجئين في المخيمات، الذين تشردوا من بلادهم بسبب سياسة بريطانيا الاستعمارية ولا زالوا يعيشون أوضاعاً مأساوية بسبب هذا الإنحياز الأميركي الأعمى للاحتلال.

ان السيد بنس جمهوري ومن المتعصبين جداً لـ "نادي الشاي"، الذي يمثله ويعمل على تقويته، وهو النادي "المسيحي" الداعم الأساسي لاسرائيل، والذي يعتقد بأن بناء الهيكل المزعوم ضروري جداً لتقريب قدوم المسيح المخلّص.

وما من شك ان اختياره لمصر جاء اولاً بزعم أن الأقليات فيها سترحب به كداعم لحقوقها كأقلية، ولكن البابا تواضروس قطع عليه الطريق من أول اعلان لزيارته ومن ثم لمواقفه الوطنية في اجتماع الأزهر الأخير حيث ابلغه بأنه لن يستقبله، وهو ما ينسجم مع موقف شيخ الأزهر الذي أعلن مقاطعة بنس أيضاً.

ومن الناحية الأخرى جاء بنس لإقناع الزعامة المصرية بأن تضغط على الرئيس محمود عباس للاجتماع بالقيادة الفلسطينية كي تقبل بما يسمى "صفقة العصر" التي يعدها ترامب، وذلك مقابل دعم أميركي لمصر في مواجهة "داعش" اي التخلي عن القدس و٤٠ بالمائة او أكثر من الضفة، وشطب قضية اللاجئين، مقابل تعويضات سياسية أو مالية، لأنه جاهل بتاريخ مصر، أرض الكنانة العربية الداعمة لعروبة القدس ولحل الدولتين، ولا أحد يستطيع الضغط على مصر لتغيّر سياستها الخارجية المستقلة، وهي اكبر دولة عربية، حاضنة الجامعة العربية، وكان من الأجدر ببنس ان لا يتدخل في الشؤون الداخلية او الخارجية المصرية، فأميركا التي كنا نعتقد بأن أساس وجودها هو الديمقراطية و الحقوق والحريات التي ينادي بها الدستور الاميركي، أصبحت للأسف تتحدث بلغة الدولار والجبروت ورمت جميع قيمها الانسانية في سلة المهملات منذ وقت طويل لصالح حليفتها الرئيسية في العالم اسرائيل، التي تتشدّق بأنها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تُمارس الديمقراطية، ولكن الحقيقة التي يراها العالم أجمع، هي أنها الدولة الوحيدة في العالم التي تُمارس التمييز العنصري، والتنكيل بأطفالنا أمثال عهد التميمي وقبل ذلك احراق متطرفين للفتى ابو خضير والطفل الدوابشة وعائلته وغير ذلك بكثير من الجرائم بحق أطفالنا.

هذا هو نائب الرئيس الذي جاء ممثلا للجاهل سياسيا والضارب عرض الحائط بكل الاخلاق والمبادىء الدولية، رئيسه ترامب، الذي كذب على الفلسطينيين بوعود «صفقة القرن» وأولها استبعاد اهم بند فيها، القدس، عاصمة فلسطين الابدية وشطب حق العودة.

ألا يعرف بنس منطقة الشرق الاوسط الملتهبة الان في صراعات مذهبية من اختراع بلده امريكا، والتي تفعل كل شيء لإرضاء حليفتها اسرائيل، التي تعمل جاهدة لابتزاز كل دولار من جيب الامريكي كي تكرس وجودها كقوة مهيمنة في منطقة الشرق الأوسط على حساب الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، وتعتمد على بنس المحافظ الانجيلي، والجمهوريين الجهلة في معرفة وطنية الشعب الفلسطيني واصراره على حقوقه؟!.

هذه الدولة العظمى سلمت العراق لايران وخلقت حروباً دينية ومذهبية في عدة دول عربية كانت تعيش باستقرار مع جميع الاقليات، كل في دولته كشعب واحد.

بنس القادم من امريكا والمتعصب دينيا لمصلحة اسرائيل جاهل اكثر من رئيسه بتاريخ الشعب الفلسطيني الذي مرت عليه عدة حروب من الشرق ومن الغرب ، وتوالى عليه المستعمرون والجميع رحل وبقي شعبنا صامدا في ارضه قبل اليهودية والمسيحية، وبعدهما في العصر الحديث في ظل الحكم العثماني ومن ثم الاستعمار البريطاني، وحتى اتانا اليهود من بلاد الاشكناز بدعم السيد بنس وأمثاله. وهذا الشعب سيظل صامدا امام هذا الاستعمار الجديد القديم الذي لن يكون أفضل من المستعمرين الذين سبقوه.

فهل يعتقد ترامب أو بنس أو غيرهما أن أمريكا تستطيع ان تمرر املاءاتها الشيطانية على شعب الجبارين، أبناء الكنعانيين، وابناء نوح الأصليين وليس المزيفين؟ لقد قلنا ونعيد القول بأننا باقون والزمن في صالحنا، مثلما قال الزعيم الفلسطيني، الحاج امين الحسيني، بأن قضيتنا ربانية ونحمد الله على هذا.

أما زيارة بنس للاردن الشقيق فلا بد أن تكون أكثر خيبة من مصر، لان العاهل الأردني كان قد أنذر سيد بنس بأن الاعلان عن نقل سفارة اميركا الى القدس واعتراف امريكا بأن القدس هي العاصمة الابدية لاسرائيل سوف يزيد من كراهية العرب لامريكا، ويجعل من امريكا دولة منبوذة لدى الاردنيين والفلسطينيين والعرب جميعا، حيث وجد بنس بالاردن شعبا يكره السياسة الاميركية المنحازة للظالم. ويقدر شعبنا هذه المواقف للاردن الشقيق ملكا وشعبا.

وفي اسرائيل وجد بنس الترحيب والتهليل من نتنياهو وشلته من عتاة اليمين المتطرف، ولا شك أنه استمتع بلقاء هؤلاء المتطرفين. ورغم انه متعصب انجيليا الا انه اقدم على الصلاة في حائط البراق الملاصق للأقصى، اعتقادا منه بأنه يصلي بحائط المبكى. لأنه حسب معتقداته المسيحية المتطرفه فإن بناء الهيكل سيسرّع في عودة المسيح المخلّص متجاهلا قرارات الشرعية الدولية بشأن الاقصى وحائط البراق قديما وحديثا.

بهذه الزيارة الاستفزازية المرفوضة يكون بنس قد طمأن المحتل واهماً بأن القضية الفلسطينية انتهت، فـ «القدس الموحدة» اصبحت اسرائيلية بالنسبة لأميركا، كما ان واشنطن رضخت لأوامر اسرائيل بقطع الاموال عن الاونروا تدريجياً انذارا للفلسطينيين بأن لا عودة لهم لبلادهم أو أراضيهم التي سلبها الاحتلال منهم، ولم يبق لكم الا طرد اهلها الباقين في فلسطين الى خارجها ونحن مستعدون لمساعدتكم.. هدا هو لسان حال بنس وإدارته للأسف!.

وهذه هي أخلاق واستحقاقات الجهلة امثال ترامب وبنس الذين يريدون قلب حقائق التاريخ والكتب السماوية والقوانين والقرارات الدولية والتمييز العنصري في بلادنا المقدسة.

ومع الأسف فإننا بالمقابل ما زلنا في أول الطريق، أي اننا لم نتمكن بعد من إنهاء الإنقسام المأساوي وتوحيد قوانا كي نجابه هذا الاستعمار بقوة وصلابة شبابنا وشاباتنا للوقوف موحدين .

الشعب الفلسطيني قال ويقول لبنس: انك رجل جاهل سياسيا وتاريخياً وقدومك الى بلادنا ليس مرغوباً فيه، لا انت ولا سيدك ولا أي شخص من هذه الإدارة، لأن وجودكم في فلسطين العربية الاسلامية والمسيحية لا يشرف هذه الأرض المباركة، وعليك العودة الى رئيسك وإبلاغه بهذه الحقائق.

والآن على العرب والمسلمين والدول التي وقفت معنا أن ينفذوا التزاماتهم كما وعدوا، كي يستطيع الشعب الفلسطيني مواصلة نضاله العادل لدحر هذا الاحتلال وتحقيق اهدافه المشروعة شاءت إدارة ترامب أم أبت.

الشعب الفلسطيني بجميع أطيافه يحيي المواقف الفلسطينية الوطنية الأصيلة للقائمة العربية المشتركة في الكنيست وخصوصاً موقفهم الرافض لزيارة بنس وصرختهم أمامه ان القدس فلسطينية عربية.

قلنا ونعيد القول بأنه ليس لنا إلا سواعد أبناء الشعب الفلسطيني جميعه من «فتح» و«حماس» والفصائل والمستقلين شباباً وشيوخاً، والعودة الى الوحدة الوطنية لاحتضان ودعم انتفاضة شعبية سلمية لانهاء الإحتلال، ونعيد القول بأن الحرية لا تعطى بل تنتزع، وما نراه اليوم ليس انتفاضة شعبية حقيقية بل هبات فردية، فهل تقوم فصائلنا وقوانا الوطنية كافة بدعم هبة شعبية سلمية كما قرر مجلسنا المركزي مؤخراً؟